حلم الرئيس الأمريكى
ليس الهدف من الحرب الأمريكية فى العراق إزالة أسلحة الدمار الشامل، ولا حتى ازاحة صدام حسين وإقامة نظام حكم جديد من العملاء وتلاميذ المخابرات الأمريكية، ولا إقامة حياة ديمقراطية فى العراق.. كل هذه أهداف زائفة لتبرير خروج الجيش الأمريكى إلى منطقة الشرق الأوسط، وإقامة قواعد عسكرية دائمة فيها، والاستيلاء على البترول العربى لكى تتحكم فيه أمريكا، تعطيه لمن تشاء وتمنعه عمن تشاء، وبتواجدها العسكرى فى المنطقة تستطيع أن تحكم وتتحكم مباشرة فى قرارات ومواقف دولها، وتسوى الأوضاع وفق المخطط القديم بإجهاض مبكر لعناصر القوة العربية، وتسوية الصراع بين إسرائيل والدول العربية لصالح إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية لكى يسود المنطقة (السلام الأمريكى) و (الديمقراطية الأمريكية) وهما بالطبع سلام زائف، وديمقراطية زائفة.
ومع ذلك فإن الهدف الحقيقى للحرب أكبر وأوسع وأخطر.
الهدف الحقيقى هو تحقيق حلم الرئيس جورج دبليو بوش وهو فرض نظام عالمى آخر غير النظام العالمى الجديد القائم الآن، النظام العالمى الحالى قائم على قوة عظمى واحدة، وقطب واحد هو أمريكا، ولكن هناك قوى وأقطابا أخرى فى سبيلها للظهور، وهى الآن فى مرحلة التكوين، وإذا تركتها أمريكا فسوف تصبح قوى كبرى عسكريا واقتصاديا وسياسيا، وسوف يتغير النظام العالمى ويصبح مرة أخرى ثنائى أو ثلاثى الأقطاب، وتفقد أمريكا مكانتها الفريدة التى وصلت إليها لأول مرة فى التاريخ، وهى فرصة نادرة لا تتاح لدولة إلا نادرا وعلى سبيل الاستثناء، وإذا ضاعت هذه الفرصة فسوف تضيع إلى الأبد.. هكذا يفكرون فى البيت الأبيض.
فرنسـا، وألمانيا، وروسيا، والصين، قوى كبرى فى مرحلة التكوين، تريد مشاركة أمريكا فى مكانتها فى قيادة العالم، إذا لم يكن اليوم فغدا أو بعد غد، ولدى كل منها عناصر وعوامل للقوة تسمح لها بالسعى إلى المشاركة فى قيادة العالم وإدارة شئونه.. وأمريكا تريد أن تجهض هذه القوى مبكرا.. تريد أن تقطع عليها طريق التقدم نحو قيادة العالم.. تريد أن تسلبها الحق فى المشاركة فى قيادة العالم.. كيف؟.. بحرب تظهر فيها أمريكا تفوقها العسكرى والسياسى، وتعلن بها أنها أقوى قوة فى العالم عسكريا، واقتصاديا، وسياسيا، وتفرض بها على العالم الخضوع لإرادتها وحدها.. وتتحدى إرادة هذه القوى الصاعدة لكى تحبط مساعيها وتقتل الجنين الذى سيصبح ماردا فى كل منها.. لكى يستسلم لإرادة أمريكا ويسلم بأن أمريكا فوق الجميع، وأن العالم منذ اليوم سيعيش وفق إرادتها وتحت رحمتها.. هى التى تقرر نظم الحكم لكل دولة.. وهى التى تمنح وتمنع. وهى التى تحدد الصواب والخطأ ..وهى التى تضع معايير الخير والشر.. وهى التى تتكلم وكلمتها نافذة.. وهى التى تأمر وعلى الجميع الطاعة.. أما إرادة الشعوب والمجتمع الدولى والشرعية الدولية.. والقانون الدولى.. ومبادئ العدالة.. وحقوق الإنسان.. والالتزام بالمعاهدات.. واحترام سيادة الدول .. فكل ذلك لا يهم ..
هذه أوراق تلعب بها أمريكا وتستخدمها للضغط على الآخرين، ولا تسرى أحكامها عليها.. أمريكا فوق الجميع.. فوق الشرعية الدولية.. وفوق مجلس الأمن.. وفوق المجتمع الدولى.. وفوق المبادئ والحقوق .. ومن لا يعجبه ذلك عليه أن ينتظر الجيوش الأمريكية لتؤدبه حين يأتى عليه الدور.. وتضعه أمريكا فى قائمة الدول الإرهابية ومحور الشر فيحق عليه العقاب.
***
هذه هى المسألة.
إن مصير العالم يتقرر فى العراق!.. والعراق مجرد ساحة لاستعراض القوة، وإعلان الانتصار النهائى على القوى الصاعدة التى تطمع فى مشاركة أمريكا فى القمة.
أمريكا فوق الجميع.
حين تدوى فى العالم أناشيد انتصار أمريكا فى العراق سيكون ذلك إيذانا بهزيمة فرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وتراجعها إلى الصف الثانى، لتحتل أمريكا وحدها الصف الأول، وتحكم العالم وحدها لسنوات طويلة، تريد لها أن تستمر على مدى القرن الحادى والعشرين.
وتذكروا أن الرئيس كلينتون قال إن القرن الحادى والعشرين سيكون القرن الأمريكى، وهذا بالضبط ما قاله من قبل الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، ووضع نظريته فى كتاب اسمه (انتهزوا الفرصة).. وكل رئيس أمريكى سار خطوة على هذا الطريق، وسار الخطوة الأكبر الرئيس جورج بوش الأب بحرب الخليج الثانية، وهاهو ذا الرئيس بوش الابن يخطو الخطوة الأخيرة.
استراتيجية واحدة ينفذها كل رؤساء أمريكا، لا فرق بين جمهورى وديمقراطى، الفرق فقط فى لغة الخطاب وأسلوب التعامل بنعومة مثل كلينتون، أو بفظاظة مثل بوش!..
***
لا يفيد أذن أن نقول إن هذه الحرب غير شرعية، وغير عادلة، وغير متكافئة، لأن أمريكا تعلم كل ذلك بأكثر مما يعلمه غيرها، وتعرف جيداً أن الجيش العراقى الآن أضعف مما كان عليه فى عام 90 بعد أن عاش تحت الحصار 12 عاما لم يجد خلالها الفرصة للحصول على أسلحة متطورة، أو حتى لتجديد سلاحه القديم الذى يرجع إلى السبعينات والثمانينات، أمريكا تعلم ذلك جيدا، وهذا ما يجعلها تتقدم للحرب، وإن كانت قد أغفلت من حساباتها العنصر الإنسانى.. عنصر الشجاعة.. والدافع للصمود دفاعا عن الوطن أمام غزو عدو خارجى يريد احتلال الوطن وإهانة شعبه.
ولا يجدى كذلك أن نقول إن العراق تعاون مع المفتشين بصورة جيدة أو نقول: وكان من الممكن أن نعطى المفتشين فرصة كافية شهورا أو سنوات ليبحثوا فى كل شبر من أرض العراق وتحت الأرض أيضاً.. ذلك لأن أمريكا تعلم أن العراق كانت لديه أسلحة كيماوية وبيولوجية، وبصراحة فإن أمريكا هى التى أعطت العراق هذه الأسلحة فى عام 1983 ، حين أرسل الرئيس رونالد ريجان مبعوثا خاصا قابل صدام حسين وبحث معه سرا احتياجات العراق من أسلحة الدمار الشامل لاستعمالها فى الحرب ضد إيران التى كانت فى ذروتها، وكان صدام حسين يخدم بها مصالح وأهداف أمريكا فى إجهاض القوة العسكرية للثورة الإيرانية الإسلامية بعد أن كانت قد وصلت إلى الحكم بمساعدة أمريكا ثم تمردت عليها، وفى ذلك الوقت نشرت صورة مقابلة صدام حسين ومبعوث الرئيس الأمريكى، وقيل يومها إنه تم فى هذه المقابلة بحث (دعم العلاقات بين البلدين) .. وكان مبعوث الرئيس الأمريكى هو دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكى الحالى الذى يقود الحرب على العراق، ويبدى كراهية وعداء لصدام حسين لأنه يعتقد أن صدام خدعه وأخفى جانباً من أسلحة الدمار الشامل التى حصل عليها من أمريكا وباعها له هو بنفسه ويعلم رامسفيلد حجمها وأنواعها بالتفصيل، بينما يقول صدام: إنه استخدمها وفقاً لما اتفق عليه من قبل وأعدم ما تبقى منها، وتعالوا فتشوا لتصدقوا أنه لم يتبق منها شىء.
هذه هى الحكاية.
فلا يجدى أن نقول اعطوا المفتشين فرصة.
لأن أمريكا لا تريد أن تعطى المفتشين فرصة.. ولا تريد أن يظهر أن العراق لم يعد لديه أسلحة دمار شامل.. لأنها تريد شيئاً آخر.. تريد الحرب من أجل الحرب.. وتريد الحرب فى العراق بالذات!.
***
أمريكا تريد الحرب على العراق بالذات لأن العراق دولة منغلقة، وصدام حسين أحكم إغلاقها ومفتاحها معه وحده.. وأمريكا لم تعد قادرة على اختراقها.. أو الاطلاع على أسرارها.. أو اللعب فيها عن طريق عملائها.. والمخابرات الأمريكية بكل جواسيسها وأقمارها الصناعية وأجهزتها المتطورة المذهلة لم تستطع أن تتغلغل فى العراق كما فعلت فى كل دول العالم تقريباً.. فقد استطاعت مثلا اختراق المخابرات الروسية والفرنسية والألمانية.. ووضعت أجهزة تنصت فى طائرة رئيس الصين.. وفى مقار رؤساء ألمانيا وفرنسا وبلجيكا فى مبنى الاتحاد الاوروبى.. ولها عملاء فى السلطة وداخل المستويات العليا للقيادة فى دول العالم.. إلا العراق.. فصدام وحده معه كل الأسرار.. وكل من حوله هم رجال صدام.. ومن يخطر بباله مجرد التفكير فى التعامل مع جهة أجنبية فإن رصاصة فى رأسه تقضى على الفكرة فى مهدها..
ولذلك تريد أمريكا أن تفتح هذا البلد المغلق.. وبذلك لا يكون فى العالم بلد لا تعرف أمريكا كل ما يجرى فى دهاليزه، وتقدر على اللعب فيه وقت اللزوم، ويعرف حكامه أن أمريكا لها أصابع وعيون حوله لا يستطيع الفكاك منها.
العراق مطلوب لتحطيم الأسوار المحكمة التى أقامها صدام حوله وجعل منه قلعة تستعصى على أقمار التجسس وأجهزة التنصت وأنشطة المخابرات الأمريكية السرية الأخرى!.
***
مسكين هانز بليكس رئيس فريق المفتشين الدوليين الذى عقد مؤتمرا صحفيا قال فيه إنه يشعر بالأسف لإنهاء مهمة المفتشين الذين طلب استمرارهم، وقال أيضاً: إنه يأسف للبدء بالحرب.
مسكين لأنه رجل طيب.. صدق أن أمريكا تريد منه حقيقة أن يفتش عن أسلحة دمار شامل فى العراق.. وهى فى الحقيقة كانت تريد أن تكسب الوقت اللازم لها للاستعداد للحرب، وحين أصبحت جاهزة قالت له ولمجلس الأمن: لم تعد لكم حاجة.. وسأعمل وحدى.. ولكم أن تستنكروا وتدينوا وتشجبوا كما تريدون!.
***
ومع ذلك هل ستحقق أمريكا أهدافها كاملة وكما تريد؟.
مسألة فيها شك!.
تستطيع أن تنتصر فى هذه الحرب لأنها الأقوى وتستطيع أن تغير نظام الحكم وتضع مكان صدام أحد عملائها ولا يهمها أن يسقط فلديها غيره كثيرون.. كلما سقط عميل ستضع عميلا غيره.. ولا يهمها أن تحدث انقلابات.. وقلاقل.. وحركات تمرد.. وانفصال.. لا يهمها أن يتعرض استقرار دول الشرق الأوسط للخطر وتعيش دول المنطقة فى دوامات من الانفعال قد تدفع شعوبها إلى الانتحار أو إلى تدمير مقدراتها.. لا يهم أمريكا أن يصل الحنق بالشعوب فى المنطقة إلى حد أن تحرق بيوتها وتخرب بلادها.. كل ذلك يفيد أمريكا ولا يضرها.. ويفيد إسرائيل أكثر.
وفى صحيفة يديعوت احرونوت كتب عوفر شيلح يقول: إن المتفائلين بأن حرب أمريكا على العراق ستنتهى نهاية سعيدة، عليهم أن يفهموا أن الخوف الحقيقى ليس من النتائج التى ستسفر عنها الحرب، ولكن الخوف مما يمكن أن يحدث فى العراق وفى الشرق الأوسط بعد الحرب، والتاريخ أثبت أن كل دولة حاولت تغيير نظام الحكم فى دولة أخرى بالقوة لم تستطع أن تحقق ذلك، فالجنود الأمريكيون الذين أرسلوا إلى لبنان عام 1983 كان دورهم المساعدة فى إقامة نظام حكم جديد فى لبنان موال لأمريكا، ولكن منتحرا واحدا قتل 240 جندياً أمريكياً فسارعت أمريكا بسحب قواتها وهم يجرون أذيال الخيبة.
هذا ما قاله الكاتب الإسرائيلى..
وهناك من قال شيئاً آخر يفهم منه أن العالم سوف يتحول إلى ساحة قتال بالسلاح، وبدون سلاح.. وماذا نفهم مما أعلنه وزير خارجية ألمانيا- يوشكا فيشر- بقوله: إن هذا الحرب التى تشنها أمريكا على العراق ليس لها هدف سوى تحقيق مصالح أمريكا، وبالتالى من حق كل دولة أن تبحث عن مصالحها بصرف النظر عن قوتها أو مكانتها..!.
ما معنى ذلك؟..
معناه أن العالم سوف يشهد حربا تدخل فيها كل الدول الكبرى والصغرى.. وكل دولة تحارب لتحقق مصالحها!..
***
فهذا العالم إذن يوشك أن يتحول إلى غابة، أو ساحة حرب عالمية شاملة.. والسبب أن أمريكا قطعت الخيط الذى كان يربط الدول بالقانون والقيم والشرعية.
أمريكا أستهانت بكل ذلك، وبعد أن بدأت الحرب بدون قرار من مجلس الأمن أرسلت خطابا إلى رئيس مجلس الأمن أخطرته فيه بأن العمليات العسكرية قد بدأت فى العراق، وبررت الغزو بأن أمريكا ترى أن العراق انتهك التزاماته وفقا لقرارات مجلس الأمن 1441 وأن الهجوم يتم فى إطار الشرعية الدولية بالقرار الصادر من مجلس الأمن فى عام 1991 وبرقم 678، أى أن هذا الهجوم يكتسب شرعيته فى نظر أمريكا من القرار الذى صدر من مجلس الأمن بإعطاء التحالف الدولى الحق فى تحرير الكويت من الاحتلال العراقى وتضمن شروطا منها انسحاب العراق من الكويت ونزع أسلحة الدمار الشامل، وقالت أمريكا إن العراق لم يلتزم بالفرصة التى منحتها له..
ما معنى ذلك؟.
معناه أن أمريكا تعطى نفسها الحق فى المغالطة، والاستناد إلى قرار قديم لا صلة له بالأزمة الحالية.. ولكن هل يحتاج القوى إلى مبرر قانونى إذا قرر أن يضرب بالقوانين وبالمجتمع الدولى عرض الحائط؟..
يكفى أن نقرأ ما نشرته الصحف الأمريكية يوم السبت 22 مارس الحالى لنرى مدى الاستهانة.. قالت الصحف إن الرئيس جورج دبليو بوش بعد أن تابع على التليفزيون صباح- الجمعة- مشاهد الصواريخ والقنابل الذكية وهى تشعل النيران فى بغداد، والنيران تتصاعد من المبانى المدنية، ركب طائرة مشاة البحرية، واتجه إلى منتجعه الهادئ فى كامب ديفيد مع زوجته السيدة لورا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع!.
وقالت الصحف الأمريكية: إن الجنرال جون بن زيد الأمريكى من أصل لبنانى هو الذى سيتولى الإدارة العسكرية لقوات الاحتلال الأمريكية فى العراق، وهو خريج كلية وست بونيت ويتحدث العربية، وأن الجنرال المتقاعد جاى جونز توجه إلى الكويت استعدادا لتولى مهمة الإشراف على عمليات إعادة تعمير العراق، والسفيرة بربارا بودين ستتولى الإشراف على الإدارة المدنية للعراق ويساعدها فريق مكون من اثنين على الأقل من قيادات المعارضة العراقية الذين تم إعدادهم فى المخابرات الأمريكية.. وقالت أيضاً إن الإدارة الأمريكية طلبت من سويسرا ودول العالم تجميد أرصدة صدام حسين وأرصدة العراق، وقامت بتجميد اموال العراق فى أمريكا، وبعد ذلك قالت: إن سويسرا أجابت بأن صدام حسين ليست له أية حسابات فى بنوك سويسرا.. وقالت الصحف الأمريكية: إن القوات الأمريكية دخلت شمال العراق ثم قالت إنها لم تدخل.. وقالت: إن القوات الأمريكية استولت على أم القصر والبصرة والنجف ثم قالت: إنها لم تستول عليها وإنها تواجه مقاومة عنيفة.. وقالت إنه تم فتح بيت للدعارة فى جنوب تركيا من أجل الجنود الأمريكيين وطلبت فتح بيت ثان!!.
***
وتقول أمريكا إن هذه الحرب تقوم بها دول (التحالف) وهذا هو الجانب المضحك حقا.. لأن الحرب تقوم بها أمريكا أساساً، وتساعدها بريطانيا كتابع، أما الدول التى تسميها دول التحالف، فهى دول ليست لها جيوش مثل: إريتريا، أثيوبيا، وأفغانستان، وأوزبكستان.. أما أسبانيا فلم تشارك بقوات مسلحة، وكذلك بقية دول التحالف.. إذن فليس هناك تحالف..هناك فقط أمريكا وتابعها.
***
وكم فى الصحافة الأمريكية من أخبار تستحق أن نقف عندها لكى نفهم:
*وزير الخارجية الإسرائيلى يهنئ أمريكا على قصف بغداد.
* وكيل وزارة الخارجية الأمريكية يقول فى مؤتمر صحفى: إن الولايات المتحدة تأمل فى أن يكون الاعتراف بدولة إسرائيل من الإجراءات الأولى للحكومة العراقية الجديدة.
* أمريكا وبريطانيا ستكون لهما سلطة الإدارة فى العراق.
* روبرت ماكنمارا وزير الدفاع الأمريكى أثناء حرب 67 على مصر قال إن الطريقة التى تتبعها الولايات المتحدة مع العراق لنزع أسلحة الدمار الشامل عن طريق تغيير نظام الحكم، ليست الطريقة الصحيحة.
* افتتاحية (هيرالد تريبيون) يوم 21 مارس الحالى تقول إن أكبر سر يخفيه البيت الأبيض هو تكاليف غزو العراق وإعادة بناء ما سوف تدمره الحرب، ويضغط الرئيس بوش على الكونجرس ليوافق على اعتماد 74 مليارا إضافية دون سؤال عن التكاليف الكلية ويشير إلى احتمال طلب المزيد بقوله: إن على الكونجرس أن يكون مرناً، ويوافق بسرعة، وكذلك يضغط الرئيس بوش لتمرير المرحلة الثانية من تخفيضات الضرائب لصالح كبار رجال الأعمال وأصحاب الدخول المرتفعة بالرغم من أن المرحلة الأولى من التخفيض تسببت فى عجز فى الميزانية سوف تمتد آثاره عشر سنوات قادمة على الأقل، وسيضاف إليها تأثير الحرب على الميزانية، وبدلا من المصارحة والمناقشة العاقلة تثار المسألة بعبارات حماسية عن الوطنية ومحاربة الإرهاب وحماية الأمن القومى، ويستغل البيت الأبيض وقت الحرب للضغط على الكونجرس وتمرير ما يريد دون مناقشة، والرئيس بوش حريص على عدم طرح أسئلة فى الكونجرس عن سبب الحرب، والحكمة من ذهاب الجيوش الأمريكية إلى العراق، أو حتى الفائدة التى ستعود على البلاد من تخفيض الضرائب على الأثرياء وهناك عدد من أعضاء الكونجرس من الحزب الجمهورى الحاكم لا يؤيدون الحرب ولا خفض الضرائب ولكنهم لا يستطيعون الكلام، لأنهم يعرفون أن عناد البيت الأبيض سيواجههم بإثارة الجعجعة الوطنية، وقد يتهمهم بخيانة أمريكا وقت الحرب!.
أما أنباء الحرب فإن وزارة الدفاع الأمريكية فرضت رقابة على ما ينشر وما يذاع، وتمنع من الأخبار والصور ما ترى أنه سيؤدى إلى معرفة الشعب الأمريكى بحقائق فى الحرب لا تريد أن يعرفها، وهذه هى الديمقراطية وحرية الصحافة فى أمريكا التى تريد أن تنشرها فى العالم وتحارب العراق لتكون فيها ديمقراطية أمريكية كهذه.
هل نضحك.. أو نبكى؟!.
***
ومع ذلك فإن المسيرات فى أمريكا بعشرات الآلاف تعارض الحرب. وفى الصحافة الأمريكية اتجاه واسع لرفض الحرب.. منها مثلا مقال بوب هيربرت Bob Herbert بعنوان (حرب تفتقد الحكمة) يقول: إن هذه الحرب قد تنتهى بسرعة ، ولكنها حرب ضد إرادة معظم دول العالم، وقد أقحمنا أنفسنا فى الحرب، وسوف نواجه بعدها ما هو أصعب من الحرب نفسها، وسيدفع الأمريكيون الكثير من الأرواح من أجل احتلال العراق، مع أن العراق لا يهدد أمننا، ويموت الشباب الأمريكى هناك بينما تستعد الشركات الكبرى للحصول على الملايين من أموال النفط العراقى مقابل إعادة بناء ما يدمره الجيش الأمريكى الآن، وأمريكا ستحصل على مليارات الدولارات من العراق، والعراق فى المرتبة الثانية بعد السعودية فى احتياطى البترول، وهذا يعنى ازدهار صناعة وتجارة البترول فى أمريكا إذا نجحت فى الإطاحة بصدام حسين، وسوف يذهب الجزء الأكبر من الغنائم إلى شركة هاليبورتون Halliburton التى كان نائب الرئيس ديك تشينى المدير التنفيذى لها، وشركة سكلومبرجر Schlumberger التى كان يعمل فيها عدد من كبار العاملين فى البيت الأبيض، ولكن هناك قلقا فى البنتاجون بعكس الابتهاج السائد فى البيت الأبيض، لأن العراق مكان غير مستقر بالنسبة لقوات الاحتلال الأمريكية التى ستبقى فيه، والرئيس بوش يذهب إلى الحرب مدفوعا بفكرته عن حتمية الصراع بين الخير والشر، ورؤيته لنفسه على أنه صاحب رسالة من الله، وأنه المخلص المنتظر، ومستشاروه تدفعهم مبالغة حمقاء فى تقدير القوة الأمريكية، ولا يستطيعون مقاومة إغراء وثروة البترول للعراق، والشبان الذين ذهبوا للحرب تدفعهم دوافع نبيلة ويعتقدون أنهم ذهبوا لتأدية الواجب فى الدفاع عن الشعب الأمريكى، ولكنهم فى الحقيقة تم وضعهم فى طريق يدفعون فيه ثمناً فادحاً ولم يكن الذهاب ضرورياً، فليس هناك رئيس فى العالم يعيش تحت الحصار كما كان يعيش صدام حسين قبل الحرب، ولكن البيت الأبيض يريد أن يكون حكم العراق تحت الوصاية الأمريكية.
هذا ما قاله الكاتب الأمريكى.
وأنا أقول: إن البيت الأبيض يريد فى الحقيقة وضع العالم كله تحت الوصاية الأمريكية.. بوش يريد حكم العالم.. يريد أن تكون أمريكا فوق الجميع.
هل يستطيع؟!
وإلى متى؟..
وما الثمن الذى ستدفعه أمريكا لهذه الأطماع التى سبقتها إليها إمبراطوريات ودول أصبحت الآن فى ذمة التاريخ؟!..