البابا وأقباط المهجر

يبدأ قداسة البابا شنوده في الشهر القادم رحلة للالتقاء بأقباط المهجر في بريطانيا والولايات المتحدة تستمر الرحلة ثلاثة أسابيع وتشمل زيارة عدد من المدن والولايات وخلال هذه الرحلة سوف يعلن موقف الكنسية ويرفع صوتها أمام المؤيدين والمعارضين وأمام الصحافة الأمريكية والبريطانية المحايدة والمنحازة علي السواء.


وفي لقاء جديد مع قداسة البابا يوم الثلاثاء الماضي كان في حواره معي واضحا ومحددا وصريحا بحيث لم يعد هناك داع لإبقاء ملف أقباط المهجر مفتوحا إلا إذا كانت هناك رغبة في إثارة خلافات وهمية وملفات فارغة في نقاط محددة يمكن إيجاز الحوار الطويل الذى استغرق أكثر من خمس ساعات فيما يلي:


أن الذين يتحدثون هنا عن أقباط المهجر لا يعرفون أقباط المهجر فهم مئات الآلاف في كل منطقة منتشرون في ولايات أمريكا ومدنها وقراها في دول أوروبا لم يخرجوا من مصر في رحالة منظمة ولا يعيشون في معسكرات أو مستوطنات حتي يمكن الحديث عنهم جملة واحدة وأيضا لا نستطيع أن نقول أنه يمكن أن يكون لهم رأي واحد وليس هناك مجموعة من البشر علي الأرض مسلمين كانوا أو مسيحيين يمكن أن يكون لهم رأي واحد وحتى لو توحدوا فأن وجود الاستثناء هو الأمر الطبيعي الذى يؤكد القاعدة وأيضا لا يمكن أن يعبر عنهم شخص واحد لذلك فان الدقة تقتضي أن ينسب كل فعل إلي فاعله وكل قول إلي قائله ولا ينسب إلي الناس جميعا.


يمكن أن ننسب أمرا إلي فلان القبطي الذى يعيش في المهجر أو إلي الجمعية كذا ولكن ليس انصافا أن نأخذ قولا لواجد أو عشرة وننسبه إلي مئات الآلاف.


أن الكنسية المصرية لها في أوروبا وأمريكا واستراليا 200 كنسية وكل منها تقريبا لها مجلة تنشر موضوعات تعليمية دينية وأخبارا عن نشاط الكنسية ولا تتعرض لمسائل سياسية.


أما الذين يتحدثون في أمور سياسية فهم يفعلون ذلك خارج نطاق الكنسية وخارج ولايتها وإشرافها وليس من الحكمة أن ينسب سلوك كل قبطي إلي الكنسية ككل.


ويقول البابا موقف الكنسية كما أعلنته في مصر وفي كل مكان في الخارج نحن نحب أن تحل مشاكلنا داخل بلادنا ونرفض تماما وبقوة أن تدخل خارجي الأقباط مصريون وفي مصر منابر وقنوات للتعبير عن الرأي والأقباط يلقون الرعاية من الرئيس مبارك شخصيا وهذا دأب الأقباط في كل زمان ومكان ومشاكلنا دائما نسعي إلي حلها داخل بلدنا ولا نقبل إطلاقا عرضها خارج نطاق أسرة الوطن.


وقال قداسة البابا يجب أن نتذكر أن الأقباط الذين يثيرون قضايا وخلافات في الخارج وهم أولا أشخاص يحملون جنسية غير مصرية وهوية غير مصرية، بذلك أفصحوا عن أراداتهم بعدم الحرص علي هويتهم الأصلية وهذا ما ننبه إليه أن المصريين المهاجرين مسلمين وأقباطا يمكن أن يفقد بعضهم انتماءه الوطني مع الزمن فمابالكم بأبنائهم الذين ولدوا هناك ولا يعرفون عن مصر إلا أحاديث الأباء المحبين أو الساخطين.


وقال قداسة البابا أن أبنائي نم أٌقباط المجر الذي لم يتمردوا علي الكنسية ولم يخرجوا عن الإجماع يعلمون أننا في  تفاهم مع الدولة من أجل حل كثير من المشاكل الذي يرونها علي البعد أكبر بكثير من حجمها الحقيقي والدولة تتفهم بكثير من حجمها الحقيقي والدولة تتفهم تماما وبكل محبة تعمل في طريق إيجاد حلول الأمور تراكمت منذ زمن وهذا العهد ليس المسئول عنها وكل شيء قابل للإصلاح بالنية الطيبة والكنسية تعرف تماما كيف تشق طريقها وكيف تكتسب حقوقها في حكمة وبغير تهور أو خطأ.


وقال قداسة البابا للأسف أن بعض هؤلاء الذين يهاجمون مصر في الخارج ويستعدون عليها قوي أجنبية، في الخارج ويستعدون عليها قوي أجنبية يهاجمون الكنسية أيضا ولذلك فإن مسألة الانتماء بالنسبة لهم وطنيا وكنسيا موضع تساؤل.


وقال لا تقبل إطلاقا أن يكون البعض في الخارج قوامين علي الكنسية والوطن أو يدعون أنهم يعرفون مصلحة الكنسية والوطن أو يدعون أنهم يعرفون مصلحة الكنسية أكثر مما تعرفها هي وليتهم يأتون هنا إلي مصر وينشرون أفكارهم فيها بدلا من أن يتكلموا من بعيد ومناخ الحرية في مصر يعطي لكل صاحب رأي فرصة التعبير عن رأيه والصحافة المصرية مليئة بالآراء الصالحة والفاسدة.


وقال قداسة البابا أن بعض هؤلاء يبحث عن بطولة زائفة وبعضهم يريدون منا أن نكون رد فعل لمواقفهم وإذا انفعلوا هم تنفعل الكنسية معهم وهم يريدون إثارة جو انفعالي نرفضه لا يمكن مناقشة أمور جادة في جو الانفعال الكنسية حريصة علي حل كل الأمور في جو من الحكمة والهدوء وبالمنطق لأن الانفعال لا يليق بالوضع الكنسي وهم يحاولون إحراج الكنسية أما أن تسير في طريقهم الخطأ وإما أن يهاجموها فليس لديهم إلا الانفعال والهجوم وهم في النهاية يعيدون لا تعود عليهم فائدة ولا ضرر فماذا يجعلهم في حالة انفعال.


وقال قداسة البابا أن الكنسية تهاجم التطرف ولكن لا تقبل أن يوجه الهجوم إلي الدولة لأن الدولة هي التي تتصدي للتطرف وترفضه وتقضي عليه فكيف نقبل أن نكون نحن والمتطرفون ضد الدولة.


ومن جانبي أقول أنه ليس هناك صوت يمكن أن يعلو علي صوت الكنسية المصرية الوطنية وليس هناك من يستطيع أن يزايد علي موقف قداسة البابا وهو موقف وطني يحسب له في التاريخ ولابد ان توزن الأمور بقدرها ويوجه العقاب إلي من يستحقه..


وتبقي الحقيقة التي عاشت قرونا وستعيش إلي نهاية الزمان وهي أن مصر ستبقي دائما وحدة واحدة صلبة مثل الصدفة التي تحمي كل أبنائها مسلمين وأقباطا وأن الأقباط والمسلمين في مصر هم مصريون مصريون أولا بعضهم يعبد الله في المسجد وبعضهم يعبد الله في الكنسية.

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف