حقائق وخفايا وراء العداء للإسلام
ربما كان المستشرق البريطـانى الفريد هاليداى أول من اعترف صراحة بأن الشعور فى الغرب بالعداء للإسلام يكتسب أبعادا جديدة كل حين، وأن المسلمين الذين يعيشون فى المجتمعات الغربية يعانون من العنصرية فى هذه الدول، ففى فرنسا يلاقى المسلمون مضايقات يومية، وفى الولايات المتحدة انتقلت اللغة المعادية للإسلام والمسلمين من الإعلام والخطـاب الدينى إلى الخطـاب السياسى، وفى الهند يزداد العداء لدى اليمين الشوفينى، وفى دول أوروبا عموما أصبحت نغمة العداء للإسلام والمسلمين ترديدا للقوالب الفكرية والأحكام الجاهزة، وتحولت إلى أيديولوجيا أو نظرية عنصرية.
ويتساءل هاليداى: لماذا ينتشر ويتعمق هذا الشعور فى الغرب؟.
ويجيب عن هذا السؤال بأن هذه الظـاهرة نتيجة لعدة عوامل:
أولا أن العداء للمسلمين أكبر من العداء للدين الإسلامى ذاته، والذين يعادون المسلمين قليلا ما يرددون المقولات القديمة حول إنكار القرآن ونبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) ولكنهم يعبرون عن كراهيتهم للشخصية الإسلامية وللشعوب الإسلامية، وفى هذا العداء نزعة عنصرية تعادى العناصر العرقية غير الأوروبية، ولذلك فإن العداء يشمل شعوبا فيها عناصر مسلمة وعناصر غير مسلمة مثل الألبان والفلسطينيين، وحتى القوقاز، أى أن المسألة تتعلق بكراهية الأوروبيين لكل من يختلف عنهم من العناصر البشرية الأخرى.
ثانيا: أن العقل الغربى يحمل آثار ذكريات الغزو الإسلامى لأوروبا فى القرن السابع، وإن كان التبرير الظاهرى هو أن هذا العداء رد فعل على التهديدات ولغة القتال والجهاد التى تصل إلى الغرب من العالم الإسلامى، والتاريخ القديم يقدم مخزونا من الأفكار التى يعتمد عليها مروجو العداء على الجانبين. وعند كثير من المسلمين أن هناك مؤامرة على الإسلام من الغرب منذ قرون بعيدة، ويجدون فى القضايا المعلقة دليلا على هذه المؤامرة مثل قضايا فلسطين، وكشمير، والمناطق الجنوبية فى الفلبين، والبوسنة، ومثل الحماس المبالغ فيه فى الغرب للدفاع عن سلمان رشدى وأمثاله ممن يسيئون إلى الإسلام، ومثل عدوانية الغرب تجاه الإسلام فى بعض الممارسات مثل رفض الحجاب ورفض السماح بالتعليم الإسلامى للمسلمين، وهناك من يغذى فى نفوس المسلمين الشعور بأنهم الضحية، وربما يكون ذلك تكرارا للشعور السائد لدى اليهود الذين يؤمنون بأن المجتمعات غير اليهودية معادية للسامية أى لليهودية، ويقول هاليداى: إن هذا الشعور لدى المسلمين واليهود بالاضطهاد قد يكون صحيحا بدرجة ما، ولكنه ليس بهذه الحدة والقوة التى يتحدثون عنها.
ثالثا: فى الغرب من يرون أن المسلمين يستحقون ما يحدث لهم، لأنهم هم البادئون بالكراهية والعدوان تجاه الغرب، وهم الذين يستثيرون المشاعر ضدهم، وهناك من يفسرون موقف المسلمين تفسيرا سيكولوجيا، فيرون أن هذا الشعور هو نوع من (الإسقاط) أى نسبة ما يشعر به المسلمون من عداء للغرب إلى الغرب، وهناك أيضا من يبرر الموقف العدائى الغربى بأنه استجابة أو رد فعل لتصريحات القادة والمفكرين المسلمين مثل نظرية سيد قطب عن شرور الجاهلية الغربية، أو قول الخمينى بأن الغرب كله فساد، وفى الدول الإسلامية من أعلن أن القرن الحادى والعشرين سيكون قرن التحدى الإسلامى للغرب. وفى الغرب من يرى أن التحدى الإسلامى هو قضية هذا القرن بعد زوال التحدى السوفيتى والتحدى اليهودى.
رابعا: أن السياسيين ورجال الدين فى العالم الإسلامى يتحدثون عن القضايا السياسية التى يختلفون فيها مع الغرب بلغة دينية ويلونون الصراع السياسى بصبغة إسلامية ويجعلون من هذه القضايا السياسية قضايا شرعية وكأنها صراع بين المسلمين وغير المسلمين، وليست بين دول تتعارض مصالحها أو أطماعها، ويؤدى ذلك إلى ترسيخ الفكرة لدى الغرب بأن الصراع ليس صراعا سياسيا، ولكنه صراع دينى، ولو وضعت القضايا الخلافية فى إطارها الصحيح بعيدا عن الدين لكان أدعى لرؤية صحيحة لما هو دينى وما هو سياسى.
خامسا: أن هناك اختلافات ثقافية فى العادات والتقاليد والملابس وأسلوب الحياة بين المجتمعات الغربية والمجتمعات الإسلامية، والمفروض أن يتم الاعتراف من الجانبين بالحق فى الاختلاف والتعاون فى هذا الإطار، ولكن على الجانبين من يعادى الآخرين لمجرد أنهم مختلفون، الأمر الذى يفرض بذل جهود هنا وهناك لتأكيد التسامح وقبول التعددية الثقافية.
سادسا: أن الاختلافات بين المذاهب الإسلامية تصل أحيانا إلى درجة العداء والقطيعة بين أنصار هذه الفرق والمذاهب وتبادل الاتهامات فيما بينهم، ولأن الغربيين لا يفهمون الفروق الدقيقة التى تسببت فى هذا الصراع داخل مجتمعات المسلمين، فإنهم يتحولون من موقف الرفض إلى موقف الكراهية..
سابعا: أن الكتابات السطحية عن الإسلام فى الغرب تحرض على الكراهية مثل الاعتداءات على حقوق الإنسان، وتعدد الزوجات، واعتبار ضرب الزوجات حقا شرعيـا للأزواج، وختان الإناث وحرمان المرأة من حقوقها كإنسان، بالإضافة إلى العمليات الإرهابية ولغة التهديد الموجهة للغرب من الجماعات الإسلامية على أنها فريضة على المسلم يفرضها الدين الإسلامى..
ويقول هاليداى: ليس كل ما يقال فى الغرب عن الإسلام صحيحـًا، ولكن يكفى أنه يقال ويتردد دائما، ويكفى أن يتردد أن المسلم يأمره الإسلام بمعاداة اليهود لأنهم يهود، أو معاداة البهائيين لأنهم بهائيون، وأمثال هذه المقولات التى تثير النفور لدى الغربيين وبالتالى فى عقل الغربيين أن الإسلام والمسلمين هم الخطر.
ويدعو هاليداى العقلاء فى الجانبين إلى نظرة مختلفة من كل منهما للآخر.
***
ويروى هاليداى التاريخ الطويل للعداء بين الغرب والإسلام، فى أوروبا والولايات المتحدة، وفى البلقان، والهند. وبالنسبة للغرب كانت موجة العداء الكبرى فى القرن السابع عشر بسبب الغزو العثمانى لأوروبا، وأيضا بسبب الحملات الصليبية، وهذا العداء أدى إلى ظهور نظريات تبرره، كما فعل المستشرق الفرنسى الشهير أرنست رينان فى عام 1883 حين وضع نظريته عن التناقض والعداء الحتمى بين الشخصية الأوروبية العقلانية العلمية وبين الشخصية الإسلامية الرافضة للعقل والعلم.
ويؤكد هاليداى أن هذا العداء الذى نشأ منذ غزو الامبراطورية العثمانية لأوروبا مازال مستمرا، حتى أن صورة (المسلم) أصبحت تستدعى صورة (التركى) وذكريات الجزية والعبودية التى كانت تفرضها الامبراطورية العثمانية على الأوروبيين، ومازالت كلمة (تركى) فى روسيا تعنى (غبى) ومازال الاحتفال بذكرى هزيمة المسلمين فى بعض المجتمعات الأوروبية يتم حتى الآن، وعموما فإن التحليل الصحيح للعلاقة بين الإسلام والغرب يفرض عدم إغفال آثار وذكريات هذه الفترة من التاريخ، كما أنه يجب عدم إغفال آثار وذكريات الحروب الصليبية والاستعمار الغربى فى وعى المسلمين، كما أن ما يقدمه الإِعلام الغربى عن الإسلام على أنه مرتبط بالتزمت والتناقض فى الفكر والازدواجية فى السلوك والإغراق فى المتعة الحسية، وما يقدمه الفن والخطاب السياسى عن المرأة المسلمة له تأثيره فى تعميق هذه الصورة السلبية عن الإسلام فى الغرب. فالمرأة المسلمة كما تبدو فى الأفلام وفى قصص ألف ليلة وليلة تبدو فى صورة (الحريم) ويبدو الرجل المسلم فى صورة (السلطان) الذى لا يرى فى المرأة سوى أنها أداة للمتعة، وعلى الجانب الآخر يقدم الإعلام الغربى (المسلم) على أنه عدوانى يكره من يخالفه، يمارس القتل وقطع الأيدى، وموقفه من الحياة الاجتماعية والسياسية موقف سلبى، وأنه منقاد للسلطة تنفيذا لما يأمره به الإسلام بأن يطيع (أولى الأمر).. وهكذا تتعرض صورة الإسلام والمسلمين للتشويه نتيجة ما ترسب فى نفوس الغربيين من نتائج هزيمتهم أمام جحافل المسلمين فى ظل الامبراطورية العثمانية.
وفى تحليل هاليداى لظاهرة الكراهية فى الغرب للإسلام والمسلمين يرى أن الأمر يختلف من دولة لأخرى، فالدول الأوروبية التى تعرضت لغزو المسلمين يزداد فيها الشعور العدائى أكثر من دول شمال أوروبا، وإيطاليا التى تعرضت للهجمات البحرية من الامبراطورية العثمانية تبدو فيه صورة المسلم على أنه (قرصان). ونجد هذه الصورة أيضا فى أمريكا الشمالية حيث جاءت سفن المسلمين من شمال أفريقيا فى بداية القرن التاسع عشر، ودارت المعارك بينها وبين السفن الأمريكية، ومازال الذهن الأمريكى يحمل ذكريات هذه الفترة.. ويرى أن الإسلام والمسلمين يمكن أن يأتى منهما التهديد والعدوان، وحتى فى الأدب بما له من تأثير فإن صورة (عطيل) فى مسرحية شكسبير لها تأثيرها فى تكوين صورة المسلم، وعطيل مسلم من المغرب. وبالنسبة لفرنسا لا يمكن إغفال تأثير الخسائر التى تكبدتها فى معارك المقاومة فى الجزائر مع الاستعمار الفرنسى والتى استمرت من 1954 حتى 1962. وإيطاليا لها تجربة مماثلة فى ليبيا، وكذلك أسبانيا التى تشعر بالمرارة لخضوعها للمسلمين وتحولها من دولة مسيحية إلى دولة مسلمة لفترة طويلة، ومازالت آثارها القوية فى كل مكان وحتى فى ملامح الأسبان.
وخلاصة هذا الاستعراض لتاريخ المواجهات بين الغرب والإسلام يرى هاليداى أن ظاهرة العداء والكراهية لها جذور وأسباب متعددة، ويستدل على ذلك أيضا بالحالة فى بريطانيا، فلا يمكن إغفال تأثير الاحتلال البريطانى لمصر والسودان ودول الخليج، ومقتل اللورد جوردون على يد المهديين فى السودان، وتواجد مئات الآلاف من الجنود البريطانيين فى مصر أثناء الحرب العالمية واعتمادهم على مواد التموين من مصر وما نتج عن ذلك من أزمات التموين بالنسبة للمصريين.
وهكذا لا يمكن إغفال الفترة الامبريالية البريطانية والفرنسية عند محاولة فهم أسباب العداء على الجانبين، ولم يكن المسلمون وحدهم الذين يحملون العداء للبريطانيين، ولكن كان العداء لبريطانيا من غيرهم مثل القوميين الكاثوليك فى أيرلندا، والمقاومة للاستعمار البريطانى التى كان يقوم بها الهندوس فى الهند، والمنظمات الصهيونية التى كانت تتصادم مع الانتداب البريطانى فى فلسطين، وحروب العصابات الأرثوذكسية اليونانية فى قبرص، ومنظمة (ماو- ماو) المسيحية والوثنية التى كانت تشن حملات على الوجود البريطانى فى كينيا، والمقاومة للوجود البريطانى فى مالاوى، وهؤلاء جميعا لم يكونوا مسلمين، ومعنى ذلك أن العدو بالنسبة لبريطانيا لم يكن الإسلام والمسلمين فقط!.
***
ويستخلص هاليداى من ذلك أن الأفكار المقولبة الشائعة عن الإسلام فى الغرب تكونت من رواسب كثيرة، وكانت تغذيها السينما الأمريكية التى كانت تقدم العربى والمسلم على أنه إرهابى، ولص، وانتهازى، ولا يحترم وعوده، ومنافق، وزير نساء، وتافه، ويمارس الجنس مع الحيوانات، ولم تكن السينما الأمريكية وحدها التى شاركت فى صناعة هذه الصورة، ولكن كان إلى جانبها التليفزيون، والدعايات السياسية، والمنظمات المعادية للعرب والمسلمين لأسباب غير دينية.
ويشير هاليداى إلى تكرار الحديث فى الكتابات الغربية عن غزو المسلمين لأسبانيا ثم سقوط غرناطة فى عام 1492 بعد سنوات طويلة من الحكم الإسلامى، ويغفل الكتّاب الغربيون أن الحكم الإسلامى فى الأندلس (أسبانيا) كان يتسم بالتسامح وأن الصراع مع الامبراطورية العثمانية كان بدوافع سياسية وليست دينية، وأن القوى الإسلامية كانت تتحالف مع قوى ودول مسيحية فى فترات من التاريخ، كما أن الدول الأوروبية عاشت فترات من تاريخها فى حروب وصراعات بين دول مسيحية، ودول مسيحية أخرى، كما حدث فى بداية القرن التاسع عشر على يد نابليون، وفى الثلاثينات والخمسينات من القرن التاسع عشر فى حروب بريطانيا، وكذلك الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية بين دول مسيحية أساسا، وكانت الدول الإسلامية حليفة لدول الغرب المسيحى، ولا ننسى كيف قدّم القيصر ويلهالم نفسه على أنه بطل العالم الإسلامى، وقدّم البريطانيون أنفسهم فى مصر وشبه الجزيرة العربية على أنهم أصدقاء للعرب، والدور الذى قام به لورانس العرب. وكذلك يجب ألا ننسى أن الدول الإسلامية تحالفت مع الدول الغربية ضد الأتراك فى الحرب العالمية الأولى، ولا ننسى دور المخابرات الأمريكية فى إنشاء وتدريب وتسليح المجاهدين المسلمين فى أفغانستان فى الثمانينات من القرن العشرين، ومساندة دول الغرب للدول العربية والإسلامية فى مواجهة القومية والاشتراكية فى منتصف القرن العشرين، وكل ذلك ليس سوى أمثله يسوقها هاليداى لكى يدلل على أن التحالفات والمواجهات بين الغرب والعالم الإسلامى لم تكن دائمة، ولم تكن لأسباب دينية فى كل الأحوال.
***
ويفرق هاليداى بين نوعين من العداء للمسلمين، أحدهما هو (عداء الدولة) وهو العداء (الاستراتيجى) كما يسميه، والثانى هو (العداء الشعبى) ولكل منهما أسبابه، فعداء الدولة أو العداء الاستراتيجى ناتج عن ثلاثة عوامل أساسية هى أولا: مخاوف دول الغرب من الإرهاب القادم من العالم الإسلامى وأثر ذلك على أمن أوروبا وأمريكا. وثانيا: مخاوف دول الغرب من أن تسيطر على مناطق البترول الإسلامية قوى تعادى الغرب، وثالثا: المخاوف من أن تمتلك الدول الإسلامية أسلحة نووية يمكن أن تهدد أمن إسرائيل.. أما (العداء الشعبى) فإنه يتعلق بالقلق من وجود المسلمين داخل المجتمع الغربى وما يمكن أن يترتب على ذلك من تأثير على الثقافة والشخصية الغربية، ومن تزايد هجرة المسلمين إلى دول الغرب، ومن صعوبة التكيف التى تجعل المسلمين جسما غريبا فى أغلب الأحوال. وهناك أمور أخرى مثل الحجاب الذى يثير المشاكل فى بعض الدول الغربية.
وعند الحديث عن (العداء الاستراتيجى أو عداء الدولة) يرى هاليداى أن ارتفاع أسعار البترول فى السبعينات كانت من أهم أسبابه، لأن الدول الغربية شعرت أنها واقعة لأول مرة تحت ضغط أجنبى يبدو فى نظرها نوعا من التهديد أو الابتزاز، ثم جاءت الثورة الإيرانية وما فعلته بالولايات المتحدة فى أزمة الرهائن التى أكدت صورة الإسلام العدوانى المتعصب، ولا يمكن إغفال العداء للمسلمين عامة- وللعرب خاصة- بسبب الصراع العربى الإسرائيلى، وقد ازداد تأثير هذا العامل فى الستينات من القرن العشرين، ثم نتيجة لحرب 1967، والعمليات الإرهابية التى كانت الحركة الفلسطينية تقوم بها، وانعكست كل هذه العوامل فى الصحافة والتليفزيون والأفلام السينمائية، وظهرت بقوة أكبر فى الأدب، كما نرى فى رواية (ليون يوريس Leon Uris) المشهورة (الهجرة والحج). وفى الأفلام الأمريكية ازداد ظهور شخصيات كريهة هى مزيج من العربى والفارسى والمسلم والإِرهابى فى تركيبة واحدة.. وساهم فى هذه الحملة والكراهية ما ظــل يعلنه السياسيون الأمريكيون بعـد انتهــاء الحــرب الباردة مـن أن الولايات المتحدة أصبحت تواجه التهديد من الجماعات الإسلامية المسلحة والتى يمكن أن تحصل بطريقة ما على أسلحة دمار شامل (أسلحة ذرية أو كيماوية) وازداد التأكيد على ذلك فى حرب الخليج ضد صدام حسين فى عامى (1990-1991) ففى عام 1990 ألقى (دان كويل) نائب الرئيس الأمريكى خطابا أمام طلبة الأكاديمية البحرية ربط فيه التطرف الإسلامى بالنازية والشيوعية واعتبرها جميعا فى منزلة واحدة من الخطر على الحضارة والقيم الغربية.. وفى عام 1992 كرر المرشح للرئاسة عن الحزب