بروتوكولات حكماء أمريكا!
من الأفضل أن ننشغل بما يفكر فيه الأمريكيون وما يخططون له لإعادة ترتيب الشرق الأوسط على هواهم وبما يحقق مصالحهم ويضمن استمرار هذه المصالح إلى ما لا نهاية كما يأملون وإذا كانت بروتوكولات حكماء صهيون سرية ومجهولة النسب ومشكوكا فى صحتها، فإن بروتوكولات حكماء أمريكا معلنة، ومكتوبة، ومنسوبة لأصحابها. وبرتوكولات حكماء صهيون تتعلق بالمستقبل أما بروتوكولات حكماء أمريكا فقد بدأت تدخل حيز التنفيذ فى الحاضر وأمام عيوننا وإن كان البعض لا يراها، أو لا يريد أن يراها!.
لقد كتب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بنفسه مقالا قال فيه إن حماية الولايات المتحدة تعنى البدء بالهجوم بكل الوسائل العسكرية والتكنولوجية فى أى مكان وفى أى وقت، ومعنى ذلك أن أمريكا تعطى لنفسها الحق فى إعلان الحرب على أية دولة.
والصحافة الأمريكية كشفت عن خطة بدأ تنفيذها فعلا لتكوين (فرق الموت) الأمريكية التى تنتشر فى كل مكان فى العالم لقتل من تشك فى نواياهم.. فى العالم الثالث تقتل بنفسها.. وفى الدول الأوروبية تقتل بالتعاون مع الأجهزة المختصة فيها!
وفى صحيفة هيرالد تريبيون كتب ستانلى ويلز مقالا يوم 7 نوفمبر الماضى وهو سياسى ورجل أعمال وقريب الصلة بالرئيس بوش، والمقال بعنوان (الشرق الأوسط كما نتخيله) قال فيه إن العراق سيكون فيه نظام حكم جديد مؤيد للغرب وحليف لإسرائيل وتركيا، ونتيجة للضغوط التى تمارسها أمريكا على سوريا وإيران، ومع تزايد الوجود العسكرى للقوات الأمريكية فى الأراضى المحيطة بهما من جميع الجوانب سوف تضطر كل من إيران وسوريا إلى قطع صلاتهما بحزب الله والجهاد الإسلامى، ومع استمرار حرمان الفلسطينيين من الأموال والسلاح سوف ينتهى تلقائيا وجود (الانتحاريين)، والجهود الأمريكية سوف تظهر سلطة فلسطينية جديدة معتدلة، وتنهى إسرائيل بعد ذلك الاحتلال للضفة وغزة لكى تخفف الضغوط عليها، وتتخلص من الصعوبات والخسائر التى تحملتها بهذا الحصار والقتال، وبعد تولى السلطة (المعتدلة) الفلسطينية ينتهى خوف إسرائيل من قيام دولة فلسطينية لأنها لن تكون ( دولة إرهابية) كما كانت إسرائيل تخشاها.. وتكتمل الصورة بقول ستانلى ويلز إن الإحباط الذى تشعر به الشعوب العربية بعد ذلك لن يوجه إلى أمريكا ولا إلى إسرائيل ، ولكن سيوجه إلى الحكام العرب، وبذلك يتراجع موضوع الصراع العربى الإسرائيلى عن دائرة الاهتمام فى العالم العربى، وتحل محله المصافحات التاريخية فى البيت الأبيض، وتزدهر التجارة بين العرب وإسرائيل، ويتدفق السياح الإسرائيليون على بغداد، ودمشق، وطهران، وبيروت وينفقون فيها ملايين الدولارات!
ويتساءل ستانلى ويلز: هل تبدو هذه الأمور بعيدة عن التصديق ولا يقبلها العقل؟
ويقول ستانلى ويلز :و هو يستكمل الصورة:( إن هذه الرؤية هى رؤية البيت الأبيض، وهى التى يقصدها الرئيس جورج دبليو بوش عندما قال (إن مستقبل الشرق الأوسط سيكون مختلفا جدا)، فقد قال ذلك وهو يفكر فى تكرار نموذج أفغانستان فى بلاد أخرى منها العراق وفلسطين، وهذا أيضا ما كان يقصده عندما أعلن أن التحرر السياسى والاقتصادى سوف ينتصر فى الشرق الأوسط!..ويضيف ستانلى ويلز : أن هناك بالفعل أسسا يمكن البناء عليها لتحقيق هذا التصور، بإقامة تحالف فى المستقبل بين العراق الجديد وإسرائيل وتركيا، وما يجعل ذلك ممكنا ما تحقق فى الفترة السابقة من إقامة علاقات عسكرية بين إسرائيل وتركيا منذ عام 1996 وقد تحولت الآن إلى شراكة عسكرية، وسياسية، واقتصادية، ونتيجة لذلك فإن تركيا تحصل على أسلحة متفوقة تكنولوجيا من إسرائيل، وتحصل إسرائيل على المياه من تركيا، ثم جاءت اتفاقية التجارة الحرة بينهما فازداد حجم التبادل التجارى بينهما حتى بلغ فى العام الماضى مليار دولار، وستنمو هذه الشراكة بالرغم من وصول حزب العدالة الإسلامى إلى السلطة، لأن الأمور فى تركيا يسيطر عليها العسكريون وهم يؤيدون هذه السياسة، أما العراق بعد التغيير فسوف يمر بمرحلة يعانى فيها من تهديد الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل والتطرف الإسلامى فى إيران، ولن يكون أمامه إلا أن يتعاون مع تركيا، وبذلك تشترك تركيا والعراق الجديد فى تحقيق مصالح أمنية واقتصادية مشتركة منها أيضا منع قيام دولة كردية مستقلة فى شمال العراق، وبذلك يتحقق تأمين تدفق بترول العراق دون مخاطر. وستكون إقامة العلاقات بين إسرائيل والعراق الجديد مسألة صعبة فى البداية، ولكنها ليست مستحيلة، وقد عقد قادة العراق الجديد الذين أعدتهم أمريكا اجتماعات علنية مع مسئولين إسرائيليين، ولابد أن يوضع فى الاعتبار أن العراق الجديد سيكون محتاجا إلى مساعدات عسكرية واقتصادية من أمريكا وسيكون ذلك حافزا له لإقامة سلام مع إسرائيل، وفى نفس الوقت فقد حققت إسرائيل إنجازا مهما بإقامة روابط عسكرية قوية مع الهند، والهند هى الدولة الثانية فى العالم من حيث عدد السكان المسلمين، وهذا التحالف بين الهند وإسرائيل جاء نتيجة المخاوف المشتركة لديهما من القنبلة الإسلامية، ومن الإسلام الراديكالى فى باكستان.
ويقول ستانلى ويلز: إن الشرق الأوسط ملئ بمعاهدات الدفاع المشترك الفاشلة (يقصد بين الدول العربية) ولذلك لا يحتاج إلى معاهدات دفاع مشترك جديدة ربما تستفز التحالفات المضادة، وفى سياق الحديث يوجه ستانلى ويلز اتهاما إلى سوريا بأن لديها ترسانة أسلحة كيمائية و بيولوجية تفوق ترسانة صدام حسين، ويشير إلى ان هذه ستكون الجولة الأمريكية التالية، كما يشير إلى تحالف ممكن أن يجمع أمريكا وتركيا وإسرائيل والعراق الجديد، ويختم مقاله بعبارة قالها وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق إسحاق مردخاى (عندما نضم قبضتنا فإنها تصبح قبضة قوية).. ويشرح المعنى الذى كان يقصده مردخاى أن استراتيجية إنشاء محور يضم العراق وإسرائيل وتركيا يمكن به تغيير كل شىء فى الشرق الأوسط، ويقول ستانلى ويلز: هذا هو المستقبل الذى يستحق أن تعمل أمريكا من أجله.. وضمن البروتوكولات أيضا ما كشف عنه المسئول الكبير فى مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك ديفيد فيليبس فى مقاله فى هيرالد تريبيون يوم 25 نوفمبر الماضى تحت عنوان ( أمريكا وإيران حلفاء ) وقال فيه إن إيران تعهدت بنزع أسلحة العراق سواء بالحرب أو بدون الحرب، وهم يرون فى إيران أنه لا يمكن أن يكون فى العراق نظام أسوأ من نظام صدام حسين بالنسبة لهم، وهذا يعنى أن هناك مصلحة مشتركة بين أمريكا وإيران فى نزع أسلحة العراق وإذا لزم الأمر الإطاحة بالنظام العراقى ولهما أيضا مصالح مشتركة فى إدارة العراق بعد تغيير نظام الحكم، وقد تعهدتا باحتواء أية اضطرابات قد تحدث فى العراق، ومتفقتان على أن الجماعات العرقية والدينية التى حرمت من حقوقها على مدار عقود يجب أن تحصل على حقوقها السياسية والثقافية بعد صدام، ومع أن إيران أعلنت الحياد النشط فإن علاقاتها الواسعة مع المجلس الأعلى للمقاومة الإسلامية فى العراق يمكن أن تسهل لها الحصول على معلومات استخباراتية ذات قيمة عن أسلحة الدمار الشامل فى العراق. وإذا عرقل العراق عمليات التفتيش المتطفلة فسوف تصدق إيران على العمل العسكرى، وتستطيع مساعدة أى قوة أمن دولية بقيادة أمريكا والسماح باستخدام مجالها الجوى للقيام بمهمات البحث والإنقاذ للطيارين الأمريكيين الذين قد يسقطون فى الأراضى الإيرانية. وإذا استخدم العراق أسلحة كيمائية ضد القوات البرية الأمريكية فإن إيران سوف تسمح بعلاجهم فى مستشفياتها التى استكملت تجهيزها وتوفير أطباء ذوى خبرة فى معالجة هذه ا لحالات. وحين يتدفق اللاجئون من العراق إلى إيران هربا من الحرب ستقدم وكالات الأمم المتحدة الإغاثة لهم وستوفر الولايات المتحدة المساعدات الإنسانية لهم. وستقوم أمريكا بتدمير صواريخ سكود العراقية التى قد تهدد جيران العراق ومنها إيران. وهذا التعاون لن يكون غريبا. فقد سبق أن تعاونت إيران مع أمريكا فى الحرب ضد طالبان، وفى تشكيل حكومة جديدة فى أفغانستان.
وفى المقابل سوف تتراجع أمريكا عن رفضها لانضمام إيران إلى منظمة التجارة العالمية، وسوف تخفف أمريكا القيود التى تفرضها على تصدير الأغذية والأدوية لإيران، وتخفيف الحظر الذى تفرضه على المنظمات التى تقدم مساعدات للاجئين فى إيران، وترفع القيود على دخول الإيرانيين إلى أمريكا.
وفى بروتوكولات حكماء أمريكا المزيد.!.