تحية للدكتور حلمى ومسئوليات جديدة للشريف
لابد من كلمة تحية للدكتور مصطفى كمال حلمى. فهو رجل نادر، فى خُلقه، وحرصه على المصلحة العامة، ودقته فى دراسة كل ما يعرض عليه، واحترامه الشديد لكل إنسان يقابله، وإيمانه بأن كل إنسان قيمة فى ذاته وله الحق فى الاحترام والكرامة.
الشكوى الوحيدة من الدكتور مصطفى كمال حلمى أنه يتعامل بأدب شديد جدا، وتواضع يجعل الإنسان يخجل من نفسه، بينما هو قمة فى العلم، والثقافة، والخبرة، ووراءه تاريخ طويل فى العمل الوطنى، بينما نرى من هم أقل منه بكثير جدا يتعاملون مع الناس بصلافة وتعال واستهانة ولا يشعرون بالخجل من أنفسهم.
ولقد تابعت الدكتور مصطفى كمال حلمى وهو وزير للتربية والتعليم بحكم عملى الصحفى، وكنت لا أخفى دهشتى من قدرته العجيبة على القيادة وإدارة العلاقات الإنسانية بهدوء وسلاسة داخل وخارج الوزارة، والحب الذى يتمتع به من كل المحيطين به والمتعاملين معه من قريب أو بعيد.
وتابعته فى مجلس الشورى وقد رفع المجلس من مجردتجمع للمثقفين وأصحاب الخبرات يتبادلون الرأى، ويعدون التقارير، ويشعرون بأنهم يحرثون فى البحر لأن أحدا لا يسمع بهم أو يسمع لهم أو يطلب مشورتهم، إلى أن أصبح مجلس الشورى صاحب صوت عال فى محاسبة الحكومة ولكن بموضوعية وبناء على دراسة، وبدون صخب أو افتعال بطولة. وقد أعد المجلس مجموعة هائلة من التقارير تناولت جميع القضايا والمشاكل التى تمس المواطنين وتتعلق بالتحديث والإصلاح، وهذه التقارير ثروة كبيرة يمكن أن يجد فيها من يريد الإصلاح علاجا لكل مشكلة على أسس علمية وتوصيات عملية قابلة للتنفيذ.
وأهم من ذلك أن الدكتور مصطفى كمال حلمى استطاع أن يقدم الدليل العملى على أن مجلس الشورى يمكن أن يكون الجناح الثانى المكمل لمجلس الشعب فى عملية التشريع، ومن هنا جاء حرص الرئيس مبارك على أن يحيل مشروعات القوانين إلى مجلس الشورى لكى تستوفى البحث والدراسة بهدوء وموضوعية وبعيدا عن تأثير جماعات المصالح، وأصبح مجلس الشورى يسمى مجلس الحكماء، وهو يستحق هذه التسمية لأنه ملئ بالكفاءات وأصحاب المؤهلات والخبرات والعقول..
ومن حق الدكتور مصطفى كمال حلمى أن يشعربالرضا وراحة الضمير لأنه أدى واجبه على أكمل وجه فى هذا الموقع، وإن كانت مصر لا تستغنى عن خدماته وفكره أبدا.
وصفوت الشريف يأتى إلى ذات الموقع، ولا أجد سوى العبارة التقليدية تنطبق عليه، إنه خيرخلف لخير سلف.
صفوت الشريف أولا صاحب خبرة لم تتوافر لأحد غيره.. فى الإعلام عاش سنوات طويلة ربى فيها أجيالا من خبراء الاستعلامات وأجيالا من نجوم الإذاعة والتليفزيون، يعملون بمفهوم عصرى لرسالة الإعلام. وهو شخصيا كان السند السياسى للخطوات والإجراءات والتطورات التى شهدتها البلاد على امتداد السنوات الماضية. وكان المتحدث الرسمى باسم الحكومة، وهو فاهم جيدا أهمية أن يكون الرأى العام فى الصورة دائما، وألا يترك فرصة للشائعات أو الأكاذيب نتيجة غياب المعلومة الصحيحة، وهو قادر دائما على التصدى والمواجهة، والحوار. وهو واسع الصدر إلى درجة مدهشة.. لا يضيق بالاختلاف والمعارضة.. ولا يتهرب من مواقف صعبة.. هو مقاتل سياسى من طراز رفيع.
ثم إنه أصبح قيادة حزبية مؤثرة وفعّالة، ومن موقعه كأمين عام للحزب الوطنى عايش المواطنين فى المحافظات والمدن والقرى، واستمع إلى كل رأى، وتعرف على كل مشكلة، وناقش كل فكرة وكل اقتراح، وأصبح قادرا على التعامل مع القضايا والمشاكل وتحديد أولويات العمل. وهذه الرؤية السياسية البراجماتية التى يتمتع بها هى التى تؤهله للنجاح فى مهمته الجديدة فى مجلس الشورى فى هذه المرحلة التى ستشهد نشاطا غيرعادى فى إعداد التشريعات وأوراق العمل لتنفيذ خطة الإصلاح الشامل التى يعدها الرئيس مبارك للمرحلة القادمة.. ولا شك أن اقتراب صفوت الشريف من الرئيس.. وحضوره جميع اللقاءات الرسمية وغير الرسمية ومصاحبة الرئيس فى جميع الرحلات تقريبا.. وإيفاد الرئيس له فى مهمات كمبعوث رسمى يتحدث باسمه ويحمل رسائله.. كل ذلك يجعله صاحب رؤية وخبرة مطلوبة لهذا الموقع فى هذا الوقت.
وصفوت الشريف بحكم رئاسته لمجلس الشورى سيكون رئيسا للمجلس الأعلى للصحافة، وهو قريب من جميع الصحفيين وعلى معرفة شخصية بهم جميعا، وتربطهم به مودة ومحبة وصداقة، وبذلك سيتمكن من تحقيق الكثير لإصلاح أحوال الصحافة، وهى فى الحقيقة تحتاج إلى الكثير للإصلاح وهذا موضوع يطول شرحه ولحسن الحظ أنه على إلمام بكل دقائقه وتفاصيله، ولا أظن أن هناك من يعرف من أحوال الصحافة والصحفيين ما يعرفه صفوت الشريف.
والميزة الكبرى فيه أنه من الشخصيات النادرة التى يمكنك أن تختلف معها، وتبدى رأيك معها بمنتهى الصراحة، دون أن تخشى أن يغضب أو يأخذ منك موقفا، وهذا ما كان يغرى الجميع بأن يوجهوا النقد إلى التليفزيون والإذاعة مثلا، وكان الغريب أن أسمعه يقول فلان يقول كذا وكذا ومعه حق.. أو أنه كان عليه أن يعرف ما يحيط بالموضوع.. وهكذا كنت دائما ألمس أنه تجسيد عملى لفكرة أن اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية. ولذلك أعتقد أنه ليس له أعداء ممن تعامل معهم. طبعا له حاسدون – ككل ناجح – ولكن ليس له أعداء.. حتى قادة أحزاب المعارضة الذين يختلفون معه ومع الحزب الوطنى يحملون له الاحترام الشخصى، ويقدرون فيه الصراحة والوضوح والاستعداد للاستماع والتفهم.. وقد بدأ الحوار مع أحزاب المعارضة ولم يكمله.. وأعتقد أن موضوع الحوار لابد أن يكون ضمن أولوياته على أن يكون حوارا قوميا تشارك فيه الأحزاب، وقادة الرأى، والمثقفون، ويجذب المثقفين الذين ابتعدوا عن المشاركة من جديد.
صفوت الشريف أمامه مسئوليات كبيرة.. أكبر من الوزارة بكثير.. وتنتظره مهام كثيرة.. أكثر مما تحمّل من قبل.. وسوف تثبت الأيام أنه قادر على توفير عوامل النجاح لكل عمل يتولاه.. وكل مسئولية يتحملها. *
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف