الإسلام ضحية الإعلام الأمريكى
 لابد أن نعترف بأن اللوبى الصهيونى قد نجح نجاحا كبيرا فى تشويه صورة العرب والمسلمين فى داخل إسرائيل وفى داخل الولايات المتحدة، وأنه وصل إلى تكوين صورة نمطيـة منفرة للعربى والمسلم فى عقول الإسرائيليين والأمريكيين.

واللوبى الصهيونى يتميز أولا بأنه يعمل وفق مخطط طويل المدى لسنوات وسنوات، ويستمر التنفيذ بكل الوسائل،فى الإعلام، ومؤسسات التعليم والتربية، وحتى الجامعات ومراكز الأبحاث. ويتميز ثانيا بأنه يعمل بمجموعات من الخبراء والسياسيين ويتغلغل فى جميع المواقع تقريبا، ويصـل إلى كـل مجموعة من الناس بالأسلوب الذى يناسبهـا، ويتميـز ثالثـا بأنـه لا يشكو من نقص التمويـل، أو قلـة الكـوادر المؤهلـة علميا والمدربة والتى تحمـل جنسيـة كـل بلـد تعمـل فيه وتتحدث فى كل بلد بلغته، وتعرف جيدا المداخل المناسبة والأوتار الحساسـة للتأثير على المشاعـر والعقول فيه.

ففى إسرائيل لا تظهر الشخصية العربية والإسلامية فى أدوات الاتصال الجماهيرى والكتب المدرسية إلا شخصية مشوهة تبعث على الكراهية أو تثير السخرية، وقد نشرت صحيفة ( هآرتس ) منذ سنوات نتائج بحث أجرى فى قسم تأهيل معلمى اللغة العربية فى جامعة تل أبيب تحت إشراف البروفيسور حزاى بوروش، وتبين من هذا البحث أن الشخصية النمطية التى تدرس للعربى والمسلم فى المناهج الدراسية لم تتغير بعد معاهدة السلام مع مصر ولا بعد معاهدة السلام مع الأردن، وأنها مازالت تقدم للتلاميذ فى جميع مراحل التعليم لتأكيد الاعتقاد بأن العرب والمسلمين فى مرتبة أقل من اليهود، وأن هذه المناهج فى عمومها تجعل الطلبة اليهود لا يجدون فى أنفسهم رغبة فى محاولة التعرف على أقرانهم  من العرب والمسلمين أو الاشتراك معهم فى حوار أو نشاط.

وقد أعد البروفيسور حزاى بوروش بحثا قام فيه بتحليل 12 كتابا مدرسيا تدرس فى المرحلة الإعدادية فى المدارس الإسرائيلية، تم إعدادها بعد حرب 67 ومازالت مقررة تدرس للتلاميذ حتى الآن، وقال البروفيسور بوروش فى بحثه: إن الرسائل الإعلامية فى هذه الكتب تقدم شخصية العربى والمسلم بما يبعث على النفور منها من حيث المظهر، والملابس، والعادات، وأسلوب المعيشة، والعلاقات  داخل الأسرة، والأعمال التى تناسبها، وتتحدث عن علاقات العرب والمسلمين على أنها علاقات متوترة وعدائية، على الرغم من أن الشعار الرسمى المعلن لوزارة التعليم الإسرائيلية الذى تردده فى المناسبات هو ( التعايش والتطبيع ) والكتب التى تقررها فى المدارس تكشف عن حقيقة مغايرة، فقد أظهرت الدراسة أن قلة قليلة من النصوص فى الكتب الدراسية تتحدث عن الثقافة العربية أو الإسلامية وركزت الكتب على مجرد تدريس اللغة العربية.

وفى هذه الكتب التى يدرسها تلاميذ المدارس الإعدادية فى إسرائيل-وهم فى سن تكوين الصور النمطية والاتجاهات العقلية والنفسية-يظهر العربى التقليدى فى عدة مظاهر، فهو البدوى الدائم الترحال أى لا أرض له ولا وطن! أو هو الخادم الذى يعمل لدى سيده غير العربى وغير المسلم، أو هو الفلاح الجلف الجاهل الذى لا يعرف الذوق والأسلوب الحضارى فى التفاهم والتعامل مع الآخرين، دون أدنى إشارة إلى أحد من المثقفين أو العلماء أو الشخصيات البارزة من الفلسطينيين أو العرب والمسلمين عموما .. وحتى الفلاح العربى والمسلم لا تصوره الكتب المدرسية إلا فى صورة الجاهل المتخلف الذى يزرع الأرض بشكل تقليدى وشأنه شأن أغلبية العرب والمسلمين يتمسكون بما هم عليه من أسلوب حياة وأفكار تقليدية وبدائية، ويرفضون التجديد والتطور، ولا تقدم  هذه الكتب العربى والمسلم إلا على أنه الفلاح، وعامل البناء، والنجار، والحلاق، وهو غالبا فقير، يعيش فى خيمة، ويركب الحمار، وليس أمامه مجال آخر يصلح له إلا عمله الذى يقوم به والذى يناسب قدراته الذهنية والتعليمية. أما ( العربى العصرى) فلا يذكر فى الكتب المدرسية إلا بشكل عابر، ولذلك فإن الرسالة الإعلامية التى يهدف المنهج الإسرائيلى توصيلها للتلاميذ أن العرب والمسلمين مكانهم الطبيعى على هامش الحياة والمجتمع، ودورهم تأدية الخدمات التى لا تناسب الإنسان المتحضر، وليس بينهم سوى قلة لا تذكر من المثقفين، وأما المرأة فهى أكثر تخلفا .. ويصل الباحث الجامعى الإسرائيلى فى نهاية بحثه إلى أن كتب تعليم العربية للتلاميذ الإسرائيليين تعمق (التصنيف الثقافى ) فى عقول الأجيال الجديدة، وتؤكد الإحساس بالتفوق الإسرائيلى والدونية للعربى والمسلم.

وما يدرس فى الإعدادى يدرس بتوسع أكبر فى الثانوى والجامعة، وما تنشره الصحف ومراكز البحوث، وما يقدمه التليفزيون ، والمسرحيات،لا يخرج عن هذا الإطار: التفوق الإسرائيلى، والدونية للعرب والمسلمين. وماذا يمكن أن تكون النتيجة ؟

الغريب أن الولايات المتحدة وإسرائيل أيضا تعملان بمنتهى القوة على تغيير مناهج الدراسة فى العالم العربى لغرس الثقة والاحترام فى الأمريكى والإسرائيلى ونشر ( ثقافة السلام ) ، بينما ينشرون هم ( ثقافة الكراهية وثقافة العداء ) .

***

أما ( الصورة النمطية للعرب والمسلمين فى الثقافة الشعبية الأمريكية ) فقد أعد لنا عنها البروفيسور جاك شاهين تقريرا بالغ الأهمية استغرق إعداده عشرين عاما ولم يورد فيه معلومة دون أن يحدد مصدرها، ويحلل ما فى الكتب وبرامج الإذاعة والتليفزيون وأفلام السينما الأمريكية، ويصل من هذا التحليل إلى أن  (صناعة العقل الأمريكى ) تعمل على تكوين صورة سلبية عن العرب والمسلمين فى الثقافة الشعبية أهم عناصرها: البداوة، والرمال، والخيام، والنخيل، والحريم. ومن حسن الحظ أن قام الدكتور السيد عمر بترجمة هذا التقرير .

صورة العرب والمسلمين تقدم فى الثقافة الشعبية الأمريكية فى صورة سهلة وجذابة حتى أصبحت عملة رائجة، وتؤكد الدراسة أنه منذ الربع الأخير من القرن العشرين ظل العرب يمثلون ( الآخر الخطير ) فى المنظور الأمريكى، ويتردد بقوة أن الخطر ( الأخضر ) أى الإسلامى البديل للخطر الأحمر أى الشيوعية، وفى الذهن الأمريكى هناك معنى واحد للإسلام، والجهاد ، والكراهية، والتعصب، والعنف، وعدم التسامح، واضطهاد المرأة.. وتشير الدراسة إلى استطلاع للرأى أجرى عام 1994 بين ثلاثة آلاف شخص من الأمريكيين البيض والسود وذوى الأصل الآسيوى واللاتينى حول العلاقة بين الطوائف الأمريكية فقال 42% منهم إنهم يرون أن الإسلام دين يرتبط بالإرهاب ويؤيده ، و47% يرون أن المسلمين معادون للغرب عموما وللأمريكيين خصوصا،و62% يرون أن المسلمين يضطهدون المرأة ويسيئون معاملتها، كما تشير الدراسة إلى أن  (الجهاد) فى الإعلام والأدب والسينما فى أمريكا يقدم على أنه (حرب مقدسة) يفرضها الإسلام على المسلمين ضد غير المسلمين، وأصبحت كلمة (الأصولية) مرتبطة بالإسلام والمسلمين وبالجماعات الإرهابية دون تفرقة، بالرغم من أن (الأصولية ) ليست إسلامية  أو عربية.ولكنها ظهرت عند الأمريكيين البروتستانت الذين يلتزمون التزاما حرفيا بالإنجيل، وفى الإعلام الأمريكى الآن يتكرر بصورة مقصودة وصف الإسلام بالأصولية وبالإرهاب على أنه لا يمكن الفصل أو التفرقة بينهما! ويردد الإعلام الأمريكى أن كل مسلم فى العالم هو صورة طبق الأصل من خومينى أو صدام حسين، ونجحوا فى الخلط بين العقائد الإسلامية والمواقف والحركات السياسية فى العالم الإسلامى وجعلوها حزمة واحدة .

وأكثر من ذلك وصل الخلط فى الذهن الأمريكى إلى حد أن معظم الأمريكيين يعتقدون أن إيران دولة عربية ، ويوجهون الإدانة إلى المسلمين عموما بالصورة التى كونوها عن إيران وثورة الخومينى، والدليل على أن الأمريكيين فى عمومهم لايعرفون عن الإسلام والعرب غير الصورة المشوهة التى تقدم لهم، أن الدراسة توصلت إلى أن معظم الأمريكيين يعتقدون أن إيران دولة عربية، ويسحبون على العرب إدانتهم لإيران باعتبارها دولة فى محور الشر على حد تعبير الرئيس الأمريكى جورج بوش، ولا يعرف الأمريكيون أن العرب لا يمثلون سوى 12% من المسلمين، والشائع بينهم أن كل المسلمين عرب، وأن الإيرانيين عرب، وليس ذلك غريبا مع ما هو معروف إلى أن الأمريكيين يعتنقون الأفكار الجاهزة التى تقدم إليهم دون أن يشغلوا أنفسهم بالبحث عن مدى صدقها أو التفكير فى أنها منطقية أو غير منطقية، خاصة وآلة الإعلام الأمريكية تتبع أساليب سيكولوجية وعلمية وتكنولوجية شديدة التأثير وتجعل المتلقى يفقد القدرة على التمييز والنقد.

ونتيجة للتكرار والتنوع فى الإعلام والفنون وحتى فى دراسات مراكز البحوث والجامعات، ترسخت حالة نفسية من الكراهية للعرب والمسلمين كما يقول البروفيسور جاك شاهين بحيث أصبح من المعتاد إدانة جميع العرب والمسلمين دون تفرقة على أية جرائم ترتكب، وقد عبر عن ذلك فيليب جيلين فى صحيفة واشنطن بوست بأن الصحفيين الأمريكيين يعملون على أساس الصور النمطية المجسدة فى الرسوم الكاريكاتيرية، والتليفزيون، والسينما، والكلمة المكتوبة، إلى النظر إلى العرب على أنهم كلهم سواء، وإلى أخذ الجميع بجريرة القلة، بل إن بعض  المفكرين يتحدثون عن ( القبيلة العربية ) و ( الغرائز البدوية العربية) للإيحاء بأن العرب غير أكفاء للمواطنة أو الحكم، وأن العرب يلبسون ملابس ويحملون أسلحة تدعو للسخرية، ومع ترسخ هذه الرؤية السلبية المتحيزة عن العرب والمسلمين فإن التعصب ضدهم فى الغرب لا يجد معارضة.

***

ومن النتائج التى توصل إليها البروفيسور جاك شاهين أن معظم الأمريكيين لا يعرفون شيئا عن تعاليم ومبادئ الإسلام، ولا يعرفون شيئا عن أعياد المسلمين، ولا يعلمون أن هناك نقاط اتفاق بين الديانات السماوية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، ورغم أن البلاد العربية فيها ( ملايين من المسيحيين ) هم عرب دما ولحمًا فإن الإعلام الأمريكى لا يشير إلى هذه الحقيقة، وكذلك لا يشير إلى أن الأمريكيين من أصل عربى معظمهم من المسيحيين و30% منهم فقط من  المسلمين، ورغم أن الولايات المتحدة فيها مسلمون أمريكيون عددهم الآن بين خمسة إلى ثمانية ملايين وبذلك يعتبر الإسلام هو الديانة الثانية فى أمريكا.. ورغم أن الولايات المتحدة فيها ما يزيد على 200 ألف مشروع أعمال إسلامى ، و1500 مسجد و 165 مدرسة إسلامية، و425 رابطة وجمعية إسلامية، و85 نشرة  ومجلة إسلامية، فإن وسائل الإعلام تشوه صورة المسلمين ومؤسساتهم وتصور كل المسلمين الأمريكيين على أنهم من أتباع لويس فرخان.

ولويس فرخان زعيم طائفة من المسلمين الأمريكيين تتهمه الصحافة بأنه حصل على أموال أجنبية من بلاد إسلامية للتأثير على الانتخابات الأمريكية عام 1996، وتدعى بأنه أعلن ( أن الله سيدمر أمريكا على يد المسلمين ) كما تدعى بأنه حين التقى مع الزعيم الليبى معمر القذافى قال له: إذا كان بحاجة إلى مساعدة فإنه فى إمكانه أن يرسل إلى ليبيا أربعين مليون مسلم أمريكى، وهذا ادعاء لا أساس له وهو اقرب إلى الكاريكاتير، لأن أتباع لويس فرخان أقل من عشرين ألفا، وسائر المسلمين الأمريكيين يعارضون لويس فرخان. ومع أن المسلمين الأمريكيين وغير الأمريكيين يعيشون جنبا إلى جنب مع غيرهم من الطوائف إلا أن وسائل الإعلام تصورهم على أنهم خطر على المجتمع وعلى الأمن القومى وأنهم يتساوون فى الخطورة مع مهربى المخدرات والمجرمين ويساندون الأعمال الإرهابية وموالون للحكام الطغاة فى العالم الإسلامى .

***

ويشير جاك شاهين فى دراسته إلى أن التشويه وصل إلى حد أن البعض يتحدث عن المسلمين على أنهم ( يعبدون القمر )، ويذكر أمثلة على ذلك ما رددته جانيت بارشالز فى الإذاعة يوم 15 مايو 1996، وكرره الدكتور روبرت مورى فى محاضرات ومطبوعات بعنوان ( الله-إله القمر ) و ( الإسلام : ديانة إله القمر) و(الغزو الإسلامى: التصدى لأسرع الأديان انتشارا فى العالم ) ويقول فيها ( إن دين الله-إله القمر الصحراوى-يشق طريقه إلى سجون كارولينا الجنوبية، وإن (إله المسلمين إله وثنى).

 وأنا شخصيا لا أصدق أن هناك إنسانا عاقلا فى العالم يمكن أن يقول إن الإسلام ديانة إله القمر، لأن هذا هراء لا يصدر إلا عن هلاوس مجنون، ولكن ما يدهشنى أن يؤكد ذلك إبراهيم هوبر رئيس مجلس العلاقات الأمريكى الإسلامى ويقول إن فكرة إله القمر رائجة خاصة عند الإنجيليين الذين يؤيدون مثل هذه الخزعبلات فى كتبهم. ويكرر بعضهم مقولة دانتى عن الرسول صلى الله عليه وسلم (بأنه الشخص الذى حطم قبضة المسيحية ويستحق على ذلك أشد عقوبة بأن يشق نصفين من رأسه إلى ما بين قدميه) كما يردد البعض قول واشنطن ايرفنج الذى كتب عام 1813 يقول (على الرغم من عبقرية النبى محمد فإن أحكامه نتاج للسقم والتعصب الدينى) وبعد ذلك بقرن كامل يكتب جون لويد ستيفنز أن (كل مسلم مخلص لإسلامه يتزوج ستا وثلاثين عذراء ليشبع رغباته) ويرفق ذلك برسم توضيحى تظهر فيه سيدتان بدويتان نهودهما عارية ومكتوب تحت الرسم (هذا ما يتوقع كل مسلم تقى أن يجده فى الجنة).

قد لا يصدق البعض أن كل ذلك حدث ويحدث فى أمريكا، ولكن جاك شاهين يشير إلى قائمة طويلة تحمل عناوين منها (نيران الإسلام ) و (الإسلام الملتهب ) وتتردد نفس الأفكار فى مقالات تحمل عناوين مثل (الإسلام قد يكتسح الغرب) و(الحرب الإسلامية ضد الحداثة) و(القنبلة الزمنية الإسلامية)،وليس غريبا أن تكون الفكرة الراسخة فى عقول الأمريكيين التى تكونت من قراءاتهم فى الصحف والكتب ومشاهداتهم للأفلام وبرامج التلفزيون أن المسلمين قساة غلاظ القلوب لا يعرفون التسامح، يعيشون على البداوة، أفكارهم متخلفة وجامدة، منعزلون عن تيار الحضارة الحديثة ويرفضون الالتحاق بها.. ومنافقون.. ومهووسون بالجنس.

أما صورة المرأة المسلمة فى وسائل الإعلام الأمريكية والكتب المدرسية فإن بحث جاك شاهين يثبت أنها صورة سلبية، وفى كتاب المواد الاجتماعية للصف السادس يدرس التلاميذ فصلا عن الشرق الأوسط يتعلمون منه أن حياة العرب والمسلمين تتلخص فى الإبل، والخيام، والنساء المنقبات، وأن الفتاة المسلمة التقليدية لا تذهب إلى المدرسة، والمرأة فى المجتمعات الإسلامية لا يمكن أن تملك شيئا، وأن الرجل المسلم يستطيع أن يطلق زوجته بمجرد كلمة، ثم تتضمن الأسئلة فى نهاية الفصل سؤالا للطالبات: أتحب إحداكن أن تكون امرأة فى الشرق الأوسط؟

وفى وسائل الإعلام الأمريكية صورة نمطية للعربى والمسلم: رجل يلبس جلبابا وعمامة، شرير وخطير وماكر، شاغله الأول إيذاء الآخرين وخطف الطائرات وتفجير المبانى.. وذلك دون تمييز بين القلة الإرهابية والأمة الإسلامية التى تنتمى إليها هذه القلة .

يقول جاك شاهين إن دراسته أكدت له أن المعيار الذى يحكم الإعلام الأمريكى فى عمومه هو: إذا كان بعض المسلمين والعرب متعصبين ،فإن معنى ذلك أن كل العرب متعصبون وميلهم للعنف أصيل.

يقول جاك شاهين إن وسائل الإعلام الجماهيرية فى أمريكا لم تعد تقدم اليهودى على أنه (شره) أو الأيرلندى على أنه (سكير) أو الهندى على أنه (متوحش) وأصبحت صناعة غرس الكراهية والخوف من الأجانب موجهة فقط إلى العرب والمسلمين دون سواهم، حتى أن الصحفى الأمريكى جاى ستون كتب مرة يقول: ( هل يمكن أن تخرج صورة العربى أو المسلم فى السينما عن تصويره على أنه واحد من ثلاثة : مليونير.. إرهابى.. عربيد. فأين العرب والمسلمون العاديون فى السينما الأمريكية؟ وهل آن الأوان لكى تتوقف هوليود عن هذه الحرب) ويرسم سام كين مؤلف كتاب (أوجه العدو) الذى صدر عام 1986 الوجه الآخر  للمأساة وهى أن تشويه سمعة العرب والمسلمين مستمرة على العكس من أى جنس آخر، وذلك نتيجة لعدم تعرض من يحط من شأن العرب والمسلمين لمحاسبة أو عقاب. ولذلك فإن العالم العربى والإسلامى فى التليفزيون والسينما هو عالم سكانه جميعا رجال ذوو لحى وشيوخ مشبوهون بين الحريم، وإرهابيون، وبدو متخلفون لا اخلاق لهم، وحريم خانعات يرتدين ثيابا سوداء من قمة الرأس إلى أخمص القدم، ويسرن فى خضوع و ذلة وراء شيوخ متعسفين، ورؤوسهن مطأطأة، وليس لهن وظيفة غير خدمة الرجال، والمرأة المسلمة فى الغالب كائن أخرس غير متعلم ومستعبد .. وباختصار فإن السينما والتليفزيون تعرضان دائما صورة العربى على أنه يفتقد ( الوجه الإنسانى ) ويعيش فى صحراء بها آبار بترول وخيام ومساجد وأغنام وجمال أو فى قصور مليئة بالحريم والخدم .