الجمهورى (بات بوكانان) فى خطاباته قوله: (على مدى ألف سنة كان الصراع من أجل إنقاذ البشرية بين المسيحية والإسلام، وفى القرن الحادى والعشرين ربما يكون الأمر كذلك، لأن الشيعة يوجهون إلينا الإهانات، وإخوانهم فى الدين يملأون دول الغرب).. وفى تحليل لمضمون الكتابات الصحفية أن حملة الكراهية للإسلام كانت فى أعلى قمة لها فى تغطية أحداث معينة مثل اعتقال الدبلوماسيين الأمريكيين فى إيران عام 1979، واحتجاز الأمريكيين كرهائن فى لبنان، وتفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك عام 1993، وأخيرا هجمات 11 سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمى فى نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية فى العاصمة واشنطن، وكان للفيلم الوثائقى الذى قدمه التليفزيون بعنوان (الجهاد فى أمريكا) تأثير كبير فى مشاعر الأمريكيين، وقد تكرر عرض هذا الفيلم عام 1994 وهو يقدم صورة مثيرة لنوايا جماعات الإسلام السياسى لضرب الولايات المتحدة مباشرة، وازداد القلق الأمريكى أكثر وأكثر عندما انفجرت قنبلة فى مبنى مكتب التحقيقات الفيدرالية فى أوكلاهوما فى 19 أبريل 1995 وتسببت فى مقتل المئات، وكان رد الفعل الفورى للمعلقين فى الإعلام، وفى البوليس الأمريكى أن ذلك من عمل إرهابيين من الشرق الأوسط، وعلى الفور تمت ملاحقة الرجال ذوى الملامح الشرق أوسطية. واستعانت شبكات التليفزيون بعشرات من خبراء الإِرهاب أجمعوا على أن هذا عمل إرهابى من الإسلاميين، وناشد كثير من السياسيين والمعلقين الحكومة الأمريكية بالتعجيل بتوجيه ضربات وقائية لدول الشرق الأوسط، وحدثت وقائع كثيرة لهجوم أمريكيين على المسلمين والعرب الذين يعيشون فى أمريكا، وتم القبض على أعداد من المسلمين.. وأخيرا ظهر أن الذى قام بالتفجير مواطن أمريكى وليس مسلما أو مهاجرا من بلد آخر.
***
وهكذا كانت (ثقافة الكراهية) أو (ثقافة العداء) للإسلام فى الولايات المتحدة أكثر قوة وانتشارا عما كانت فى الدول الأوروبية، رغم أن المجتمع الأمريكى مجتمع متعدد الثقافات ويتكون من مهاجرين من أنحاء العالم، بينما دول أوروبا تضيق بالمهاجرين وتعتبرهم تهديدا، ورغم أن أوروبا تعانى من الإرهاب من غير المسلمين، مثل معاناة بريطانيا من عمليات الإرهاب فى أيرلندا، ومعاناة أسبانيا من العمليات الإِرهابية التى تقوم بها منظمة (إيتا) التى تسعى إلى انفصال إقليم (الباسك) عن أسبانيا، ومعاناة المانيا من جماعة (بادر ما ينهوف) ومعاناة ايطاليا من جماعة (بريجات روس) بالإضافة إلى الجماعات الفاشية والنازية وغيرها..
ورغم تعدد الجماعات الإرهابية غير الإسلامية فى أنحاء أوروبا. فإن (العداء الاستراتيجى) للإسلام هو العداء الأكبر فى أوروبا، وذلك لشعور الأوروبيين بأنهم أقرب إلى العالم الإسلامى الملىء بالإرهاب، ولتأثير الأوروبيين بالمواقف والدعايات الأمريكية ضد المسلمين، ونذكر فى ذلك المقام مقالة كتبها المستشار الشخصى لرئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر (الفرد شيرمان) عام 1993 بعنوان (الغزو الجديد للإسلام فى أوروبا) قال فيه: (هناك تهديد إسلامى لأوروبا المسيحية ينمو ببطء ولايزال من الممكن السيطرة عليه، ولكن سياسات الدول الغربية عملت كل شىء لمساعدته على النمو وكانت العوامل التى خلفت هذا التهديد هى: سياسات الهجرة غير المسئولة فى أوروبا التى أدت إلى وجود 15 مليون مسلم فيها يمثلون أقلية مناضلة ضد الغرب.. وعزلة تركيا عن المجتمع الأوروبى الذى رفض عضويتها فى الاتحاد الأوروبى، مما دفع تركيا إلى السعى نحو العالم الإسلامى بعد أن كانت تعمل على الابتعاد عنه.. وسياسة المانيا العدوانية فى البلقان لتدمير يوغوسلافيا، وتشيكوسلوفاكيا وقمع صربيا وتحقيق السيادة على المنطقة بالمساعدة من المجر.. ومساندة الفاتيكان لهذه السياسة، وتودد بابا روما للدول العربية بصرف النظر عن مصالح الأقليات المسيحية فيها، والاستعمار الإسلامى التدريجى لغرب ووسط أوروبا نتيجة فقدان الحس بالهوية الوطنية والاجتماعية والروحية فيها.. وانحدار القيم المسيحية والغربية وعدم استيعاب التاريخ الأوروبى وما فيه من تهديد من الإسلام، وانحياز العالم الإسلامى إلى الاتحاد السوفيتى فى فترة الحرب الباردة).
وفى هذا السياق يقدم هاليداى مثالا آخر على الفكر المعادى للمسلمين ما كتبه المحلل العسكرى (كلير هولنجروث) تحت عنوان (عقيدة استبدادية أخرى تسعى للسيطرة على الغرب) وقال: (التعصب الإسلامى سيصبح التهديد الرئيسى على السلام والأمن فى العالم، وسببا للانزعاج من خلال الإرهاب، وهذا التهديد الإسلامى مماثل لتهديد النازية والفاشية فى الثلاثينات، ثم تهديد الشيوعية فى الخمسينات).
ويصل هاليداى من ذلك إلى أن مشاعر العداء للإسلام والمسلمين فى أوروبا اختلطت فيها عوامل كثيرة أهمها: المشاعر المعادية تجاه المهاجرين عموما، والطبيعة العنصرية الأوروبية، والربط بين الإسلام وبين النازية والفاشية والشيوعية وهى أ كثر الأنظمة التى يثير ذكرها النفور والكراهية لدى كل أوروبى، وكانت النتيجة أن توحد فى أوروبا (العداء الشعبى) مع (عداء الدولة) للإسلام والمسلمين، وتفجرت أحداث كثيرة نتيجة لتزايد هذا الشعور العدائى آخرها المنازعات فى فرنسا بسبب قانون منع الحجاب فى المدارس الحكومية ومثل الاحتجاجات فى بريطانيا على فتوى الخمينى بإباحة دم سلمان رشدى مؤلف رواية (آيات شيطانية) التى تنكر أن محمدا (صلى الله عليه وسلم) رسول، وأن القرآن كتاب أنزل عليه من الله، ولم يكن سوى نوبات صرع تصيبه ويفيق منها لينطق بهذه الآيات (استغفر الله). وتفجرت فى ألمانيا موجة عنصرية ضد الأتراك المسلمين، وازدادت فى فرنسا شعبية حزب الجبهة الوطنية برئاسة (جان مارى لوبن) وهو حزب يمينى ودعوته الأساسية ترحيل ثلاثة ملايين من المسلمين المهاجرين من شمال أفريقيا، وكاد زعيم هذا الحزب يفوز برئاسة الجمهورية الفرنسية فى الانتخابات الأخيرة لولا جهود مضنية من أطراف كثيرة فى انتخابات الإعادة بينه وبين الرئيس جاك شيراك، وكانت قوة (جان مارى لوبن) تعبيرا عن قوة العداء للعرب والمسلمين إلى حد أن أنصار (لوبن) كانوا يرددون هتافاتهم ضد منافسه (فليذهب شيراك إلى مكة)!
***
ومما يثير الدهشة أن أصبح اليمين العنصرى المعادى للمسلمين وللإسلام قوة فى بلجيكا أيضا حتى أن الحزب اليمينى الفلمنكى (Vlaamse Vromt) كان يهاجم الحكومة بسبب العجز فى الميزانية نتيجة لإنفاق أموال الشعب البلجيكى على المهاجرين المغاربة الذين ينجبون أطفالا كثيرين فيحصلون على إعانة اجتماعية أكثر من البلجيكيين أصحاب البلاد (!)، وكذلك فى السويد أعلن زعيم الحزب الديمقراطى الجديد منذ عام 1993 (من الضرورى أن أعترف بأن السويد لن يكون فيها مزيدا من المساجد) وبعدها بيومين فقط حدث هجوم على أحد المساجد، وفى السويد أيضا أعلن سياسى يمينى آخر هو فيفيان فرونجين (لن يطول الزمن حتى نرى الأطفال السويديين يسجدون فى مكة!)، وفى النمسا ظل حزب الحرية وزعيمه (جوكن هيدر) يركز على إثارة المخاوف من الهجرة الجماعية للمسلمين إلى النمسا مما يمثل تهديدا لهوية الشعب النمساوى، وظل يعلن: (أن الشعب النمساوى سوف يفقد حضارته مادام فى فيينا نسبة كبيرة من الأطفال المسلمين فى الفصول بدون الصلبان فى رقابهم).
ويقول هاليداى: إن مثل هذه الأمثلة كثيرة وكلها تعبر عن المشاعر والسياسات العنصرية المعادية للمهاجرين، وزاد من حدة هذه المشاعر الركود الاقتصادى والشعور بالاستياء من الملونين والمسلمين وإن كان هذا الشعور ليس وليد اليوم، فقد كان موجودا فى بريطانيا أيام الحرب العالمية الأولى ضد المسلمين المهاجرين من اليمن والصومال، وفى سنة 1919 تفجرت فى الموانئ البريطانية أعمال شغب معادية للبحارة العرب وكانوا يوصفون بأنهم زنوج وبلا شفة، وامتد شعور العداء إلى المسلمين القادمين من الهند، وباكستان وبنجلاديش، واكتسب هذا الشعور الصبغة الدينية فى أواخر الثمانينات من القرن العشرين، وخصوصا مع ذيوع رواية سلمان رشدى (آيات شيطانية) والزوابع التى أثيرت ضد الإسلام بسببها، ثم حرب الخليج وباختصار كان العداء للمسلمين فى أوروبا فى سياق الرهبة من الأجانب ووطأة الركود الاقتصادى والتنافس السياسى بين الأحزاب فى كل دولة.
ويشير هاليداى إلى أن الخطاب الإسلامى ذاته يردد نفس الأفكار والمفردات التى يستخدمها الغربيون لإثارة العداء على الإسلام. فإن خطب الخمينى وقادة إيران والترابى فى السودان وعباس مدنى فى الجزائر تردد رفض القيم الغربية الخاصة بالعلمانية والديمقراطية، وحكم القانون والمساواة بين الرجل والمرأة، وبين المسلمين وغير المسلمين، وتعميم العداء لليهود وللغرب عموما، والإعلان عن هدفهم فى تحويل العالم كله إلى الإسلام وإثارة المخاوف فى بريطانيا ما تعلنه مجموعات إسلامية من المهاجرين من أن المسلمين أمة واحدة فى جميع أنحاء العالم، ولا توجد بين المسلمين حدود، ومعنى ذلك أن ولاء المسلم الذى يحمل الجنسية البريطانية ليس لبريطانيا، ولكن للعالم الإسلامى، وما يتردد على ألسنتهم من دعوة إلى إدخال القيم الإسلامية إلى بريطانيا وكأنهم يريدون أن تكون بريطانيا مثل السعودية أو إيران أو السودان، وبعض الجماعات تعتبر أن لديها رسالة من الله لتحويل المجتمعات غير الإسلامية إلى مجتمعات إسلامية، ومن ذلك ما فعله الخمينى حيث بعث بخطاب مفتوح إلى الزعيم السوفيتى جورباتشوف فى يناير 1989 يدعوه فيه إلى التخلى عن النظرية المادية والتفرغ لدراسة الإسلام دراسة جادة، وعزز ذلك الدعوة للجهاد ودعم بعض الجماعات الإرهابية، واللغة الدموية فى التعبير عن العداء لأمريكا، وكل ذلك يغذى مشاعر العداء ويعطى مصداقية فى نظر الغربيين لنظرية التهديد الإسلامى.
***
يخلص هاليداى إلى أن العلاقات المتوترة بين الغرب والإسلام تسببت فيها عوامل كثيرة لدى الجانبين، وأخطاء كثيرة من الجانبين، وخرافات وأساطير كثيرة من الجانبين، وهذا يعنى أنه لابد من جهود كبيرة من الجانبين وليس من جانب واحد لتصحيح العلاقة وإزالة الأوهام هنا وهناك، والوقوف أمام المتعصبين المسلمين وأعداء الإسلام المتعصبين أيضا، وإن كانت الأفكار الخاطئة لا يتم القضاء عليها بسهولة، ولكن القضاء عليها ليس مستحيلا إذا كانت هناك نوايا صادقة وجدية فى إثبات حسن النوايا، وقبول تخلى كل طرف عن بعض أفكاره تجاه الطرف الآخر، والرغبة فى الالتقاء عند منتصف الطريق.
وأعتقد أن مثل هذا الموقف من مفكر غربى كبير مثل الفريد هاليداى يدعونا إلى السعى إلى عقد حوارات حقيقية، وجادة ومتعمقة بين مفكرى الإسلام ومفكرى الغرب وبين قادة السياسة والدين والإعلام والشباب بشرط ألا تكون هذه الحوارات على غرار ما يحدث الآن مجرد لقاءات لتبادل العناق والكلمات الطيبة عن روح المحبة والتسامح التى تسود الجميع، وإلقاء الخطب التى تهدف إلى تمرير المناسبة دون الدخول فى العمق والتفتيش عن مكونات الكراهية فى العقول.. مثل هذه الحوارات لم تحدث حتى الآن، وكل ما حدث مجرد مقابلات احتفالية وسطحية.. ولأن المشكلة خطيرة وتزداد خطورة مع الزمن والتجاهل، فإن الوقت ليس لصالح الجانبين.
وفى بحثه عن جذور العداء للإسلام يقول: إن الغرب يرى أن نظم الحكم فى الدول الإسلامية تحكم باسم الإسلام، وتنسب قراراتها وسلوكها إلى الشريعة، وبناء على ذلك لا يستطيع أحد من (الرعايا) توجيه النقد إلى الحكام، أو المعارضة لسياساتهم، أو المطالبة بتغييرها حتى لا يتعرض بالتهمة الجاهزة وهى الخروج على الشريعة. وهذا ما يجعل المفكرين فى الغرب يطالبون بفصل الدين عن الدولة، لأن الدين مقدس لا يجوز المساس به، ونظم الحكم ليست مقدسة ويجوز المساس بها. كذلك فإن الدين ثابت ونظم الحكم متغيرة، ومبادئ وقيم الدين غير قابلة للتغير. ولكن القوانين متغيرة بالضرورة كلما تطور المجتمع، فإذا قيل إن هذه القوانين هى شرع الله فقد أصبح من الضرورى أن تظل جامدة، بينما الظروف الداعية لوجودها فى مرحلة قد لا تكون كذلك فى مرحلة أخرى.. وهذا ما يفسر لماذا يعتقد كثير من الغربيين أن هناك رابطة ضرورية بين الإسلام والمسلمين وبين الجمود ورفض التحديث والتجدد ومسايرة العصر.
واتصالا بهذه الفكرة يرى هاليداى أن العقيدة الدينية فى كل الأديان لم تأت لتحديد الطعام الذى يأكله المؤمنون بها سوى تحريم بعض الأطعمة فقط.. ولم تأت لتحدد للمؤمنين الأزياء الخاصة بهذا الدين أو ذاك، أو طريقة بناء البيوت أو نظم التعليم والعلاج، أو غير ذلك من شئون الحياة اليومية التى تختلف من عصر إلى عصر، ومن مجتمع إلى مجتمع، بينما تتمسك الجماعات الإسلامية بإقحام الدين فى كل شىء، دون أن يتركوا ما لله لله، وما للإنسان للإنسان، ويرى كثير من الغربيين أن هذا الاتجاه يفتح الباب أمام تسلط الحكام، ويهدر حقوق الأفراد تجاه السلطة، ويعطى لنظم الحكم صبغة إلهية، وتلك مرحلة- كما يرى- انتهت من تاريخ البشرية، ويرى هؤلاء الغربيون أن كل محاولة لحماية حقوق الإنسان فى مثل هذه المجتمعات الإسلامية محكوم عليها بالفشل.
وبعد هذا العرض لآراء المنتقدين فى الغرب لفكرة الدولة الدينية يشير إلى ما يتعرض له العالم الإسلامى من ضغوط دولية لتطوير نظم الحكم فيه بما يتفق مع النظم الحديثة القائمة على الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة وإعلاء صوت الشعوب وامتلاكها لزمام أمرها ومشاركتها فى القرار وفى الإدارة، بينما يمكن اعتبار رد فعل العالم الإسلامى على هذه الضغوط حالة أخرى مما يسمى (النسبية الثقافية)، وتتمثل فى دفاع بعض التيارات الإسلامية عن موقفها الرافض للتحديث بالحرص على حماية الخصوصية الثقافية والدينية، ويصل هاليداى من ذلك إلى حاجة العالم الإسلامى إلى التوصل إلى صيغة تجمع بين التمسك بالمبادئ والقيم الدينية وبين مسايرة التطور العالمى فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، حتى لا تظل المجتمعات غريبة عن العالم ومنفصلة عن حركة التحديث. وينبه إلى أن انعزال المجتمعات الإسلامية عن العالم يثير فى العالم المخاوف مما يمكن أن يصدر عنها من مواقف يمكن أن تؤدى إلى مخاطر وأضرار يصعب تداركها. وباختصار فإنه يدعو العالم إلى التحرك نحو المجتمعات الإسلامية لكى يحسن فهمها ويتعرف على فضائلها، وفى نفس الوقت يدعو المجتمعات الإسلامية إلى أن تتحرك نحو العالم وتقترب منه وتتفاعل معه، وبذلك يمكن أن تذوب العداوة من الجانبين.
وهذا هو أهم ما نستنتجه من قراءة هذا المفكر الكبير الذى قال ما يعتقده دون تزييف أو رياء عن المسلمين والغرب، ما لهم وما عليهم. وفى مضمون كتاباته رسائل يمكن أن تفيد المسلمين إذا أحسنوا قراءتها.
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف