حكاية نهرين تحت الأرض
من الغريب ألا تؤخذ نتائج الأبحاث العلمية مأخذ الجد.
وبدون مقدمات لا أستطيع أن أخفى شعورى بالدهشة والغيظ لأن الحكومة لم تتحرك، أو حتى تفكر فى البحث بجدية عن كيفية الاستفادة بما أعلنته مديرة معمل أبحاث الفضاء بجامعة نورث كارولينا فى الولايات المتحدة عن وجود نهرين تحت الأرض لم نحسن الاستفادة بهما فى تنمية الصحراء.
ولحسن الحظ فإن العالمة الجيولوجية مصرية الأصل اسمها البروفسيور إيمان غنيم، وقد أعلنت نتائج دراساتها لأول مرة أمام مؤتمر الجمعية الجيولوجية الأمريكية فى مارس الماضى ولاقت هذه النتائج اهتماما بالغا من العلماء والمتخصصين فى المؤتمر. ووفقا للمعلومات التى نشرتها صحيفة «المصرى اليوم» فإن النهر الأول عبارة عن ممر مائى عملاق قديم مدفون تحت رمال الصحراء الكبرى يمتد من وسط أفريقيا ويمر بالأراضى الليبيةوينتهى عند ساحل البحر المتوسط. وعلى الحدود المصرية الليبية يمتد حوض مائى قديم مساحته 236 ألف كيلومتر مربع، ولهذا النهر أيضا دلتا عملاقة مساحتها 34 ألف متر مربع بين الحدود المصرية الليبية ويقع الجزء الاكبر منها داخل الأراضى الليبية. وفى هذه المنطقة احتمالات وجود البترول والغاز الطبيعى. وقدمت العالمة المصرية- الأمريكية خريطة لهذا الممر المائى العملاق باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد وصور الأقمار الصناعية، وفقا لهذه الخريطة فإن طول هذا النهر 1900 كيلو متر، كما أن واحة سيوه والبحيرات والآبار حولها هى جزء ضئيل من هذا النهر. وأكدت الدراسة أن هذا النهر من أجود خزانات المياه الجوفية فى العالم.
أما النهر الثانى تحت الرمال المصرية فقد رسمت له العالمة المصرية خريطة تفصيلية، وهو نهر قديم اسمه نهر توشكى فى منطقة العوينات وهو ثانى أكبر الاحواض المائية القديمة فى مصر بعد حوض نهر النيل، وتم حفر مئات الآبار فى هذه المنطقة وتستخدم مياهها فعلا فى الزراعة.
والدكتورة إيمان غنيم بعثت من أمريكا مناشدة لوزارات الرى والزراعة واستصلاح الأراضى والبترول للاستفادة من النهرين لتحقيق طفرة زراعية فى مساحات شاسعة، وأبدت استعدادها لوضع ما لديها من نتائج ومعلومات «رهن اشارة الوطن». وبعد نشر هذه المعلومات المثيرة انتظرت أن تتحرك أية جهة فى مصر ولو من باب الفضول العلمى وحب الاستطلاع، أو من باب الحرص على استغلال ثروة مدفونة تحت الأرض، ولكن كالعادة قبول الموضوع بالتجاهل من الجهات الرسمية، وبالتشكيك من خبير المياه الجوفية الدكتور مغاورى شحاته رئيس جامعة المنوفية الأسبق الذى قال للمصرى اليوم إن الموجود فى الصحراء الغربية ليس نهرا ولكنه خزان جوفى قابل للنضوب لأنه غير متجدد دون أن يشير إلى الدليل العلمى على ذلك فى مواجهة خرائط وصور الدكتورة إيمان غنيم.
أثارتنى القصة لأكثر من سبب. أولا: لأن المفروض أن فى مصر علماء جيولوجيا وهيئة للاستشعار عن بعد واساتذة متخصصين فى الجامعات، ومع ذلك لم تفكر اية جهة فى عقد مؤتمر أو حلقة بحث يدرسون فيها نتائج دراسات الدكتوراة إيمان ويوجهون إليها الدعوة للحضور لمناقشتها والاستفادة بما توصلت إليه، على الأقل لمقابلة مثل هذا البحث الخطير بما يستحقه من الجدية والاهتمام خاصة أن المسئولين يكررون كل يوم- إلى حد الملل- اهتمامهم بالبحث العلمى واعتباره قاطرة التقدم وأهم عناصر الامن القومى. وثانيا: لأن هناك كلاما كثيرا واجتهادات متضاربة حول المشروع القومى للتنمية المزمع إعداده، هل يكون ممر التنمية الموازى لنهر النيل وفقا لمشروع الدكتور فاروق الباز وهو عالم كبير له مكانته العالمية، أو هو مشروع الدكتورممدوح حمزة فى الصحراء الغربية، أو بالاستفادة بالنهرين الللذين تتحدث عنهما الدكتورة إيمان غنيم. وثالثا:نريد أن نعرف هل تغير الأداء الحكومى بعد 25 يناير أو سيظل كما كان قبل ذلك وتغيرت الوجوه ولم تتغير العقلية وأسلوب الادارة؟
ومشروع توشكى الحائر!
أرجو من يفهم شيئا عن جدوى مشروع توشكى أن يتفضل ويشرح لى الحقيقة، ففى عهد وزارة الدكتور الجنزورى قيل لنا إن المشروع تمت دراسته فى بيوت خبرة عالمية وسيؤدى إلى زيادة مليونى فدان إلى الأرض الزراعية وتوطين نصف مليون مواطن وانتاجه مضمون للتصدير، وتحمسنا للمشروع، ولم يكن أمامنا إلا أن نصدق أولى الامر، وبعد ذلك قيل لنا فى عهد وزارة أحمد نظيف إنه مشروع فاشل وتسبب فى ضياع مليارات الجنيهات بدون جدوى، ولم يزرع الامير وليد بن طلال سوى 10آلاف فدان مع أنه تعاقد على100 ألف فدان بتراب الفلوس.
وفى عهد وزارة الدكتور عصام شرف قيل لنا إن الأمير الوليد وقع عقدا تنازل فيه عن 75 ألف فدان واكتفى بالحصول على 25 الف فدان، ومنذ ايام أعلن وزير الرى د. حسين العطفى انه متفائل بمشروع توشكى وتقرر استئناف العمل فى نسبة 2% وهى كل الاعمال المتبقية لاستكمال المشروع وتم توفير 100مليون جنيه لتمويل الأعمال المطلوب استكمالها، وسيكون لشباب الوجه القبلى الأولوية فى أراضى توشكى، وتم توفير المياه لرى 300 ألف فدان، وقال الوزير إن أربع شركات استثمار مصرية وعربية تعمل هناك، وأكثر من ذلك قدمت دولة الامارات الشقيقة 15 مليون دولار لإقامة مدينة متكاملة لبحوث زراعة الصحراء وبحوث المياه فيها وخصصت مساحة تبلغ 1000فدان لهذه المدينة، وفعلا انتهت أعمال البناء وأصبحت جاهزة للافتتاح وأكثر من ذلك وافقت الامارات الشقيقة على تحويل المدينة البحثية إلى مركز عالمى للتميز الزراعى هو الأول من نوعه وسيطلق عليه مركز الشيخ زايد للتميز الزراعى ويخصص الباحثون والخبراء أبحاثهم فيه على البحوث التطبيقية لعلوم المياه والنباتات.
ماذا نصدق؟ هل نصدق الذين يقولون إن توشكى مشروع فاشل ضاعت فيه مليارات أو نصدق من يقولون إنه مشروع ناحج وسيبقى اسم الزعيم العربى الراحل الشيخ زايد يتردد فيه بمساهماته الكبيرة التى لا يمكن نسيانها؟ هل نستعين بصديق أو بحكم أجنبى ليقول لنا الحقيقة؟ او تعالوا نذهب إلى هناك لنرى بعيوننا و «الميه تكذب الغطاس
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف