يا شباب: الحذر واجب!
لابد أن يثير القلق ما نشرته الصحف الإسرائيلية والأمريكية وأذيع فى التليفزيونات ومماقاله رئيس المخابرات الحربيةالإسرائيلية (أمان) عندما تحدث علنا عن دور المخابرات الاسرائيلية فى مصر وذلك بمناسبة انتهاء خدمته وقال: إن مصر تقع فى القلب من أنشطة المخابرات الاسرائيلية، ولا تزال تشكل أهم مسارح عملياتها، وإن عمل المخابرات فى مصر تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979 وبعد ذلك قال ما يستحق منا أن نقرأه عشرات المرات وندقق فى كل كلمة فقد قال: لقد أحدثنا اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتكوين بيئة متصارعة ومنقسمة، ولتعميق حالة التفكك فى المجتمع وفى الدولة لكى يعجز أى نظام بعد حسنى مبارك عن معالجة الانقسام والتخلف والضعف فى كيان المجتمع والدولة.
هذا الكلام لم يكن للاعلام للاستهلاك المحلى ولكنه كان بمثابة توجيه أو توصيه للمخابرات الاسرائيلية من رئيسها الجنرال عاموس يادين وهو يغادر منصبه ويريد ممن يأتى بعده أن يحافظ على هذه «الإنجازات» التى حققها هو ورجاله.
وقد يرى البعض أن هذا الكلام فيه مبالغة أو ادعاء، وقد يرى آخرون أن الحديث كان لرجال المخابرات الإسرائيلية ولكن تم تسريبه لاشعال مزيد من الفتن والمخاوف فى المجتمع المصرى وربما يقال إن المخابرات الاسرائيلية وقد تلقت ضربات من المخابرات المصرية وتساقط بعض عملائها فى مصر، ولكن الجنرال أراد أن يقدم الدليل على صدقه فقال إن جهازه كان له دور واسع فى مساعدة الحركات الانفصالية فى جنوب السودان، فقال إن جهازه كان له دور واسع فى مساعدة الحركات الأنفصالية فى جنوب السودان، وقال:لقد أنجزنا عملا عظيما للغاية فى السودان.. نظمنا خطوط توصيل السلاح للانفصاليين فى الجنوب، ودربنا العديد منهم وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجستية لمساعدتهم،ونشرنا فى الجنوب وفى دارفور شبكات قادرة على الاستمرار فى عملها، ونحن نشرف على تنظيم الحركة الانفصالية وشكلنا لها جهازا أمنيا واستخبراتيا.
ومازالت حية فى الذاكرة قضية الجاسوس الاسرائيلى الأمريكى الجنسية إيلان جرابيل الذى كان يتحرك فى أوساط الشباب اثناء الأيام الأولى لثورة 25 ينايرويتردد على المساجد وأدعى أنه أمريكى مسلم جاء إلى مصر لنصرة الاسلام والمسلمين وبعد ذلك كان يسهر فى الأندية الليلية مع مجموعات أخرى من أعداء الثورة وشارك فى اعتصام الأقباط أما م مبنى التليفزيون. كما كان يذهب إلى إمبابة لإشعال الفتنة بين المسلمين والأقباط، ويرسل تقارير استخبارية عن أحوال مصر الاقتصادية والسياسية، وبعد القبض عليه ظهرت أهميتة كضابط مخابرات قدم لإسرائيل «خدمات جليلة» أثناء فترة نشاطه فى مصر حين تدخل رئيس الوزراء الاسرائيلى والخارجية الأمريكية وقبلت اسرائيل أن تسلم مئات المعتقلين الفلسطينين مقابل استعادته، وبعد ذلك كشفت بعض الصحف عن عميل للمخابرات الاسرائيلية يعمل تحت اسم «ائتلاف ثورة النضال السلمى» وآخر يعمل باسم «ائتلاف ثورة ابريل» وعن راسائل على مواقع الأقباط وايضاً على مواقع المسلمين تتضمن أخباراً ملفقة وآراء تثير المشاعر الدينية لدى الجانبين تحرض على العنف وأضف إلى كل ذلك ما نشرته مجلة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية فى عدد (4) سبتمبر (2010) على لسان الخبير فى التجسس الالكترونى (نيك هيجر)أن وحدة اسرائيلية للتجسس تقوم بالتجسس على كل شىء فى مصر بما فى ذلك التنصت على الاتصلات التليفونية ورصد كل ما ينشر ويذاع فى الإعلام المصرى، والدخول على مواقع البريد الالكترونى والفيس بوك وكل ما يحصلون عليه من معلومات ترصده المخابرات المصرية.
وفى حديث نشرته روز اليوسف لواحد من شيوخ سيناء «والشيخ ابراهيم أبوعليان» الأمين العام لجمعية القبائل العربية أن هناك مخططات اسرائيلية لإشعال الصراع القبلى فى سيناء، ولدى اسرائيل مراكز أبحاث تدرس الشخصية العربية والمصرية والسيناوية، وإسرائيل تروج لتجارة السلاح والمخدرات والسيارات عبر سيناء، وتروج لثقافة الخروج على الشرعية والقانون وتحاول خلق الفوضى وصناعة أزمة ثقة بين الشعب والمؤسسة العسكرية واحياء نعرات طائفية ليس فقط بين الأقباط والمسلمين بل أيضاً فى سيناء والنوبة.. هذا بعض ماقاله الأمين العام لجمعية القبائل فى سيناء وفيه تحذير واضح لمن تأخذهم الغفلة ويستسلمون للوهم.. والقصص كثيرة عن جواسيس عملوا لخدمة اسرائيل والمشكلة أن الاعلام المصرى ومناهج التعليم ومنابر الثقافة ليس لديها برنامج لتوعية الشباب بالمخاطر التى تحيط بهم وبالعملاء الذين يجيدون استدراج الضحايا للإدلاء بما لديهم من معلومات مهما تكن أهميتها ففى عمل المخابرات تمكن الاستفادة من المعلومات العادية كما تمكن الاستفادة من المعلومات السرية، وتمكن معرفة المناخ العام فى المجتمع من الأحاديث العفوية للناس، والمصريون اعتادوا على التبسط فى الكلام مع الغرباء وعلى «الفضفضة» وعلى إظهار المعرفة بأشياء قد يكون افشاؤهافيه إضرار بالمصلحة القومية.
وما أشبه قصة الجاسوس ايلان بقصة جواسيس اسرائيل أبطال فضيحة لافون الشهيرة، ففى عام 1951 وصل إلى القاهرة عميل مخابرات اسرائيلى باسم جون دارلنج وبعد فترة كونت مجموعة للتجسس والتخريب من 13 شخصا وفى سنة 1954 بدأت المجموعة تنفيذ مهمتها فوضعوا متفجرات فى بعض السفارات الأجنبية ومكاتب البريد ومحطة السكك الحديدية بالقاهرة وفى دور السينما..انفجر بعضها، وتم اكتشاف بعضها وإبطال مفعولاها، وانتهت المجموعة قيام مظاهرات الشباب ضد مشروع الدفاع المشترك الذى طرحنه أمريكا للسيطرة على المنطقة بما فيها مصر، واندست المجموعة وسط المظاهرات وتمكنت من توجيهها إلى المكتب الثقافى الأمريكى وإحراقة بتعليمات من قيادة المخابرت الاسرائيلية وكان هدفها هو اساءة العلاقات بين مصر وأمريكا وفعلا كان الحريق المكتب الثقافى اثر فى زيادة التوتر فى علاقات البلدين.. اخيراً قبضت السلطات المصرية على 11 شخصا كانت بينهم امرأة وتمكن اثنان من الفرار هما جون دارلنج الذى عاد إلى اسرائيل وبول فرانك الذى ارسله الاسرائيليون إلى العاصمة النمساوية فينا. وجرى فى اسرائيل تحقيق لمعرفة الخطأ الذى ارتكبته المجموعة وأدى إلى اكتشافها، والقيت المسئولية على وزير الدفاع بنحاس لافون، واصدر بن جوريون رئيس الوزراء فى ذلك الوقت أمرا بالتحقيق لمعرفة المسئول عن كشف المصريين لهذه الشبكة، وانتهى الأمر باستقالة بنحاس لافون وزير الدفاع، مع أن العملية كلها تمت تحت اشراف رئيس الوزراء بن جوريون.
هذه وتلك من قصص «الاصابع الخفية» التى تندس وسط صفوف المواطنيين المخلصين وتبدو أكثر حماسة منهم وتوجههم إلى التخريب .. تخريب الوطن الذى يحميهم.. ومرة أخرى: الحذر واجب!