اتضح أخيرا أن سياسية نيتانياهو هي ازدواجية المواقف أو العمل بوجهين وجه للتلفزيون والمؤتمرات الصحفية والحديثة مع القادة الذين يلتقي بهم ووجه مع وزرائه وقادة الجيش الإسرائيلي الوجه الأول للدعاية السياسية والعلاقات العامة وكسب الأصدقاء والثاني لتحقيق الأهداف الحقيقة لحكومة نيتانياهو.
وأتضح أن الأهداف الحقيقة لنيتانياهو هي التوقف عن السير في طريق السلام وتجميد المباحثات عن عمد وأبعاد كل الوسطاء والأطراف الخارجية بما فيها أمريكا وأوروبا والضغط علي الفلسطينيين إلي حد التجويع والترويع والقتل إلي أن يصلوا إلي مرحلة ألياس إلي الاستسلام وبالاستسلام يقبلون كل ما يعرضه عليهم نيتانياهو من تنازلات من طرف واحد وسلام من طرف واحد وضمان الأمن لطرف واحد سلام لإسرائيل فيه كل الحقوق وليس للفلسطينيين فيه أية حقوق لا أرض ولا أمن ولا سلطة ولا حرية ولاضمان للقمة العيش ولا استقرار ولا كرامة...
هذا هو مفهوم السلام كما يقصده نيتانياهو وكما تكشف في الفترة الأخيرة...
وإذا فهمنا هذا التصور المريض والغريب وغير العقلاني والذى يتعارض مع أي منطق سليم فسوف تزول دهشتنا ما فعله ويفعله نيتانياهو وحكومته وبرلمانه.
سوف لا ندهش لقرار الكنسيت بعدم أنهاء احتلال الجولان واعتبارها أرضا إسرائيلية ولا يهم الواقع ولا التاريخ ولا القانون الدولي ولا الشرعية الدولية...
وسوف لا ندهش للتهديد الذى أطلقه أحد وزراء نيتانياهو باغتيال عرفات وهذه أول مرة في تاريخ البشرية يعلن فيها وزير مسئول في أي دولة ليقول إذا لم يوقف عرفات الأعمال الإرهابية فإن حياته ستكون في خطر.
كان وظيفة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هي قمع الشعب الفلسطيني القمع من جانب بسلاح قوات الاحتلال الإسرائيلية ثم مطلوب أيضا أن يوجه السلاح الفلسطيني إلي الفلسطينيين وإذا لم يفعل فإن حياته ستكون في خطر كان التهديد من قبل بفرض حصار علي الفلسطينيين أو بتشديد إجراءات الأمن والتضييق عليهم في التنقل داخل أراضي الحكم الفلسطيني أو بإغلاق المدارس والجامعات أو منع تصدير الحاصلات والمنتجات الفلسطينية أو بعدم توصيل الصادرات والمعونات إلي الفلسطينيين لأن ذلك كله يتم عبر سلطة الاحتلال الإٍسرائيلي ثم جاء التصعيد باستعمال الرصاص الحي لضرب الفلسطينيين لأن ذلك كله يتم عبر سلطة الاحتلال الإسرائيلي ثم جاء التصعيد باستعمال الرصاص الحي لضرب الفلسطينيين وحصار المدن الفلسطينية بالدبابات الإسرائيلية ثم هاهو التصعيد يصل إلي حد التهديد بقتل الرئيس الفلسطيني نفسه إذا لم ينفذ ما هو مطلوب منه ويضرب شعبه في هذا السياق يأتي حادث الانفجار في سوق القدس الغريبة حادث مؤسف لا يمكن أن يقبله إنسان علي الأرض والعرب هم أول من يدينون إزهاق الأرواح فالفعل موضع استنكار ورفض والأسباب التي أدت بالشابين الفلسطينيين إلي ارتكابه تستحق البحث لأن الوقوف عند حد النتائج وتجاهل الأسباب خطأ كبير تترتب عليه أثار وخيمة علي الجميع سوف يؤدي بنا تحليل الأسباب إلي أن الضغط الإسرائيلي علي الفلسطينيين وصل إلي غاية مداه ولابد أن يؤدي إلي الانفجار وفي الطبيعية قانون لا يمكن تجاهله يقول أن كل فعل له رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه فإذا كان الفعل الإسرائيلي هو ممارسة أعمال الحرب علي الفلسطينيين علنا وبشكل مباشر فماذا يمكن أن يكون رد الفعل...
نيتانياهو يريد أن يكسر هذا القانون الطبيعي يريد أن يكون الفعل الإسرائيلي دون رد فعل فلسطيني أو عربي أن يقتل الفلسطينيين ويحاصرهم ويضربهم ويملأ بهم السجون ويحتل أراضيهم ويظل الفلسطينيون والعرب جميعا ينشدون أناشيد السلام ويرفعون الرايات البيضاء ويشاركونه مؤتمرات تبحث عن مجالات جديدة للتعاون الاقتصادي وتنمية العلاقات الثقافية والسياحية وتضاعف من أواصر المحنة بين الشعب العربي وقاتليه وجلادية.
هذا تناقض واضح إذا وجد مكانا في عقول مريضة أو في نفوس مريضة فلن يجد مكانا لدي أصحاب الحق المظلومين المضطهدين.
والسلام شيء أخر
السلام يعني أن تكون هنا نيات طيبة تجاه الأخر وعلاقات تراعي مصالح وأهداف الأخر وإعطاء كل ذي حق حقه وتجاوز الأطماع والرغبة في استلاب أراضي الغير واغتصاب حقوق الأخرين.
السلام ليس اختراعا جديدا لكي يضع نيتانياهو مواصفاته ولكنه مفهوم قديم مستقر السلام بين اليابان وألمانيا والغرب بعد الحرب العالمية لم يقم علي إلغاء حقوق طرف لصالح الأخر رغم أن أحد الطرفين كان مهزوما والأن لم يعد أحد يذكر من الحرب إلا بقايا ذكريات تجاوزتها الأحداث...
وتبقي كلمة حق لولا الصمت الأمريكي لما كان الصخب الإسرائيلي.
لولا سكوت أمريكا علي كل أفعال نيتانياهو وهي أول من تدرك أنها أفعال حرب لما تمادي إلي حد فرض العقاب الجماعي علي شعب بأكمله.
أمريكا التي أعلنت أنها الشريك والراعي الأكبر للسلام العادل
أمريكا التي وقعت علي كل اتفاق أمريكا التي تحمي الشرعية الدولية وتفرض العقوبات علي الخارجين عليها أين هي..