اعترافات سفير أمريكى
 جوزيف ويلسون سفير أمريكا السابق فى الجابون من عام 1992 حتى عام 1995 كتب مقالا فى هيرالد تريبيون يوم 8 يوليو الحالى، تحت عنوان ( ما لم يجده المبعوث الأمريكى الذى ذهب إلى النيجر ).وفى هذا المقال يتساءل السفير جوزيف ويلسون: هل كانت نوايا غزو العراق مبيتة لدى إدارة الرئيس بوش؟

ولم تكن المعلومات التى أكدها بوش عن أسلحة الدمار الشامل فى العراق سوى حجة لتبرير الحرب وتلاعبت الإدارة الأمريكية فى المعلومات الاستخباراتية.

فيقول : بناء على خبرتى فى الشهور السابقة على الحرب ليس أمامى سوى استنتاج أن معلومات الاستخبارات عن برنامج العراق النووى تم تحريفها وعمدت الإدارة الأمريكية إلى المبالغة فى التهديد العراقى. وقد خدمت 23 عاما من 1976 حتى 1998 كمسئول فى الخارجية وسفير.

وفى عام 1990 كنت أشغل منصب القائم بالأعمال فى السفارة الأمريكية فى بغداد وكنت آخر دبلوماسى أمريكى يقابل صدام، وبعدها اختارنى الرئيس بوش الأب سفيرا لأمريكا فى الجابون، وفى عهد الرئيس كلينتون ساهمت فى مجلس الأمن القومى فى تخطيط السياسة الخاصة بأفريقيا. وقد نشرت الصحف روايات عن مبعوث أمريكى مجهول ذهب إلى النيجر بحثا عن حقيقة حصول صدام حسين على اليورانيوم منها، وقد كنت أنا ذلك المبعوث الذى ذهب إلى النيجر فى فبراير 2002 بتكليف من المخابرات الأمريكية للتأكد من وجود هذه الصفقة بناء على طلب ديك تشينى نائب الرئيس ، وهناك وجدت السفارة الأمريكية تراقب كل ما يتعلق باليورانيوم فى النيجر، وقالت لى السفيرة الأمريكية هناك إنها تعلم بأمر المزاعم التى تقال عن بيع اليورانيوم للعراق، وأنها تتصور أنها كشفت زيف هذه المزاعم وأبلغت واشنطن بذلك فى تقاريرها، ومع ذلك  قضيت 8 أيام فى مقابلة مسئولين حاليين وسابقين ورجال لهم صلة باليورانيوم فى النيجر، وتوصلت إلى أن ما يتردد فى واشنطن عن صفقة اليورانيوم لا أساس له من الصحة وفضلا عن ذلك فإن نظم إدارة مناجم اليورانيوم يصعب معها نقل اليورانيوم من النيجر إلى العراق؛ ففى النيجر منجمان  لليورانيوم: منجم سومير Somair      ومنجم كوميناك Cominak .

ويديرهما الفرنسيون والأسبان واليابانيون والألمان مع النيجريين، وإذا أرادت الحكومة نقل يورانيوم من منجم فلابد أن تبلغ الهيئة المسئولة عن إدارة هذا المنجم،  وهذه الهيئة تخضع لرقابة مشددة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد ذلك لا يمكن بيع يورانيوم بدون موافقة وزير التعدين، ورئيس الوزراء وربما الرئيس. وقد علمت أن المذكرة التى كانت تتبناها الإدارة الأمريكية عن بيع يورانيوم للعراق بها أخطاء فادحة منها أن توقيعات المسئولين فى حكومة النيجر عليها لأشخاص ليسوا مسئولين فى الحكومة، وهذا يدل على أنها وثيقة مزورة، وقد أنكرت حكومة النيجر رسميا أن هذه الصفقة قد تمت.

يقول السفير الأمريكى : فى أوائل مارس عدت إلى واشنطن وقدمت بيانا مفصلا للمخابرات الأمريكية، وفيما بعد ناقشت الأمر مع مكتب الشئون الأفريقية التابع لوزارة الخارجية، ولم تكن فى تقريرى معلومات تستلزم السرية. ولابد  أن يكون فى أرشيف الحكومة الأمريكية أربع وثائق على الأقل عن مهمتى فى النيجر، بالإضافة إلى تقارير السفيرة، وتقرير آخر منفصل من فريق العمل بالسفارة، وتقرير المخابرات الأمريكية عن رحلتى، ورد من المخابرات إلى مكتب ديك تشينى وربما يكون هذا الرد قد أبلغ (شفويا) بعد ذلك اعتبرت الأمر منتهيا، وكان موقفى يتلخص فى أن احتواء نظام صدام واستمرار الضغط عليه والتهديد باستخدام القوة أفضل من الغزو العسكرى، ولكن عادت قصة يورانيوم النيجر من جديد فى سبتمبر 2002 ، وأصدرت الحكومة البريطانية تقريرا رسميا يستند إلى تأكيد صفقة اليورانيوم، وفى يناير 2003 أعلن الرئيس بوش رسميا فى خطاب الاتحاد تأكيده لهذا الاتهام، وفى اليوم التالى قمت بتذكرة أصدقائى فى وزارة الخارجية بنتائج رحلتى إلى النيجر وأكدت لهم أن استنتاجات الرئيس لا تؤيدها الحقائق ، ورد الأصدقاء بأن الرئيس بوش ربما لديه معلومات عن صفقة يورانيوم مع دولة أخرى غير النيجر مثل الجابون، أو ناميبيا، أو جنوب أفريقيا.. ولم أكن أعلم أن الخارجية الأمريكية كانت قد أصدرت قبل ذلك. فى ديسمبر . تقريرا ذكرت فيه صفقة النيجر.

يقول السفير: إننى واثق أن تقاريرى وصلت إلى المسئولين فى البيت الأبيض. فإذا كانت معلوماتى قد تم تجاهلها لأنها لا تتفق مع تصورات معينة فإن ذلك  يعنى أننا ذهبنا للحرب بناء على ادعاءات زائفة.

ثم يقول إن سياسة أمريكا الخارجية كان يجب أن تعتمد على معلومات مؤكدة ويقينية، والحرب هى آخر خيار لدولة ديمقراطية، وقد فقد مئات الجنود الأمريكيين أرواحهم فى العراق ، وعلينا واجب التأكد من أن تضحياتهم كانت لأسباب صحيحة.

هذه هى اعترافات المسئول أمريكى الذى كان طرفا فى القضية.

وشهد شاهد من أهلها!
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف