نظرية (إرهاب الدولة)!
فى يوم 4 نوفمبر 2002 انطلقت طائرة دون طيار تابعة للمخابرات الأمريكية، وأطلقت صاروخا على قائد سالم الحارثى، وعدد من أعوانه فمزقتهم إلى أشلاء، وأعلنت الولايات المتحدة أن قتل الحارثى بهذه الطريقة تم للاشتباه فى أنه المخطط للهجوم على المدمرة الأمريكية كول فى ميناء عدن عام 2000 ، وعقّب على ذلك وزير الدفاع الأمريكى دونالد رامسفيلد معربا عن رضاه لنجاح (العملية).
يذكرنا بهذه (العملية) يورى درومى مدير الاتصالات الدولية بمعهد ديمقراطية إسرائيل. ويذكرنا أيضا بما قاله الرئيس الأمريكى بوش بعد عملية القتل بأن هذه العملية ليست مجرد عملية قتل، ولكنها سياسة أمريكا لمطاردة من تعتبرهم إرهابيين.
أما الإسرائيليون فإنهم يؤمنون بنظرية القائد البريطانى السير روبرت طومسون بعدم تبديد الوقت فى مطاردة جماعات (الإرهاب) والتركيز على استهداف الشخصيات الأكثر أهمية من المحرضين السياسيين!
ويضيف يورى درومى فى شرح هذه النظرية أن دول العالم ستعلن أن قتل الشيخ أحمد ياسين ضد القانون الدولى، ولكن إسرائيل تؤمن بأن تعمل بحسم ودون رحمة، وأن تكون دائما فى موقف الهجوم، دون اعتبار لموضوع الديمقراطية والقانون والأخلاق، لأن قتل قائد سياسى لا يمكن قبوله فى دولة ديمقراطية، وسوف يثير إدانة دولية واسعة، وربما يؤدى إلى عمليات انتقامية من الطرف الآخر، ولكن ذلك لا يعنى التخلى عن النظرية الإسرائيلية!
ويقول يورى درومى أيضا: قد يثور الآن تساؤل: هل التخلص من الشيخ أحمد ياسين سيجعل إسرائيل أكثر أمنا أو سيؤدى إلى مزيد من سفك الدماء؟.
ويجيب: من الصعب الإجابة عن ذلك الآن فالمشاعر ثائرة ويجب توقع عمليات للانتقام والثأر من جانب الفلسطينيين، ولكن إسرائيل عليها أن تحمى نفسها بالقوة العسكرية من ناحية، وبالجدار العازل من ناحية أخرى، وبالانسحاب من غزة حيث يمثل اليهود فيها أقلية، وليست لإسرائيل مصلحة فى استمرار احتلالها، وتركها للمجتمع الدولى ليساعد الفلسطينيين فيها.
هذا ما قاله يورى درومى فى مقال نشرته صحيفة (هيرالد تريبيون) الدولية يوم 24 مارس الحالى، فى تفسير نظرية (إرهاب الدولة) ومبرراتها فى الوقت نفسه نشرت مقالات لزعيمة الديمقراطيين الليبراليين فى البرلمان البريطانى بعنوان شارون يلقى بالمزيد من الزيت على النار، قالت فيه إن شارون أراد بقتل الشيخ أحمد ياسين تصعيد الصراع مع الفلسطينيين، وكذلك يريد مساندة أحزاب الائتلاف فى حكومته لمشروعه بالانسحاب الأحادى من غزة. ويسعى فى الوقت نفسه إلى الحصول على الثمن من الولايات المتحدة وهو يريد زيادة الثمن بزيادة العنف والتوغل وبمشروعه لضم مساحات شاسعة من أراضى الضفة بحيث لا يتبقى للفلسطينيين سوى 22% من أراضى فلسطين، كما كانت عام 1948 قبل تأسيس إسرائيل.
وتقول شيرلى وليامز إنها سافرت أخيرا إلى الضفة مع زميلين من البرلمان البريطانى ورأت أن الأرض الفلسطينية التى يريد شارون ضمها ليست بسيطة، وقد أنشأت فيها الحكومة الإسرائيلية شبكة من الطرق الحديثة تربط بين المستعمرات الجديدة، وليس مسموحا للفلسطينيين باستخدام هذه الطرق للوصول إلى مزارعهم وقراهم، وعلى الفلسطينيين أن يستخدموا طرقا وعرة التفافية مليئة بالعوائق من الحواجز الأسمنتية، ونقاط التفتيش ولا تستطيع السيارات والشاحنات الفلسطينية عبورها، ويقف الفلسطينيون أمام هذه المعابر ساعات طويلة للذهاب إلى مزارعهم أو لمقابلة أفراد أسرهم. ونسبة البطالة فى الضفة 60% وحالة الفقر فيها لا تحتاج إلى دليل، والفلسطينيون يعتمدون على معونات الأمم المتحدة للغذاء وغزة أكثر بؤسا. ومن المستحيل أن تحصل فلسطين على تصريح لبناء مسكن فى القدس، أو أية مدينة تحتلها إسرائيل.
ومنذ الانتفاضة الثانية تم تدمير 1000 منزل فلسطينى فى الصفة والقدس الشرقية بينما تقام آلاف البيوت البيضاء اللون فى مواقع القرى الفلسطينية المغتصبة.
هذه هى النظرية الإسرائيلية التى يجب أن ننظر إلى جريمة قتل الشيخ أحمد ياسين فى إطارها لندرك أن هذه الجريمة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، وأن العالم الحر الذى يدعو إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، وحكم القانون أصبح اليوم أمام اختبار يتحدد على أساسه مدى مصداقيته.