حقائق الإسلام.. وأباطيل خصومه!
عندما ألقت السيدة سوزان مبارك محاضرتها في جامعة أكسفورد عن دور المرأة في التنمية، كشفت الأسئلة التي وجهت إليها في هذا الحشد من صفوة المفكرين والأساتذة والشخصيات المعروفة من بريطانيين وغيرهم عن سيادة مفاهيم مغلوطة عن الإسلام.. وأعادت هذه الأسئلة مرة أخرى قضية صورة الإسلام في الغرب التي تتعرض كل يوم للتشويه – المتعمد وغير المتعمد – في الإعلام والدراسات والجامعات.. كما أعادت طرح مسئولية مصر عن كشف من الذي يحرك ويحرض.. ومسئوليتها في التصدي لهذه الهجمة المنظمة.
وهذه الهجمة على الإسلام لا يبدو من ظاهرها إنها عفوية نتيجة أخطاء في فهم الإسلام، ولكن يبدو بوضوح أنها تنفيذ لمخطط واسع، يجري تنفيذه في أوروبا وأمريكا بدقة وهمة ودون كل.. وفي كل المناسبات.. ومن خلال جميع المنابر: الإذاعة والتليفزيون، والأفلام السينمائية، والصحافة، ومراكز البحث، والجامعات، بل ومن خلال الكتب المدرسية في بعض البلاد.
ومنذ أربع سنوات توجه الرئيس حسني مبارك بنداء إلى "كل المسلمين" قال فيه: "إنني أدعو كل مسلم ومسلمة أن يبدأ اليوم، لا غداً في بذل الجهد من أجل نشر حقائق الإسلام، ودفع ما يفترى به على الدين الحنيف، وإظهار حقيقة ديننا في أعين الآخرين..".
ومرة أخرى منذ ثلاث سنوات وقف مبارك في حشد من أكبر الشخصيات العالمية تجمعت في المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو، وعقد المؤتمر جلسة خاصة لتكريم الرئيس مبارك لأنه أول رئيس دولة في العالم يعلن أن التعليم ومحو الأمية هما المشروع القومي لبلاده في عقد التسعينيات.. وقال الرئيس لهذا الجمع العالمي الكبير: "أرجوكم أن تساعدونا في نفي المفتريات عن ديننا..وهذا من مهام اليونسكو التي تعمل على نشر التفاهم السلمي بين الشعوب والحكومات، دون تفرقة بسبب اللغة، أو الجنس، أو العرق، أو اللون، أو العقيدة الدينية، أو المذهب السياسي، وأول سطر في ديباجة ميثاق اليونسكو وافقت عليه كل دول العالم عند إنشاء هذه المنظمة الدولية في عام 1945 ينص على أنه "إذا كانت الحروب تنشأ في عقول الرجال.. فحق هذه العقول علينا أن ننشئ جسور السلام".
ولقد كرر الرئيس مبارك هذا النداء في مناسبات قومية ودولية عدة مرات، مما يؤكد حقيقة أن الإسلام يواجه حرباً من نوع خاص..المقصود بها فحق هذه العقول علينا أن ننشئ جسور السلام".
ولقد كرر الرئيس مبارك هذا النداء في مناسبات قومية ودولية عدة مرات، مما يؤكد حقيقة أن الإسلام يواجه حرباً من نوع خاص..المقصود بها تشويه هذا الدين في عيون العالم الغربي بصفة خاصة، وفي عيون العالم بصفة عامة، بحيث يرتبط في أذهان العالم بالجهل، والتخلف، والهمجية، والإرهاب، وإهدار حقوق الإنسان، وبازدواجية السلوك: ادعاء الطهارة والنقاء في الظاهر، والعدوان والغدر والكذب والسلوك غير الأخلاقي في الباطن"..وبحيث يرتبط أيضاً بكل المفاهيم المرفوضة من العالم المتحضر.. فكم من جهود تبذل لترسيخ فكرة أن الإسلام ضد الحرية الفكرية وضد الحرية عموماً وضد الديمقراطية.. وإنه ينتشر نتيجة الجهل بحقائقه.. ولابد من بذل الجهود لكشف هذا الدين الذي يمثل خطراً على الحضارة وعلى التقدم الإنساني عامة.. هذا هو ملخص الرسالة التي يعملون على نشرها بهمة عظيمة.. ويبدو أن هذه الجهود العلمية والإعلامية في الغرب مقدمة لكي تفتح العقول لدعوة بعض الخبراء والسياسيين الغربيين إلى ضرورة استخدام القوة والعنف ذد الإسلام لوقف زحفه واتقاء خطره"!" مما دعا البعض إلى القول بأن ما يتردد في الغرب عن الإسلام يدل على أن الحرب الصليبية لم تنته بعد "!".
وربما يكون التفسير الأول لما يتعرض له الإسلام من تشويه ما قاله الدكتور ادوارد سعيد من إنه في أوروبا جرت العادة أن ينتسب المستشرق مباشرة إلى الإدارات الاستعمارية، وقد اكتشفنا مؤخراً مدى التعاون الوثيق بين البحث العلمي في الغرب والفتح الاستعماري العسكري المباشر، وفي ذلك الاكتشاف إضاءة للفهم وسبب للاكتتاب في وقت واحد. ومثال ذلك المستشرق الهولندي المقدم س.سنوك هير جرونج الذي اكتسب ثقة المسلمين في اندونيسيا واستغلها بعد ذلك في تخطيط وتنفيذ الحرب الهولندية الوحشية على المسلمين في سومطرة.. ومع ذلك مازالت الكتب والمقالات تتدفق في الإشادة بحياد البحث العلمي في الغرب ونزاهته وموضوعيته وعدم خضوعه أو ارتباطه بالسياسة"!". ومع ذلك لا تكاد تجد خبيراً في الإسلام لم يسبق له أن عمل مستشاراً لحكومة أو شركة من الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات، أو لأجهزة الإعلام الغربية.. وفي أمريكا بالذات يكون الاهتمام بالإسلام في المراكز الأكاديمية كما في الشركات وإدارات الحكومة، وتوجه الدراسات في النهاية إلى أهداف تحايلية بارعة لإثارة حرب باردة جديدة، وإلى إثارة مشاعر عنصرية من عدم التعاطف وإلى إثارة المخاوف من احتمال تعرض الغرب والمصالح الغربية الحيوية إلى غزو همجي من المسلمين .. وهكذا تعمل آلة البحث العلمي والإعلام الرهيبة في الغرب بكل ما لديها من فنون وبراعة لتثبيت كراهية الإسلام لدى الرأي العالمي في الغرب والشرق..!.
لمست ذلك بنفسي وبطريق مباشر حين صحبت فضيلة الإمام الأكبر في رحلة طاف فيها بعدد من الولايات في أمريكا والتقى بمجموعات من قادة الرأي وأعضاء الكونجرس والمسئولين الحكوميين، وتحدث في عدد من محطات التليفزيون وفي مؤاتمرات صحفية.. وواجه أسئلة غير محايدة وغير موضوعية عن الإسلام.. وظل الإمام الأكبر طوال الرحلة وكأنه في معركة.. ينتهي من موقعة ليدخل موقعة.. ويخرج سالماً من كمين ليدخل في شراك أو كمين آخر.. حتى أن بعض كبار المسئولين قالوا له صراحة إنهم يعترفون بأن الإسلام – كدين وعقيدة – يتعرض لحملة تشويه ظالمة، وطلبوا منه أن يكرر زياراته ولقاءاته لأنه يستطيع أن يواجه هذه الحملة بالاتصال المباشر مع القادة المؤثرين في الرأي العام، بما يتمتع به من قبول.. ومنطق هادئ واضح.. وقدرة على الشرح والتحليل المنطقي.. وقال له نائب الرئيس آل جور: إنك تمثل سماحة الإسلام وقدرته على مسايرة كل عصر..
وإذا كانت زيارة السيدة سوزان مبارك قد جددت الاهتمام بهذه القضية، وقد تصدت للإجابة عن الأسئلة التي وجهت إليها عن عدم احترام الإسلام للمرأة وغير ذلك من الأسئلة.. وكانت إجاباتها باللغة التي يفهمها الغرب.. وانتزعت تقدير واتفاق الحشد الذي تجمع في جامعة أكسفورد، أعرق جامعة بريطانية، فإن الأمر يقتضي النظر في إعداد مشروع متكامل للتعريف بالإسلام والدفاع عنه، وإظهار حقائقه وكشف الأباطيل التي يروجها خصومه.
وإذا كانت الأباطيل حول الإسلام قد راجت واكتسبت نوعاً من اليقين نتيجة التكرار والتواتر وتعدد الجهات التي تروجها، فإن مصر تقدر على أن تنفذ مشروعاً مضاداً، مستفيدة من الثقة التي يوليها العالم لمؤسسة الأزهر ولشيوخه.. وتضاف إليهم كتائب من المثقفين الذين يجيدون التعامل مع عقلية الغرب..مع خطة كاملة تنفذ بدقة لترجمة الكتب الأساسية للإسلام إلى اللغات الأجنبية..
وإذا كان الأزهر الآن يقوم بدور.. والمجلس الأعلى للشئون الإسلام يقوم الآن هو الآخر بدور.. فإن ما أقصده شيء آخر.. ما أقصده مشروع كبير.. تعمل فيه كل مؤسسات الفكر والثقافة والإعلام، وتجند فيه كل الكفاءات.. أقول "كل" ولا أقول "بعض".. وأقول يجب أن تقوم بذلك "مصر"، وأقول أيضاً يجب أن يكون ذلك "الآن لا غداً" كما قال الرئيس مبارك منذ أربع سنوات.