وفي العــام الخامــس عشـــر

عندما بدأ الرئيس مبارك حكمه منذ 14 عاماً كانت  أمامه جبهات كثيرة لمعارك لا تحتمل التأجيل.. كانت هناك الأزمة الاقتصادية التي وصلت إلى نقطة قريبة من الانفجار بعد تجاوز الخلل في الميزانية وفي الميزان التجاري وميزان المدفوعات الحدود المحتملة، وكانت هناك الأوضاع العربية المتردية.. والسلام المراوغ الذي كانت إسرائيل تتصور فيه أنها قادرة على فرض إرادتها وصياغته وفق تصوراتها وحدها.. وكانت هناك البنية الأساسية المنهارة.. والصناعات المهددة بالتوقف لنقص الخامات وعدم توافر القدرة على تجديد الآلات.. والنقص الشديد في الطاقة سواء بالكهرباء أو بالبترول.. وبحكمة بالغة وصبر فاق حدود التصور استطاع القائد أن يعبر بالسفينة منطقة الخطر ويصل بها إلى الأمان مما يجعل عام حكمه الخامس عشر عام الإنجاز وتحقيق الكثير.


هذا العام الذي يبدأ اليوم هو عام الديمقراطية في مصر، ففيه تجري انتخابات مجلس الشعب الجديد، ويجد الشعب فرصته في اختيار العناصر التي يريدها بملء حريته. والتي يمكن أن تعبر عنه وتمثل إرادته.. وإذا كان الاختيار في المجالس السابقة قد أظهر أعضاء ليسوا جديرين بهذه الثقة، فإن الفرصة في هذا العام في يدنا نحن وليست في يد أي أحد آخر لكي نختار كوادر جديدة ونتحمل ن حن مسئولية هذا الاختيار خاصة وأن مجلس الشعب الجديد سيكون مسئولاً عن  إعداد الدولة لدخول القرن القادم بمفاهيم وتصورات جديدة، وسيكون هو المسئول عن متابعة المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي التي تمثل الانطلاق والتنمية والتوسع في التصدير وتحسين نوعية الإنتاج المصري ودخول معركة التصدير في ظل اتفاقات الجات.. وكلها معارك صعبة تحتاج إلى مجلس شعب قوي يستطيع أن يحاسب الحكومة، وأن يراقبها، وأن يوجهها، وأن يضع تشريعات مدروسة دراسة كافية لا تحتاج إلى تعديل في اليوم التالي لصدورها.


العام الخامس عشر لحكم مبارك هو بالتأكيد عام الديمقراطية بعد أن انحسرت موجة الإرهاب وتعمق رفض الشعب المصري لكل الادعاءات التي كانت تحاول الإيهام بأن عصابات القتل والسرقة والتآمر هدفها إقامة الحكم الإسلامي، ولم تحقق شيئاً إلا الإساءة إلى الإسلام وتشويه صوره في العالم كله، وإعطاء أعداء الإسلام الفرصة للادعاء بأن هذه الجماعات الإرهابية هي الممثلة لروح الإسلام بما تمارسه من عدوان وهمجية في العمل والفكر وإرهاب بالفكر والسلاح وعداء للحريات ولأبسط حقوق الإنسان، حتى استطاع أعداء الإسلام أن يقنعوا قطاعات عريضة من الرأي العام في العالم وعدداً غير قليل من المفكرين والسياسيين بأن الإسلام هو الخطر القادم على الحضارة والتقدم الإنساني، مادام الداعون إلى إقامة شريعته لا يعرفون لغة للحوار إلا السلاح والقمع والقتل.


بعد انحسار هذه الموجة الشريرة التي يمولها ويخطط لها الشيطان في أكثر من مكان أصبح ممكناً أن تستعيد الأحزاب المصرية قدرتها على ممارسة العمل السياسي ا لجاد والرشيد، وتتخلص من مرحلة المراهقة السياسية والفكرية التي عاشت فيها طويلاً بأكثر مما يجب، وجاء الوقت لتصل إلى مرحلة الرشد السياسي، فتدرك مسئوليتها الوطنية والقومية، وتتفهم حقيقة دورها وهو أنها شريكة في النظام السياسي الحاكم وأن واجبها الأساسي هو أن تعمل على ترشيد العمل السياسي والاقتصادي وليس العمل على هدم هذا النظام.


والعام الخامس عشر هو أيضاً عام استكمال الثورة التي صاغها وقادها الرئيس مبارك في التعليم، والتي أعلن فيها أن تطوير التعليم هو المشروع القومي لمصر، وقاد عملية تغيير ضخمة ببناء أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة حتى الآن والمضي في إنشاء ألف وخمسمائة مدرسة كل عام، وإعادة النظر في كل أوضاع التعليم ابتداء بالمناهج، والكتب الدراسية إلى إعداد واختيار المعلمين إلى تجديد فلسفة وأهداف التعليم في مصر.. هذه الثورة التي بدأت تسير في طريقها الصحيح بسرعة متناهية مازالت في بداياتها، والطريق أمامها لا يزال طويلاً جداً، وصعباً لأنها ثورة تأخرت كثيراً.. وكان المفروض أن تبدأ منذ أربعين عاماً، ولكنها ظلت مؤجلة لأسباب متعددة، إلى أن فجرها الرئيس مبارك، وخاض معارك من أجلها مع قوى متشبثة بالقديم وترفض التجديد والتغيير، وقوى أخرى كانت تخطط للتسلل إلى قطاع التعليم لتسيطر على عقول الأجيال الجديدة منذ سنوات الطفولة الأولى لكي تعد جيلاً جديداً من المصريين يؤمن بأفكار متخلفة تساعد على إبقاء مصر في أوضاع التخلف وتعوق انطلاقها وتجعلها تتحرك إلى الوراء بينما العالم من حولها ينطلق بسرعة فائقة إلى الأمام.


إن العام الخامس عشر هو عام المعارك على جبهات متعددة في وقت واحد الجبهة الاقتصادية، والجبهة السياسية الداخلية، والجبهة الخارجية التي تهدف إلى ممارسة مصر لدورها القيادي والحضاري والتاريخي ثم جبهة إعداد الجيل الجديد الذي سيقود مصر ويستكمل بناء قوتها في القرن القادم.


والرئيس مبارك مشغول دائماً بالمستقبل، وهمه الأول هو إعداد استراتيجية طويلة المدى إلى جانب الخطط القصيرة المدى، لأنه يعلم بيقين أن دوره في تاريخ مصر هو تحريك طاقات هذا الشعب لكي يصنع مستقبله.. وككل معركة يقودها فإنه يحسن إعداد خطط العمل، ولا يبدأ التنفيذ إلا بعد أن يكون واثقاً من النجاح، وككل معركة لا يمكن إحراز النصر فيها إلا بالشعب كله.


من أجل ذلك نقول أن العام الخامس عشر لحكم مبارك هو عام الشعب المصري.. يعمل فيه بكل ما يملك من ذكاء وقوة وبكل ما لديه من رصيد تاريخي من الصبر والحكمة ويلتف فيه حول قائده الذي أنجز الكثير ومازال عليه أن يحقق إنجازات أكثر .


 


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف