جـواســيس فى كل مكان!
لن يكون الجاسوس الإسرائيلى إيلان جرابيل هو آخر جواسيس إسرائيل، ففىكل وقت وفى كل مكان هناك جواسيس مهمتهم الوصول إلى المعلومات عن كل شىء فى مصر، وليس شرطا أن تكون هذه المعلومات سرية، فالمعلومات السرية طبعا هى الهدف الأول، ولكن المعلومات العلنية التى يعتبرها المصريون معلومات عادية ولا أهمية لها، قد تكون لها أهمية لدى أجهزة المخابرات تكمل بها الصورة وتلقى الضوء على الأحداث الحالية والمتوقعة، أما المهمة الأكثر خطورة فهى العمل بكل الطرق لإثارة الفتن والمشاكل والتوتر بين المصريين، وهذا هدف سياسى بالغ الأهمية لكل من يريد تعطيل مسيرة التقدم والتنمية فى البلد ويهمه أن يبقى المصريون فى شقاق دائم، وينشغلوا بعداوة بعضهم لبعض بديلا عن التوجه إلى العدو الحقيقى. الجاسوس الإسرائيلى إيلان جرابيل جاء إلى القاهرة مع بدء ثورة 25 يناير بجواز سفر أمريكى- وهو إسرائيلى يحمل الجنسية الأمريكية ويعمل ضابطا فى المخابرات الإسرائيلية ويجيد اللغة العربية واللهجة المصرية- وبسهولة غريبة اندمج وسط ثوار 25 يناير فى ميدان التحرير، وبسهولة قاد عملية التحريض على إشعال الحرائق فى كنيستى إمبابة، وبسهولة أيضا وقف يهتف ويشارك فى قيادة المتظاهرين الأقباط أمام مبنى التليفزيون فى ماسبيرو دون أن ينتبه أحد إلى أنه ليس مصريا وليس قبطيا! وبلغت به الجرأة أن دخل الجامع الأزهر واشترك فى مناقشات لتحريض شباب حسن النية وهو مدرب على عمليات غسيل المخ، وأرسل تقارير إلى رؤسائه فى تل أبيب عن المظاهرات واتجاهات الرأى العام، وتحركات القوات المسلحة وتعرف على عدد من الصحفيين الشبان وحصل منهم على ما لديهم من معلومات وهم يحسبون أنهم يتعاونون ويساعدون هذا «الزميل» الصحفى! وببراعة تمكن من معرفة الكثير.
أما شبكة التجسس التى صدر الحكم على أعضائها بالسجن منذ أيام فهى قصة أخرى.. الخلية مكونة من مصرى صاحب شركة استيراد وتصدير واثنين من ضباط المخابرات الإسرائيلية وتمكنوا من الحصول على معلومات سرية وخطيرة تمس الأمن القومى لدول عربية تعرض سياسة مصر الخارجية لأزمة مع هذه الدول للمشاكل قد تصل إلى قطع العلاقات السياسية وقيل فى وصف هذه المعلومات إنها بمثابة «حلم» بالنسبة للمخابرات الإسرائيلية ولم يكن فى تصورها أن فى إمكان أى جاسوس أن يتحصل عليها.
إسرائيل على الخط
ومن تابع قضية تمرير المكالمات التليفونية إلى إسرائيل والتى كان يجريها مسئولون مصريون وتتعلق بمصالح وأسرار الدولة يدرك إلى أى حد يتغلغل الجواسيس فى أماكن نظن أنها بعيدة عن الاختراق.
القضية صدر فيها الحكم بالسجن على 27 متهما، وتتلخص فى أن 21 عاملا وموظفا فى شركتين من شركات المحمول مع مصريين آخرين وفلسطينيين قدموا لعميل المخابرات الإسرائيلية أرقام تليفونات وعناوين شخصيات مصرية فى أماكن حساسة بالدولة وساعدوا على إنشاء محطات هوائية على شريط الحدود مع إسرائيل، وتم بذلك توصيل المكالمات التى تجريها هذه الشخصيات إلى المخابرات الإسرائيلية، وكانت البداية فى عام 2007، أما رجل المخابرات الإسرائيلية فاسمه أرولى ليفى وحصل من واحد من المتهمين على معلومات عن مستخدمى الإنترنت فى قطاع غزة ساعدت المخابرات الإسرائيلية على رصد العناصر المهمة فى القطاع وقتلهم أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية، وعن طريق التنصت على المكالمات المهمة حصلت إسرائيل على معلومات يمكن أن تؤدى إلى الإضرار بمصالح مصر السياسية ومركزها الاقتصادى!
أجهزة التجسس للبيع
ومنذ أيام تم ضبط حاويتين وصلتا إلى ميناء السخنة استوردتهما شركة فى مدينة نصر على أن محتوياتهما هى قطع غيار كمبيوتر من الصين، وبالتفتيش عثر تحت قطع الغيار على (بلاوى) منها: كاميرات رقمية على شكل قلم، وأجهزة تصوير فيديو على شكل ساعة، وكاميرات على شكل ريموت سيارة، وكاميرات على شكل نظارة، وكاميرات على شكل فيشة كهرباء، وكاميرا فيديو على شكل ساعة مكتب، وكاميرات فيديو على شكل ساعة بالتليفون المحمول، وكاميرا صغيرة جدا (مايكرو) فيها كارت (ميمورى) وأجهزة لاقط إشارة لأجهزة متعددة بالسماعة، وأجهزة مانع إشارة، وكاميرات لاسلكية ولوازمها.
بالذمة، هل يمكن أن يكون استيراد وسائل التجسس الحديثة هذه لمجرد التجارة وتحقيق أكبر قدر من الربح الحرام أو هناك (مآرب أخرى)؟ وهل يمكن تصور أن (زباين) هذه الأجهزة من الناس العاديين مثلى ومثلك لضرورات العمل، أو حتى لمجرد التسلية، أو أن هناك أفرادا أو جماعات لها نشاط يحتاج إلى جمع معلومات بطرق خفية لا تخطر على البال؟
وبالمناسبة هناك إعلانات على الفضائيات عن برنامج يمكنك تحميله على تليفونك المحمول فيسجل لك المكالمات التى تتم بينك وبين الآخرين، وطبعا هناك من يسجل لك.. شيئا خطيرا، وغير أخلاقى، وغير قانونى ومع ذلك يتم علنا!
المسألة ليست أخبارا.. المسألة أن البلد تتعرض لمخاطر حقيقية تحيط بها من كل ناحية، والمواطنون لم يتعودوا على الحذر، ويسهل وقوعهم فى الفخ.. صحيح أن الأجهزة الرسمية تعرف واجبها وتقوم بهاعلى أكمل وجه..ولكن ماذا عن المواطنين الشيوخ والشباب.. إنهم يحتاجون إلى أن يدركوا الخطر، ويتعلموا الحذر، ويتعاونوا على كشف الجواسيس والمتعاونين معهم.. لأن الجواسيس يمثلون الحرب السرية- الخفية وهى أخطر من الحرب العسكرية المعلنة.. والحذر واجب.. وحماية الأوطان أول درجات الإيمان.