***

فى دراسة جاك شاهين أن هوليود عرضت ما يتراوح بين 15 و20 فيلما أسبوعيا فى الفترة من عام 1986 إلى 1995 تسخر من العرب، وأقحمت صورة بغيضة للعرب والمسلمين فى أكثر من مائة وخمسين فيلما لم يكن موضوعها عن العرب أو الشرق الأوسط، وإذا كان مارك توين فى عام 1869 قال فى كتابه (أبرياء بالخارج) إن اتباع محمد وثنيون .. ملاحدة.. متوحشون.. عيونهم قاسية ومليئة بالكراهية، فإنه فى العشرينات قدمت صورة العربى والمسلم على أنه تاجر عبيد، متوحش، وفى السبعينات والثمانينات قدمت صورة العرب والمسلمين على أنهم شيوخ البترول، وفى التسعينات وإلى الآن أصبحت الصورة (إرهابى.. أصولى.. متعصب.. يصلى قبل أن يقتل الأبرياء) وعرب ومسلمو اليوم فى الإعلام والسينما الأمريكية: شيوخ .. يتميزون بالوقاحة.. غير متحضرين ويرفضون التحضر.. يدمرون اقتصاد العالم .. ويخطفون النساء الغربيات.. ويسعون إلى تدمير إسرائيل وأمريكا .

فى عام 1990 عرض فيلم أمريكى اسمه ( ليس بدون ابنتى ) يصور رجلا مسلما منافقا وكذابا يخطف زوجته الأمريكية إلى إيران، وهناك يسجنها ويسىء معاملتها، ويصفعها على وجهها ويقول لها متباهيا ( أنا مسلم ) ويقسم للناس على القرآن ويحنث بالقسم، وتملأ الشاشة مشهد الرجل وهو يغادر المسجد ووراءه عائلته التى أصبحت تعيش فى الأسر والعبودية باسم الإسلام وخلفه صورة للخومينى للإيحاء بأن سلوك المسلمين جميعا تجاه أمريكا والأمريكيين يماثل سلوك الخومينى.

***

ويكتشف جاك شاهين من بحثه حقيقة جديرة بالاهتمام، وهى أن صورة اليهودى النمطية التى كان الإعلام فى ألمانيا يلصق بها كل السلبيات والنقائص ويجعل منها كبش فداء وسببا لكل مشكلات ألمانيا لم تعد موجودة الآن، وحلت محلها صورة الفلسطينى والعربى والمسلم بعد تحويرها وأصبح كل من هؤلاء هو (العدو الأول) .. والحثالة .. والإرهابى.. والسوس فى قطعة الخشب .. وخنزير.. ومتشرد .. ووحش يقتل الأطفال)، ويصور فيلم (أكاذيب حقيقية) إنتاج 1994 وفيلم (القرار التنفيذى) عام 1996 الفلسطينيين المسلمين على أنهم يتميزون بالعدوانية والسادية ويتلذذون بتعذيب وقتل الأمريكيين الأبرياء بل ويقتلون القساوسة دون اعتبار أو احترام لحرمة رجال الدين، ويقومون فى الفيلم بتفجير قنبلة نووية قبالة شاطئ فلوريدا. وبلغ الإسفاف فى ذلك الفيلم حدا دفع إيفى فيشر أحد أفراد فرقة كوماندوز إسرائيلية سابق ويعمل فى صناعة السينما بهوليود، يقول: (لقد حاربت، ولى أصدقاء عرب ومسلمون، ولكن ما تفعلونه ينزع الإنسانية تماما عن جماعة من البشر). وفى فيلم (القرار التنفيذى) تخطف مجموعة من المسلمين طائرة ركاب، ويقتلون إحدى المضيفات، ويعدون لتفريغ كمية من غاز الأعصاب تكفى لقتل ملايين من سكان العاصمة الأمريكية واشنطن.

ويتكرر فى الأفلام وتمثيليات التليفزيون مشهد الفلسطينى وهو ممسك بيده قنبلة وباليد الأخرى المصحف ويدخل قاعة فندق وينسف من فيها من رجال ونساء.. والعنصرية فى الأفلام الأمريكية تظهر فى تصوير الأطفال الأمريكيين العرب على أنهم (همجيون) وتصور العربى والمسلم على أنه يشبه الخنزير عندما يبتلع الطعام.. وتهدف مثل هذه الأفلام إلى غرس الشعور بالدونية لدى الأمريكيين العرب، والخجل من أنهم من أصول عربية ومسلمون لكى ينتهى بهم الأمر إلى التنكر لأصولهم العربية الإسلامية وإخفاء هويتهم، والخجل من إعلان أنهم من أصول عربية وأنهم مسلمون !

***

يرصد جاك شاهين أن السينما الأمريكية لم تقدم شخصية عربية أو إسلامية لها إنجاز علمى أو ثقافى، لأن صناع الصورة يعلمون ما يحدث عندما يتولى طرف تصوير الآخر وكأنه لا وجود له، وهذا يولد فى الأسر الأمريكية العربية المسلمة شعورا بالعدمية،خاصة بعد أن يستمر عرض فيلم مثل ( الرهائن ) عام 1993 لفترة طويلة وهو يقدم صورة للعرب والمسلمين على أنهم أوغاد يقتلون بأعصاب هادئة، وفى فيلم آخر اسمه (تحت الحصار) يقول وزير الخارجية الأمريكى لسفير دولة إسلامية: (إن أبناء وطنك برابرة) وعندما تحدث فى الفيلم حوادث تفجير فى البيت الأبيض وفى عدد من المتاجر يبحث مدير المخابرات الأمريكية فى سجلات أبناء الجالية العربية والإسلامية الأمريكية عن الإرهابيين الذين ارتكبوا هذه الجرائم. وفى ذلك  إيحاء بأن أى حوادث إرهاب لا يمكن أن يقوم بها إلا عرب ومسلمون .

وعموما فإن الأفلام الأمريكية تصور المسلمين على أنهم فى حالة حرب مع أمريكا، وعبر عن هذه الحقيقة باحث أمريكى بقوله: (إن العرب مختلفون عن الأمريكيين فى عقليتهم، وفى تحديدهم لما هو صواب وما هو خطأ، وما هو جدير بالحياة من أجله، وما هو جدير بالموت من أجله، وينبغى أن نستيقظ، ولا نصر  على معاملتهم كما لو كانوا مثلنا ) .

ومن أغرب ما ذكره جاك شاهين فى دراسته شكوى الممثل الأمريكى نيقولاس كادى الذى يكتسب شهرته بتمثيل دور إرهابى عربى مسلم يلبس الكوفية، وقال فى حديث له : إنه نادرا ما يقول كلمة فى الأفلام التى قام بالتمثيل فيها .. وإن ما يطلب منه أن يوجه نظرات تهديد وأن يقول فى كل مرة : ( أمريكا ) ثم يبصق.

ويسجل جاك شاهين أن الصورة الكريهة للعربى والمسلم تظهر حتى فى الإعلانات التجارية.

***

ويقول جاك شاهين إنه من المفترض أن الديمقراطية الأمريكية مؤسسة على صحافة حرة تزود الأمريكيين بالمعلومات الصحيحة ، إلا أن هذا الفرض غير صحيح، والصحافة الأمريكية مليئة بالتضليل المتعمد والمعلومات المشوهة عن مسلمى الولايات المتحدة .

ويقول زهير كشميرى فى كتابه ( الخليج من الداخل ) إن موجة من العنصرية المعادية للعرب والمسلمين اجتاحت كندا وأمريكا وقت حربهما على العراق، ووجد معظم العرب والمسلمون فى أمريكا وكندا أنفسهم مصنفين على أنهم فى خندق العدو، وعانوا من المضايقات والعنف فى الشوارع، والمدارس، وأماكن العمل، واستمر ذلك حتى بعد وقف إطلاق النار، ولم يقتصر ذلك على الأمريكيين العاديين بل شارك فيه مسئولون.. وازداد الحال بعد تفجير مركز التجارة العالمى فى 23 فبراير 1993.. ووصل إلى الذروة بعد  أحداث سبتمبر 2001 . وانتهزت الصحافة وشبكات التليفزيون الفرصة لتصوير المسلمين جميعا على أنهم إرهابيون، وأن تنظيمات طالبان والقاعدة والجهاد هى التعبير عن حقيقة الإسلام .

من الأمثلة التى تتكرر فى الصحافة الأمريكية ما كتبه ليسلى جيلب فى صحيفة ( نيويورك تايمز ) من أن الإسلام لا يعترف بالتعايش من حيث المبدأ .

ويشير جاك شاهين إلى العناوين الرئيسية لبعض الصحف الأمريكية مثل عنوان (واشنطن بوست) فى 5 مارس 1993 الذى يقول: (الإسلام الجهادى يحارب القيم الغربية:العنف على هامش اليقظة الأصولية) أو العنوان الرئيسى لصحيفة ( يو. إس. إيه تودى الواسعة الانتشار يوم 9 مارس 1994 الذى يقول: (المواجهة من جديد بين الإسلام الثورى والغرب).

ويعترف الصحفى ريتشارد كوهن فى صحيفة (واشنطن بوست) بأن الخوف من الإسلام متأصل فى الثقافة الغربية، ويقول إن الوثائق الرسمية كشفت أن الذين أدينوا بارتكاب أعمال إرهابية فى أمريكا فى الثمانينات كانوا 171 شخصا لم يكن بينهم سوى 11 شخصا على علاقة بجماعات عربية بنسبة 6% فقط والباقى أمريكيون !

وكتب ديرك جاكسون المحرر فى صحيفة بوسطن جلوب يقول : (إن بعض الصحفيين يكيلون بمكيالين، فعندما يرتكب مسلم جريمة يلصقونها بالمسلمين جميعا، ولا يفعلون ذلك عندما يرتكب مسيحى أو يهودى جريمة، فإنهم ينسبونها إلى شخصه دون إشارة إلى ديانته، ولا يعممون صفة الإجرام أو الإرهاب بالمسيحيين أو اليهود جميعا، فهم لم يصفوا إيجال عامير قاتل إسحاق رابين بأنه (إرهابى يهودى) أو (أصولى يهودى) ولم يصفوا ميتشل جريفى قاتل الدكتور ديفيد جن بأنه (متطرف مسيحى)، ولكن ستيفن أمرسون ظل يكتب على مدى عام كامل بعد حادث تفجير مركز التجارة العالمى عام 1993 بأن (العالم الإسلامى فى حرب مع أمريكا) وظل يكرر (إن الراديكاليين الإسلاميين سيهاجمون الأمريكيين لا محالة ) وظل يكرر فى عناوين مقالاته الاتهامات إلى (الجهاد) و(القنبلة الإسلامية) و(سيف الإسلام)

***

وعقب كل حادث إرهابى تظهر فى سلوك الأمريكيين آثار الصورة الذهنية التى غرستها وسائل الإعلام والسينما، فيتعرض العرب والمسلمون فى أمريكا لمضايقات وإهانات، كما يتعرضون لسيل من النكات، ويكون العربى والمسلم هو المتهم الجاهز لكل جريمة، وحتى عندما يظهر المتهم الحقيقى ويتبين أنه ليس عربيا وليس مسلما لا تكترث الصحف الأمريكية بالتصحيح أو الاعتذار .

فعندما وقع الانفجار فى مدينة أوكلاهوما فى 19 أبريل 1995 وأودى بحياة 169 شخصا وأصاب أكثر من 500 من أطفال ونساء ورجال، وثبت عدم تورط أى عربى  أو مسلم فى الحادث، فإن الصحافة أجمعت على الإسراع فى اتهام مسلمين بارتكاب الجريمة بل صرح مسئولون بأنه تمت مشاهدة أشخاص يبدو أنهم عرب وهم يلوذون بالفرار من مكان الحادث، ونشرت الصحف أن مرتكبى الحادث أشخاص من الشرق الأوسط. وبدأ التشكيك فى ولاء الأمريكيين العرب والمسلمين. وأذاعت شبكة تلفزيون سى. إن. إن يوم 20 أبريل 1995 أن السلطات ألقت القبض على ثلاثة رجال من الشرق الأوسط وأعلنت أسماءهم رغم عدم صلتهم بالحادث وثبوت براءتهم بعد ذلك. ووصف مراسلو سى. إن. إن .. أن الحادث (انفجار سيارة مفخخة على غرار ما يحدث فى بيروت) ، ونشرت صحيفة نيويورك تايمز يوم 20 أبريل 1995 أن مرتكبى الحادث إرهابيون عرب مسلمون وأنهم عقدوا اجتماعات فى أوكلاهوما وهى مدينة فيها ثلاثة مساجد.

 ثم قالت شبكة سى. إن. إن : إن مرتكبى العملية من منظمة حماس الإسلامية.

وقال ديفيد ايمرسون إن العرب والمسلمين هم وحدهم الذين يستخدمون الإرهاب ضد أمريكا ويسعون إلى إيقاع أكبر خسائر بشرية ممكنة ويجب ألا نصدقهم عندما ينكرون تورطهم فى هذه العملية.

وبعد الحادث بيومين نشرت صحيفة نيويورك بوست رسما لتمثال الحرية تحت الحصار وبجواره ثلاثة مسلمين ملتحون ويلبسون العمائم، يبتسمون وهم يحرقون العلم الأمريكى، وفى افتتاحية الصحيفة فسرت الفكرة التى تريد توصيلها إلى قرائها فقالت إن هدف الإرهابيين إثارة الخوف، وسنعرف فى الوقت المناسب الجمـاعة التى ينتـمى إليهـا أولئـك الإرهابيـون هـل هـى حـماس؟ أو حزب الله ؟ أو الجهاد الإسلامى؟

ويتابع جاك شاهين رصد ما جرى بعد ذلك، فقد عقّب الإذاعى الأمريكى بوب جرانت على رسالة من مستمع يدعو فيها إلى عدم التسرع فى تحميل المسلمين مسئولية الحادث. وعلق إدوارد سعيد بمرارة: (إن افتراض أن عربيا أو مسلما ضالعا فى انفجار أو عمل مرعب يحدث هستيريا جماهيرية لم أشهد لها نظيرا فى حياتى). وحتى بعد ثلاثة أيام من ظهور نتائج التحقيق وثبوت أن مرتكبى الحادث ليسوا عربا ولا مسلمين لم يعتذر الصحفيون والمعلقون الذين روجوا الادعاء بأن المسلمين هم الجناة ولا يمكن أن يكون أحد غيرهم، وفسَّر ذلك مور تايمر زوكارمان رئيس تحرير صحيفة (يو. إس. نيوز. أند ورلد ريبورت) بأن (الطبيعى الاشتباه فى المسلمين، لأن المتطرفين الإسلاميين هم (الآخر) الذى يهدد المجتمع المدنى الأمريكى)-قيل ذلك فى عام 1995 وهو لا يختلف فى شىء عما قيل فى أعقاب تفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك ومبنى البنتاجون فى واشنطن يوم 11 سبتمبر 2001 ، مما يؤكد أن الفكرة الراسخة الثابتة فى الذهن الأمريكى تدفع إلى كراهية المسلمين والشعور تجاههم بالعداء وتوقع الشرور من جانبهم، وربما يفسر ذلك ما أعلنه الرئيس جورج دبليو بوش من أن محور الشر يضم إيران والعراق، وما طرح فى الكونجرس مؤخرا من اقتراح باعتبار سوريا دولة راعية للإرهاب، وما ينشر  ويقال من تصريحات عدائية للسعودية، وما يتردد فى الصحافة والكونجرس من تهديدات لمصر واليمن وليبيا، وكل هذه دول يجمعها شىء واحد: أنها دول إسلامية، ولذلك فإن العقل الأمريكى يتهمها جميعا بأنها دول راعية للإرهاب دون تمحيص أو دليل .

الغريب حقا أنه بعد أسبوع من إعلان اسم الإرهابى الأمريكى الذى ارتكب حادث تفجير مبنى أوكلاهوما واتضاح الحقيقة بأن المسلمين لا علاقة لهم بالحادث ، ظهرت بعض الصحف تكرر الاتهامات للمسلمين، كما فعلت صحيفة (جلوب) يوم 16 مايو 1995 فقد قالت فى العنوان الرئيسى فى صفحتها الأولى: (الإرهابيون العرب قاموا بتمويل مرتكبى حادث تفجير أوكلاهوما)، وفى استفتاء حول موقف  الصحافة قال العديد من خبراء الإعلام وأساتذة الجامعات: إن الصحافة تصرفت بشكل مسئول ولم تقع فى أية أخطاء، وواصلت الصحافة الحديث عن خطر الإرهاب الإسلامى وضرورة التصدى له بعد أن ثبت أن مرتكبى الحادث هما تيموثى مكفاى، وتيرى نيكولاس، وهما أمريكيان أبا وأما وليسا مسلمين ولا عربيين ولا علاقة لهما بأحد من العرب والمسلمين. ونتيجة لذلك ظل السائد فى الرأى العام الأمريكى أن المسلمين هم المتورطون فى ذلك الانفجار، وواصل الأمريكيون الاتصال بالإذاعات وشبكات التليفزيون للتعبير عن هذا الاعتقاد.

والرأى العام الأمريكى معبأ ضد الإسلام والمسلمين منذ سنوات طويلة، وفى استطلاع للرأى أجرى عام 1994 كشف أن 39% من الأمريكيين يرون أن الإسلام يعرض أمن أمريكا والغرب للخطر، وأن الإسلام أصبح (قوة الشر) الجديدة فى العالم بعد انهيار الشيوعية، وتعبيرا عن التيار السائد ضد الإسلام كتب مور تايمر زوكارمان فى يونيو 1996 يقول : إن النبى محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يكن أمينا، وكان من مبادئه عدم احترام المعاهدات، وقد يقتدى ياسر عرفات بتصرفات محمد ولا يحترم اتفاقاته مع إسرائيل، فعرفات يتبع مبدأ النبى محمد بإبرام معاهدات مع العدو حينما يكون ضعيفا، وانتهاكها حينما يصير قويا !

ويرصد جاك شاهين فى دراسته مقالات كثيرة نشرتها الصحف الأمريكية فيما بين عامى 1994 و 1997 لتأكيد فكرة أن العرب يكرهون الشعوب المتحضرة عموما والأمريكيين والإسرائيليين خصوصا، وأن المسلمين لا يقبلون أى نقد أو تدقيق بالنسبة للإسلام ويتعرضون لحرية الصحافة، وزعمت أن كل النساء فى العالم الإسلامى يعانين من الاضطهاد، وأن فى العالم الإسلامى أكثر من 500 مليون امرأة تسعى كل منهن إلى اللجوء للغرب. وفى مارس 1996 نشر مقال فى مجلة (دايجست) كتبه بريان أيادس عن عودة الرق وقال فيه (إن العبيد يتعرضون للضرب والاعتداء الجنسى فى السودان، ويعاملون مثل قطعان الماشية ويتم تصديرهم إلى ليبيا ودول الخليج)! ولا يصف الكاتب تجار العبيد إلا بأنهم عرب مسلمون للإيحاء بأن كل العرب المسلمين تجار عبيد، مع أن المسألة كلها من اختراع الخيال.

وفى فبراير 1997 كتب أ. م. روزنتال كاتب العمود الشهير فى صحيفة نيويورك تايمز يقول فى مقال بعنوان (لماذا نتسامح مع الإرهاب) إن الإرهاب يمس كل أمريكى، وكل الإرهاب الموجه إلى الولايات المتحدة مصدره الوحيد تقريبا الشرق الأوسط ، والدول التى ترعى الإرهاب هى: (العراق، وإيران، وليبيا، والسودان، وسوريا).

والإحصاءات الرسمية التى أعلنتها وزارة الخارجية الأمريكية عام 1995 تقول إن 96% ممن أدينوا فى أعمال إرهابية بالولايات المتحدة ليسوا عربا، ولا إيرانيين، ومع ذلك تجاهلت الصحافة والإعلام الأمريكى هذا التقرير الرسمى واستمرت فى حملتها، وفى 22 أبريل 1996 نشرت صحيفة (ميامى هيرالد) رسما لمخلوق يشبه القرد له لحية، ويرتدى عمامة، ويمسك هراوة، ومكتوب على عمامته (الإسلام) وفوقها كلمة (كافر) وتحت الصورة يقول القرد: (نحن نفجر النساء والأطفال ونمزقهم إربا) وحتى فى دورة الألعاب الأولمبية عام 1996 قال المعلق الرياضى سكوت سلوان فى الإذاعة: (أشعر بالسأم من الأولمبياد، وحينما ذهب محمد على كلاى ليضىء الشعلة خشيت أن يسقط على شخص من أبناء الشرق الأوسط ويفجر المكان) وحاولت المنظمات الإسلامية فى أمريكا مطالبة المعلق بالاعتذار ولكنه لم يستجب لذلك. كما لم تفكر المحطة الإذاعية بالتنويه أو الاعتذار عن هذه الإساءة للمسلمين والإسلام بدون مناسبة.

***

وحين سقطت طائرة ركاب أمريكية فى 17 يوليو 1996 ارتفعت أصوات بمعاقبة إيران والعراق وسوريا وليبيا ومعاملتهم على أنهم كيان واحد، وقال جيفرى هارت صاحب العمود المعروف فى صحيفة  (واشنطن تايمز ): (إن  الرد الصحيح على هجوم إرهابى إسلامى هو شن هجوم فورى مدمر ضد دولة شرق أوسطية، ولا مبرر لعدم معاملة إيران، وسوريا، والعراق، وليبيا على أنهم كيان واحد، وإذا قيل إن ذلك سيسفر عن وقوع ضحايا من المدنيين فإن الرد: ماذا يضيرنا من تدمير رعاة الإبل وجامعى التمر؟!)

يقول جاك شاهين إن نتيجة هذه التعبئة للرأى العام الأمريكى ضد المسلمين والعرب أن تعرضوا لجرائم ومضايقات، وفى أعقاب كل حادث إرهابى يتحرش الطلبة الأمريكيون بزملائهم المسلمين الأمريكيين حتى يعودوا إلى بيوتهم وهم يبكون! وحينما وقع انفجار أوكلاهوما تعرض العرب-وخاصة رجال الأعمال منهم-للتهديد بتفجير منازلهم ومحال أعمالهم، وألقى البعض القمامة على المساجد .

وكما حدث ويحدث فى أعقاب تفجير سبتمبر 2001 حدث فى أعقاب تفجير أوكلاهوما الذى قام به إرهابى أمريكى عام 1995،فقد وجهت اتهامات عشوائية إلى عرب ومسلمين، كما فعلوا مع إبراهيم أحمد وهو مواطن أمريكى من أصل أردنى ركب طائرة من مطار أوكلاهوما فى نفس يوم الحادث متجها إلى الأردن لزيارة أسرته هناك، وبعد ساعتين من وقوع الحادث  أذيع أنه مشتبه فيه، وبدأ الأمريكيون فى إلقاء القمامة على باب منزله وبصقوا على زوجته، وقبضت عليه المخابرات الأمريكية وهو فى مطار شيكاغو وأخضعته للتحقيق ست ساعات متواصلة، ولم تجد دليلا ضده، فتركوه، وما أن وصل إلى لندن حتى قبضوا عليه ثانية هناك، وفتشوه، وقيدوا يديه، ووجهوا إليه الإهانات، وحققوا معه لمدة خمس ساعات ثم أعادوه إلى واشنطن مرة أخرى، وفى واشنطن جرى معه التحقيق لمدة يوم آخر ثم أطلق سراحه، مع أن إبراهيم أحمد عاش فى أوكلاهوما 14 عاما وهو معروف لجيرانه ودائرة عمله وللأجهزة التى تراقب العرب والمسلمين دون تفرقة بين المشتبه فيهم وغير المشتبه فيهم .. ورغم أن الجناة الحقيقيين تمت معرفتهم، وتأكدت براءته دون أدنى شك، فإنه لم يعد قادرا على العيش فى البلد الذى يعتبره بلده، فنظرات الشك والكراهية تحيط به، وسوء المعاملة استمر دون سبب ، ولم يعد أمامه إلا أن يترك أمريكا !

***

ويقدم جاك شاهين فى دراسته أمثلة تؤكد أن الطلبة النابغين يحرمون من الفرص ويواجهون العقبات إذا كانوا مسلمين، مثلما حدث للطالب عمر عبد المتكلم فى مدرسة كليمنصو فى ميتشجن، ولا تهتم إدارات المدارس بشكوى أولياء أمور التلاميذ المسلمين من سوء معاملة أبنائهم، ويسجل شكوى أم تلميذة فى ولاية كاليفورنيا تقدمت بها إلى مدير المدرسة لأن ابنتها تعود باكية من سوء معاملة زملائها لها فقال لها مدير  المدرسة: إذا لم يعجبكم البقاء هنا يا رعاة الإبل فاخرجوا من المدينة! (وفى كلورادو اشتكت أسرة أمريكية مسلمة لمدير  المدرسة مما جاء فى كتاب التاريخ الذى يدرس لأبنها من أن (الإسلام دين مزيف) فرد مدير المدرسة عليها بعبارات ساخرة، وفى مدينة دالاس نادى مدير مدرسة على طالب مسلم: (تحرك وإلا سأحرق خيمتك وأقتل جملك)! وفى ماريلاند شكا التلاميذ المسلمون من أن المدرسات عند الحديث عن الإسلام يقولن إن المسلمين يؤمنون بآلهة كثيرة، وإن صيام رمضان المفروض على المسلمين فيه قسوة خصوصا على الصغار .

***

وفى هذه الدراسة الشاملة يسجل جاك شاهين أن الحملة ضد الإسلام فى أمريكا لا تقتصر على الإعلام والمدرسين ولكنها تأتى أيضا من بعض المسئولين، ويسجل ما قاله السناتور ج. ج إيكسوت فى أغسطس 1990 (إن حياة الإنسان فى العالم العربى ليست مهمة كما هى فى العالم غير العربى) وقول هنرى كيسنجر فى عام 1992 : (ليس بوسع أحد أن يصدق أى شىء يقوله عربى) ، وفى 19 يناير 1994 قدمت لجنة من الحزب الجمهورى خاصة بموضوع الإرهاب والحرب غير التقليدية وثيقة إلى لجنة فى مجلس النواب بعنوان (الإسلام ضد الكنيسة) تقول إن المسلمين يسعون إلى مواجهة مع المسيحيين الغربيين، وجاء فى تلك الوثيقة (أن القيادة الإسلامية شنت منذ ديسمبر 1993 مع المنظمات الإرهابية، سيلا من الهجوم ضد الكنيسة بسبب الخدمات الإنسانية التى تقدمها الكنيسة فى أنحاء العالم الثالث ، والإسلاميون يخشون من أن تؤدى تلك الخدمات إلى تعليم أبنائهم تعليما غربيا، وتنشئة قيادات جديدة فى العالم الثالث معادية للإسلام).

ويقول جاك شاهين : إن هذه الكلمات والصورة الكريهة تنشرها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء فى أرجاء العالم مما يعمق سوء الفهم وينذر بإمكان الصراع، والأدهى من ذلك أن السياسات تتأثر بتلك الرؤى والأحكام المتحيزة العميقة الجذور، فى حين يتصدى البعض لكل محاولة لبناء جسور التفاهم بين الغرب والإسلام، كما فعل ستيفن أمرسون حين اتهم الرئيس السابق بيل كلينتون وزوجته هيلارى بمداهنة الإرهابيين العرب والمسلمين، وكتب فى صحيفة (وول ستريت جورنال) يقول: (إن الرئيس وسيدة أمريكا الأولى احتضنا منظمة أصولية إسلامية بالولايات المتحدة مؤيدة لحماس، وهذه المنظمة هى المجلس الإسلامى الأمريكى التى تدافع عن المنظمات الإرهابية الإسلامية).

وهذا الذى قاله ستيفن أمرسون أكبر مثال على المغالطات التى يلجأ إليها أعداء الإسلام لتشويه كل المؤسسات التى تعمل فى أى مجال من مجالات العمل الإسلامى، فالمجلس الإسلامى الأمريكى لا علاقة له بأية منظمات ويعمل فقط فى تنظيم ندوات وإعطاء دروس لتعليم القرآن والمبادئ الإسلامية لأبناء المسلمين الأمريكيين، وليست له أية أنشطة خارج هذا الإطار وهذا معلوم لكل الأجهزة الأمريكية .

ولا تخلو الساحة الأمريكية من أصوات عاقلة ومعتدلة تحذر من عواقب هذا الاندفاع فى العداء للإسلام والمسلمين والعرب، كما فعلت ميج جرينفيلد كاتبة عمود فى مجلة نيوزويك، وكتبت تقول: إن هذه الصورة النمطية التى تتكرر عن العرب والمسلمين.. قد تعوق التوصل إلى سلام حقيقى فى الشرق الأوسط من نتيجة مشاعر التمييز الصريحة المعادية للعرب التى أصبحت ظاهرة فى الأماكن العامة فى الولايات المتحدة الآن.. ومن الأخطاء الجسيمة النظر إلى العرب والمسلمين عند رسم السياسة الخارجية الأمريكية على أنهم جميعا أمة مذنبة.

***

لماذا كل هذا العداء ؟

يجيب جاك شاهين بعد عشرين عاما من التفرغ لدراسة هذا الموضوع بأن هناك سببين : الجهل ، والتعصب .

أما الجهل فيدلل عليه بأن المحررين والكتاب لا يعرفون شيئا يذكر عن الإسلام والعرب والعالم الإسلامى، ولا يوجد بينهم-تقريبا-عربى أو مسلم يصحح أو يقدم صورة صحيحة عن العرب والإسلام. ويذكر أن صحفية قالت فى مؤتمر صحفى عام 1993 كان مذاعا على الهواء على شاشات التليفزيون إنها كانت تظن أن إيران والعراق اسمان لدولة واحدة!

وكشفت دراسة أن 60% من محررى الشئون الدينية فى الصحف الأمريكية لم يتلقوا دراسة دينية، ويضاف إلى ذلك أن غالبية الصحفيين الأمريكيين لا يفهمون الإسلام ، ولذلك يكتفون بترديد العبارات النمطية الشائعة بدلا من التفكير فى مدى صحتها أو محاولة معرفة حقيقة الدين الإسلامى. وأخيرا فإن الصحفيين يدركون جيدا أنهم إذا أبدوا أقل تعاطف مع الإسلام والقضايا العربية فسوف توجه إليهم اتهامات بمعاداة إسرائيل وموالاة العرب وهذه تهمة كفيلة بتهديد حياتهم، فضلا عن أن الشائع بين الأوروبيين والأمريكيين أن الإسلام دين غير عقلانى ومعاد للعلم والتقدم والحضارة، ويغذى السياسيون هذه الأفكار، ويكفى مثلا ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكى وارين كريستوفر عقب انفجار  أوكلاهوما بأنه تم إرسال مترجمين عرب لمساعدة المحققين لتأكيد الفكرة السائدة بأن كل عمل إرهابى لابد أن يكون مصدره من عرب ومسلمين، وأكد هذه الفكرة ما أعلنه نائب أوكلاهوما فى ذلك الوقت ديفيد ماكوردى على شبكات التليفزيون من أن هناك دليلا واضحا للغاية على تورط منظمات إرهابية أصولية إسلامية.

ما أشبه الليلة بالبارحة .. أليس هذا هو ما قيل فى اللحظة الأولى عقب انفجارات 11 سبتمبر .. وما أعلنه الرئيس بوش من أنه سوف يعلن حربا صليبية على الإرهابيين ؟!

ويرصد جاك شاهين أن الأفلام الأمريكية التى تحط من شأن العرب والمسلمين تحقق أرباحا طائلة، فقد وصل إيراد فيلم (أكاذيب) 148 مليون دولار داخل أمريكا و 216 مليونا خارجها فيكون المجموع 364 مليون دولار وطالما يقبل المشاهدون فى أمريكا وأوروبا على مشاهدة الأفلام والمسرحيات والتمثيليات التى تشهر بالمسلمين والعرب فسوف يستمر إنتاج هذه الأعمال الفنية وتزداد (الصورة النمطية) السيئة رسوخا.

***

أين الدول والمنظمات والاتحادات الإسلامية والعربية؟!

لماذا لم تنتج حتى الآن فيلما يصور العرب كضحية؟

ولماذا يكتفى الجميع بالبكاء على انحياز الإعلام والثقافة فى أمريكا ضد المسلمين والعرب دون أن يفعلوا شيئا سوى عقد مؤتمرات فى الدول العربية والإسلامية وتبادل الخطب فيما بينهم لإقناع أنفسهم ببراءة الإسلام مما يوجه إليه من اتهامات؟!

لماذا لم يتحرك أحد حركة حقيقية بينما هناك من تحرك من الأمريكيين أنفسهم استشعروا خطورة استمرار هذا الموقف. كما فعل دارت وآلينى فى دراسة مهمة بعنوان (تخطى الفجوة-الدين ووسائل الإعلام) واقترحا فيها عقد اجتماعات دورية غير رسمية بين رجال الإعلام والقادة المحليين والكتاب الإسلاميين لرسم خطوط إرشادية لتصحيح تعامل وسائل الإعلام مع الإسلام والمسلمين والعرب، وكما اقترح البروفيسور آرثر لوواى أستاذ العلاقات الدولية بإجراء حوار أمريكى مع المثقفين الإسلاميين فى العالم الإسلامى وفى الولايات المتحدة؛ لأن الغرب لم يحاول فهم الإسلام،وإن الحوار ضرورى ليكون بديلا عن المواجهة، والتغطية الإعلامية الدقيقة كفيلة بسد الفجوة بين الغرب والإسلام.

هذه هى الدراسة العملية التى قام بها البروفيسور جاك شاهين مستندا فى كل كلمة فيها إلى مصادرها، ومنذ صدورها عام 1997 وحتى اليوم لم يكذب أحد كلمة واحدة مما جاء فيها.

والبروفيسور جاك شاهين أستاذ الاتصال الجماهيرى بجامعة الينوى الجنوبية، وأستاذ زائر بمركز التفاهم الإسلامى المسيحى بجامعة جورج تاون ، وباحث بمؤسسة فولبرايت، ومستشار شبكة ( سى. بى. إس) وتزيد مؤلفاته على 300 كتاب وتقرير منها كتاب (العربى فى التليفزيون) عام 1984، وله أيضا مقالات ودراسات عديدة عن تأثير الصور النمطية والقوالب الجاهزة فى الكتب المدرسية والجامعية والمجلات العلمية والدوريات الأمريكية .

وهذا ما فعله جاك شاهين، فماذا فعل المسلمون والعرب للدفاع عن دينهم وقضاياهم غير الصراخ داخل بلادهم؟!

ألم يلفت النظر حالة القبول فى الرأى العام الأمريكى للمجازر والاعتداءات البشعة التى يقوم بها شارون ضد الفلسطينيين نتيجة تعمق الشعور بالعداء للعرب والمسلمين؟!

هل يمكن أن يقوم الأزهر بعمل ما؟!

وهل يمكن أن يقوم بعمل ما وزير الأوقاف المستنير الذى يعلم أبعاد هذه القضية وله فيها مؤلفات علمية وصلت إلى نفس ما وصل إليه جاك شاهين وأمثاله ؟!


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف