برنامج مبارك للمرحلة القادمة
الذين يطـالبون الرئيس مبارك بإعلان برنامجه للمرحلة القادمة معهم حق. فالناخبون يعطون أصواتهم بناء على ما أنجزه الرئيس مبارك فى الفترة السابقة، وما يتعهد بإنجازه فى المرحلة القادمة، والحديث عن الإنجازات التى تحققت يطول، ولكنه لا يغنى عن الحديث عن المستقبل وما ننتظره فيه.
وبالنسبة للرئيس مبارك فإن مجموعة الخطب والأحاديث الأخيرة هى فى حقيقتها أفكار لبرنامج عمل، وفوق ذلك فإن الرئيس بالقطـع سوف يقدم للشعب برنامجه بالتفصيل كما فعل فى ولايته السابقة.
فى المرحلة السابقة – وقبل الاستفتاء – قطـع على نفسه – فى هذا البرنامج- عهدًا بأن يكون رئيسًا لكل المصريين، يرعى مصالح الوطن، وينشد العون والمشورة والنصيحة.
لأن مصر وطن الجميع، وتحت مظلة الوطنية المصرية لا فارق بين أغلبية ومعارضة، فالجميع وطنيون مصريون، وإن اختلفت رؤاهم حول وسائل تحقيق الصالح الوطنى.. وعندما نراجع أداء الرئيس مبارك - بموضوعية – سنجد أنه التزم بما عاهد الشعب عليه وكان صادقا فى كل كلمة.
برنامج مبارك الدائم منذ بدأ الحكم أساسه ترسيخ مفهوم دولة المؤسسات فى الواقع السياسى والاجتماعى والإدارى المصرى، والجمع بين جهد الدولة وجهد مؤسسات المجتمع مع دور المواطن الفرد بحيث تتكامل الجهود ويكون الجميع شركاء فى التنمية، ويحدد مبارك تصوره لدور الدولة فى مسئوليتها عن تهيئة المناخ المناسب، ووضع السياسات التى تضمن تحقيق الأولويات الصحيحة، وحماية توازن المصالح بين فئات المجتمع بقوة القانون، وضمان توجيه عائد التنمية لصالح كل المواطنين، وأن تتدخل الدولة فى الوقت الصحيح لضبط حركة المجتمع والحفاظ على السلام الاجتماعى.
فهل يمكن أن نختلف مع هذا المفهوم لدور الدولة؟
ودور الأحزاب فى فكر مبارك أن تعمل مع النقابات والاتحادات وجمعيات النشاط الأهلى على توسيع حق المشاركة، وأن يعمل كل حزب على تحقيق التجانس بين أهدافه وبين مقتضيات الصالح العام، وألا يتحول حزب من الأحزاب إلى أداة فى يد قوى وجماعات خارجية، وأن يمارس كل حزب دوره فى الممارسة الديمقراطية دون أن يقحم نفسه فى صراع هدفه التمييز بين مصالح المواطنين أو تغليب مصالح فئة على حساب فئة أخرى.
فهل يمكن أن نختلف على هذا المفهوم لدور الأحزاب فى الحياة السياسية وفى العمل على تنمية مساحة الديمقراطية؟
وبرنامج مبارك فى المرحلة السابقة والقادمة يركز على الدور الذى يجب أن يقوم به الشباب فى إثراء العمل الوطنى وتحمل مسئوليات قيادية فى جميع المواقع، وأيضا فى تنفيذ برنامج متكامل لترسيخ جذور التكنولوجيا، وتطوير الإنتاج المصرى، ونشر مفاهيم الاتقان والجودة.. ويرتبط ذلك برفع كفاءة نظام التعليم، وإعادة بناء مؤسسات البحث العلمى، وتوفير حرية البحث العلمى، وربط مراكز الأبحاث بمؤسسات الإنتاج.
فهل هناك خلاف على شىء من ذلك؟
وبرنامج مبارك فيه مشروع قومى كبير لإقامة صناعة جديدة هى صناعة المعلومات، ومحو الأمية التكنولوجية فى المجتمع، وتعميم استخدام الكمبيوتر فى المدارس والجامعات وإدارات الحكومة وإعادة تأهيل العاملين لاستيعاب التكنولوجيا الحديثة.
هل يمكن أن يقول أحد (لا) لهذا المشروع القومى الكبير الذى يعنى تحول المجتمع المصرى من حال إلى حال ؟
ومبارك هو الأب الشرعى لمبدأ العدالة الاجتماعية، ولا يخلو حديث له إلى الشعب أو توجيه منه إلى الحكومة من التأكيد على مراعاة البعد الاجتماعى وأن تكون له الأولوية فى كل قرار، ومبارك ظل حريصًا، وسيبقى كذلك، حريصا أشد الحرص على أن تقوم الدولة برعاية الطبقات الأقل قدرة، وهو الذى يكرر، وسوف يكرر فى برنامج المرحلة القادمة، أن رعاية الطبقات الأقل قدرة مسئولية تشكل ركنا أساسيا من شرعية الحكم، وأمن المجتمع، والسلام الاجتماعى. فالدولة تعطى للقادرين الفرصة للعمل دون عوائق، وهى حريصة فى نفس الوقت على المحافظة على مصالح الفئات العريضة التى تشكل الأغلبية.
ولهذا فإن برنامج مبارك للإصلاح الاقتصادى يعتمد على التدرج، ويحرص على توفير مسكن ملائم للشباب، ورعاية للأسرة.. فكر مبارك أساسه أن وظيفة التنمية ليست مجرد النمو الاقتصادى فقط، ولكن التنمية يجب أن تضمن توسيع قاعدة المستفيدين. ومساعدة الفئات الأقل دخلا على تحسين أحوالها، من خلال برنامج ضخم يساند إقامة المشروعات الصغيرة.
مبارك ملتزم بأن تمتد شبكة الأمان الاجتماعى حتى تشمل كل مواطن.
هل يختلف أحد مع ما فى هذا الفكر من حرص على توسيع فرص المشاركة، وزيادة مساحة الديمقراطية، وتغييرا فى الأشخاص يجدد دماء العمل الوطنى؟
برنامج مبارك هو السير فى عملية الإصلاح السياسى الاقتصادى دون توقف، لأنه يرى أن الإصلاح يجب أن يستمر مع استمرار الحياة والتطور، ولن يأتى وقت نقول فيه إننا حققنا كل ما يمكن تحقيقه أو كل ما هو مطلوب تحقيقه.. والمبدأ الذى يلتزم به مبارك فى الإصلاح هو أن يكون لصالح الشعب وحماية مكتسبات الشعب، واحترام الكفاءة والخبرة، والتوازن بين التجديد والتغيير من جهة، وبين مقتضيات الاستقرار لضمان استمرار التقدم من جهة أخرى.
قد يكون الخلاف مع البعض أنهم يرون أن الإصلاح يمكن أن يتحقق فى قفزة واحدة، أو فى سنة واحدة، بينما التفكير الواقعى يدرك أن تقدم الأمم لا يتحقق بقفزات وإنما يتحقق بتراكم الإنجازات، وبالإضافة المستمرة إلى ما تم تحقيقه.
برنامج مبارك يتضمن تعهدا بأن يعمل على استكمال إقامة دولة قوية، تلتزم بسياسات واضحة، تضرب الفساد، والاحتكار بسطوة القانون وقوة المؤسسات.
ومبارك ليس جديدا لنسأله ماذا سيفعل وكيف يفكر.. وقد رأيناه رئيسا لكل المصريين، يرعى مصالح الوطن ويقف بصلابة فى مواقف صعبة دفاعًا عن استقلال القرار، ولم ينفرد بقرار، ولم يفرق بين مؤيد ومعارض، ولم يتهاون مع من يريدون تهديد أمن المجتمع واستقراره، أو من ينفذون مخططات من وحى الخارج ولمصالح أجنبية، ولا يستطيع منصف أن ينكر أننا قطعنا شوطا طويلا فى مواجهة تحديات وعقبات فى الداخل والخارج، واجتزنا بقيادته الأزمات بنجاح والحمد لله.
هذه بعض المبادئ فى برنامج مبارك.. وسيبقى فى ولايته القادمة كما كان فى ولايته الحالية رجل مصر الذى يحمل علمها ويدافع عن كرامتها ويحرص على مصالحها فى كل خطوة يخطوها، ويعمل لشعب مصر كله وليس لطبقة دون طبقة، أو لفئة دون فئة، وإن كان قد انحاز فقد انحاز دائما للمحتاجين والفقراء وذوى الدخول المحدودة، وسوف يبقى منحازا لهم، لأن هذه عقيدته التى يتمسك بها، ولن يتنازل عنها أبدًا.
وهل فى مصر، أو فى العالم، من يحتاج إلى أن يعرف مبارك ؟*