إسلامو فوبيا

عندما زرت مقر كبيرا أساقفة كانتربي في لندن منذ أيام دار حوار طويل مع مساعدة كانون فلتشر المسئول عن الحوار بين الأديان حول دراسة نشرت مؤخرا في بريطانيا حول دراسة نشرت مؤخرا في بريطانيا بعنوان إسلاموفوبيا أي مرض الخوف من الإسلام للباحث البريطاني المعروف رانيميد ترتست وهو بحث يحاول تحليل ظاهرة العداء للإسلام في الغرب عموما وفي هذا البحث تشخيص لهذا المرض السيكولوجي السائد بين الغربيين ومنهم مثقفون وعلماء ورجال وسياسية وهو يكرر ما رصده الباحث الأمريكي صمويل هنتجنتون من قبل في نظريته عن صراع الحضارات واتفق فيها مع الباحث الأمريكي فرانسيس فوكوياما في بحثه عن نهاية التاريخ من أن الصراع الحتمي القادم في العام سيكون بين السلام والغرب.


أما الباحث البريطاني ترست فأنه يرجع هذا الخوف المرضي من الإسلام إلي أنه مازال حتى الآن دينا مجهولا بالنسبة للغربيين فهم لا يفهمون أين الإسلام الصحيح وأين الإسلام الزائف هل الجماعات المتطرفة علي حق وهي تقتل وتفجر باسم الإسلام وتدعي أنها هي التعبير عن الإسلام الصحيح أم الجماعات المتقاتلة بوحشية في أفغانستان أم التيار العدواني في إيران أم الأزهر بما يعلنه عن موقف معتدل يتفق مع العقل ومفاهيم العصر هل الشيعة أم السنة أم الصوفية هم الأقرب إلي الإسلام الصحيح والملايين في الغرب ولا يعرفون الفروق بين كل هذه المذاهب والجماعات والفصائل ولا تصل إليهم إلا صيحات العداء للغرب والتهديد للمصالح الغربية التي تمس الحياة اليومية للمواطن العادي في أمريكا وأوروبا هذه هي المشكلة.


ويصل الباحث البريطاني إلي الحقيقة التي نعبر عنها بأن الأسنان عدون لما جهل وإن كل إنسان ينظر إلي كل من يختلف عنه نظرة الشك والريبة ويتوجس منه شرا سواء كان هذا الاختلاف في لون البشرة أو اللغة أو العادات والتقاليد والملابس أو كان الاختلاف في لون البشرة أو اللغة أو العادات والتقاليد والملابس أو كان الاختلاف في العقيدة فمن الطبيعي أن كل إنسان يري أنه هو مقياس الأشياء جميعا وأن صواب وخطأ الأخرين يقاس باتفاقهم أو اختلافهم عنه فإذا رأي من يختلفون عنه في أصول الإيمان أو في مفهوم الله أو في الطقوس والشعائر الدينية فأنه لن يفهم ما يفعلون ونتيجة لعدم الفهم يأتي الاستنكار والخوف والعداوة.


يقول للباحث البريطاني أن دراسته للمجتمع البريطاني أثبتت له أن الخوف من الأخر ليس مقصورا علي المسلمين ولكن هناك خوف ظاهر وخفي دائما في نفوس قطاعات كبيرة من البريطانيين من السود حتى ولو كانوا من أبناء الجيل الثاني أو الثالث الذي عاش في بريطانيا وأًصبحت له عادات وأسلوب حياة بريطاني ورغم تمتعهم بالجنسية البريطانية وبعض الناس يشعرون أيضا بالتخوف من الأسيويين ذوي البشرة الصفراء بينما لم يجد المهاجرون إلي بريطانيا ذوي البشرة البيضاء صعوبة في الاندماج في المجتمع البريطاني وتقبلهم البريطانيون دون مقاومة من الجانبين.


خلاصة فكرة الباحث البريطاني أن الأسلاموفوبيا هو حالة مرضية لا تعني الحساسية أو الرفض أو الكراهية للإسلام بالذات ولكنها حالة مرضية تشمل رفض كل ما هو مختلف والحل عنده هو أن يعرف الغربيون ما هو الإسلام ويطمئنوا بالتعامل والمشاركة والسلوك إلي أن المسلمين يعتنقون ديانة سامية وأن دينهم يأمرهم بالفضائل الأخلاقية التي تأمر بها الأديان الأخرى وأن القيم الروحية في الإسلام هي في أساسها مستمدة من الإيمان بالله الواحد الذى يعبده المؤمنون في الديانات الثلاث.


وقد أشار إلي أستاذ بريطاني بقراءة كتاب حديث صدر في لندن حديث من تأليف فريد هولداي بعنوان الإسلام وأسطورة الصراع وفيه تحليل لمضمون حملة انتخابات الرئاسة في أمريكا عام 1992 عندما أعلن فيها بات بوكانان في حملته أن صراع الإنسانية المحتوم كان بين المسيحية والإسلام وسيتكرر ذلك في القرن الحادي والعشرين وسيهدد المقاتلون الإسلاميون مرة أخرى أبواب فيينا كما فعلوا في القرن السابع عشر ويعلق هوالدى علي ذلك بأن مثل هذه الأفكار يجب مناقشتها علانية وبصراحة قبل أن تستقر في الأذهان وتؤدي إلي صدام أو علي الأقل إلي حرب بإرادة بين المعسكرين أو ازدياد المتطرفين الذين يعلنون التحدي للغرب ويتصورون أنهم بذلك يستعيدون العصور الزاهرة للإسلام.


ما أريد أن أقوله أن فكرة الصراع بين الإسلام والغرب تجد من يستنكرها أن واجبنا أن ننظر إلي هذا الأمر بجدية لأنهم في الغرب يأخذون هذه المخاوف بمنتهي الجدية وأن واجب كل المؤسسات الإسلامية أن تشارك في الحوار مع الغرب لكي تطرح حقيقة الإسلام بوضوح وتكرر ذلك إلي أن يصل إلي أذهان ويقين المواطن الغربي العادي الذي يتعرض كل لحظة لحملات إعلامية منظمة وممولة وأنشطة لتشويه الإسلام والمسلمين وليبدأ الحوار مع الجامعات ومراكز البحوث ويتوسع إلي أن يصل إلي التليفزيون والصحافة ولابد أن يكون للأزهر الدور لا يكفي في أن يتحمل العبء كله فضيلة الأمام الأكبر ولكن لابد من مجموعات عمل يتم إعدادها وتسليحها باللغات الغريبة وبأساليب التفكير وكيفية مخاطبة العقل الغربي والمنطق المناسب لعرض الإسلام لغير المسلمين.


هذه المهمة أصبحت عاجلة الآن


وهي ليست مهمة دينية فقط ولكنها مهمة سياسية أيضا


وإذا لم نتحرك في الاتجاه الصحيح فسوف يظل الآخرون يتحركون ويحققون نجاحا في تشويه صورة السلام وتحويل مرض الإسلاموفوبيا إلي وباء.


 


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف