في لقاء مع قداسة البابا شنوده دار الحوار حول الإرهاب وأهدافه وكانت رؤية البابا شنوده واضحة وعباراته غاية في الوضوح تؤكد أولا أن شعب مصر كان وسيظل شعبا واحدا ولن تستطيع قوة أن تفرق بين الأشقاء أبناء الوطن الواحد وإذا كان هناك من يسعي إلي إثارة الفتنة الطائفية ويجد استجابة من بعض ذوي النفوس الضعيفة أو ذوي النبات الخبيثة أو المنشقين علي الإجماع فإن ما يفعلونه لا يزيد علي أن يكون طلقات طائشة تحدث صوتا ولا تصيب هدفا.
كان قداسة البابا واضحا في التعبير عن رؤيته لحادث أبو قرقاص فقال لي أن الذين استشهدوا فيه ثمانية من الشباب كانوا يسبحون الألة الواحد الذى نعبده جميعا وإن كنا نتألم لفراق هؤلاء الأحباء لكننا نثق أن الرب اختار هذه الأرواح البارة لتنضم إلي زمرة الشهداء وفي غمرة هذه الأحداث أسجل أن الرئيس حسني مبارك سارع بالعزاء وكان لكلماته تأثيرها الكبير كما سارع بإصدار أمره إلي الداخلية بتعقب الجناة والإسراع بالقبض عليهم وطلب بنفسه من وزير الصحة العناية بالمصابين بالمستشفي والإشراف عليهم شخصيا وكان موقف رئيس الوزراء قويا وسريعا بإدانة هذه الجريمة وتعهد الحكومة بضبط المجرمين وكانت وقفة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر إلي جانبنا لها معناها العميق وتأثيرها في تخفيف الآلام عن أسر الضحايا وكان معه وزير الأوقاف وفضيلة المفتي ورئيس جامعة الأزهر ولم يكتفوا بأن قدموا إلينا مشاعرهم الصادقة بالمحبة ولكنهم ذهبوا جميعا إلي الفكرية بأبي قرقاص وعقدوا مؤتمرا شعبيا وتلقوا العزاء بأنفسهم وهذا موقف وطني تاريخي سنظل نذكره لهم بالتقدير.
وقال قداسة البابا لا نستطيع أيضا أن ننسي موكب الجنازة المهيب بعشرات الآلاف من المشيعين مسلمين ومسحيين رددوا هتافات أعادت إلي الأجواء وحدة الصليب والهلال في ثورة 1919 واختلاط دماء شهداء مصر من المسلمين والمسيحيين علي أرض سيناء في كل الحروب والمعارك وأخره9ا حرب أكتوبر 1973 المتنصرة.
سخط الجميع كان واضحا جدا علي العمل الإرهابي رجال أمن الدولة لم يضيعوا دقيقة واحدة وبذلوا كل ما في وسعهم لمطاردة الجناة وتمكنوا من اصطياد واحد منهم في ظرف أيام من الجريمة ولا يزالون يبذلون جهدا قويا ومخلصا في تعقب الجناة ورجال أمن الدولة هم أيضا بينهم وبين الإرهاب ثار طويل وضحايا كثيرون.
وصحافة مصر الوطنية عكست أحاسيس صادقة بالاستنكار والرفض للجريمة والمجرمين وهاجمت كل الأقلام دون استثناء الإرهاب واعتداءاته وجريمته في أبي قرقاص وأجمع الكل المؤيد والمعارض من رجال الأحزاب علي الوقوف ضد جرائم الإرهاب ورجال الإعلام في الإذاعة والتليفزيون وقيادات الجمعيات والهيئات الإسلامية وهذه مواقف نذكرها ونشكرها ونسجل الجميع وقفتهم لحماية وحدة شعب مصر في وجه المؤامرة الخسيسة.
وقال قداسة البابا أن العمل الإرهابي يدعونا أن نتعاون معا لا أن نتفرق أو ننقسم علي بعضنا البعض نتعاون معا للوصول إلي حل عملي نتخلص به جميعا من عدوان الإرهاب فهو عدو مشترك يهاجمنا كلنا وجراته في الاعتداء علي أماكن العبادة أمر خطير.
وقداسة البابا معه حق ولعلنا نذكر أن الأرهاب هاجم مسجدا في الصعيد وقتل عددا من المسلمين أثناء الصلاة وهذا دليل علي أن الإرهاب لا دين له الإرهاب مؤامرة موجهة إلي المجتمع كله دون تفرقة ولعلنا نذكر أيضا أن عدد ضحايا الإرهاب من رجال الشرطة أكثر من ضحاياه من المواطنين وإن ضحاياه من المسلمين أضعاف عدد ضحاياه من الأقباط ولذلك ننزه الإسلام من أن ننسب إليه هذه الجرائم التي لا تجد سندا لها في دين أو أخلاق.
وفي هذا اللقاء استمتعت من قداسة البابا إلي حيث يفيض بالحب لمصر وقائدها..
وقال أن الإرهابيين يعيشون كالقطعان الشاردة منتقلين من مكان إلي مكان أحيانا في المغارات والجبال وأحيانا أخري في مزارع القصب أو الذرة أو في أوكار غير معروفة أو في بيوت سرعان ما يغادرونها إلي غيرها وكلنا نري ونلمس أن الدولة تطارد الإرهابيين وتدخل في صراع معهم وقد قل خطرهم كثيرا جدا عن ذي قبل بعد أن تم القبض علي كثيرين منهم وحوكموا وانتهي أمرهم إلي الإعدام أو السجن وقتل بعضهم في معارك مسلحة بينهم وبين رجال الشرطة كان برتبة اللواء وهي أعلي رتبة.
قال قداسة البابا أيضا أن سجل الإرهاب الأسود فيه حوادث بشعة كثيرة تؤكد أنهم قتلة وليسوا سوي قتلة ماجورين قتلوا الدكتور رفعت المحجوب وهو رئيس مجلس الشعب وقتلوا الدكتور فرج فوده وهو من كبار الكتاب وحاولوا قتل الكاتب الكبير نجيب محفوظ وهو فخر مصر والعرب بعد أن وصل بأدبه إلي العالمية وكان أول عربي يحصل علي جائزة نوبل وحاولوا اغتيال الدكتور عاطف صدقي حينما كان رئيسيا للوزراء واللواء حسن الألفي وزير الداخلية الحالي والسيد صفوت الشريف وزير الإعلام وكل هؤلاء من المسلمين.
وأضاف قد استه أنني أقول لأبنائي يجب أن نفرق بين أدانة الدولة وإدانة الإرهاب فالإرهاب تفرق بين ادانة الدولة وأدانة الإرهاب فالإرهاب هدفه الأول هو الدولة والدولة في صراع معه وأن كنتم تدينون الإرهاب ويقفون ضده أما من جهة الدولة فمن الظلم أن يقف أحد ضدها في جريمة أبي قرقاص أو في غيرها من الأحداث فالإرهاب عدو مشترك للدولة والكنسية معا بل ينبغي أن نقف جميعا إلي جانب الدولة في صراعها ضد الإرهاب الذي لا تنفرد مصر وحدها به بل يوجد في بلاد أخرى بصورة أخطر وأبشع.
حين سألت قداسة البابا ماذا تقول للأقباط في المهجر وخاصة في أمريكا أجابني علي الفور أقول لهم أحب أن تكون صورة الأقباط باستمرار في المستوي الروحي الذى كان لنا في كل العصور وأقول لهم أننا نقف مع الرئيس حسني مبارك بكل محبة وإخلاص ونصلي من أجل أن ينصره الله في معاركه من أجل بناء وتنمية وحماية أمن مصر وأقول لهم كونوا إلي جانب وطنكم الأم وأيضا كقائد يبذل جهدا كبيرا في قضايا السلام والرخاء كما أنه يحارب الإرهاب بكل قوة لأجل سلام بلدنا وقد أرسلت إليهم بيانا قلت فيه ذلك سيتلي في جميع كنائس المهجر في أوروبا وأمريكا.
كل كلمة في حديث قداسة البابا كانت مليئة بالصدق والمحبة.
وهو كما كان دائما قيادة روحية ووطنية فيها شعلة الوطنية المصرية مشتعلة كما كانت منذ ستين عاما ويزيد حين كان يقود المظاهرات ويهتف بحياة مصر ووحدة الصليب والهلال وحين كان يشارك في شبابه في أعمال الفدائيين لتحرير مصر من الاحتلال البريطاني..
قداسة البابا شنوده صاحب الرؤية الحكيمة يشع دائما علي كل من حوله الحكمة والمحبة ولذلك أصبح رجل مصر بمسلميها وأقباطها...