أمريكا فى المرآة!!
طرح الكاتب الكبير بوب هربرت السؤال التالى: إذا نظرت الولايات المتحدة إلى نفسها فى المرآة الآن، فهل ستعرف نفسها؟ وأجاب عن سؤاله بأنها لن تعرف نفسها. ورأى أن الأسباب التى تدعو أمريكا إلى الخجل من صورتها الآن ما اتخذته الإدارة الحالية من ازدراء اتفاقات جنيف الخاصة بحقوق الإنسان وتعيين جونزاليس. الذى برر لأمريكا هذا الموقف. وزيرا للعدل، ويضاف إلى ذلك أن أمريكا تبدو فى هذه المرحلة من تاريخها وكأنها تتخلى عن القيم العظيمة التى كانت تفخر بها مثل:
العدالة، والشرف، والأمانة، والصدق، واحترام القانون، مما جعل هذه المرحلة تفرز البرتو جونزاليس الذى قدم لأمريكا أعذارا ملفقة تعطيها الحق فى ممارسة التعذيب، وكان ذلك سببا كافيا لكى يختاره الرئيس بوش فى المنصب الذى يفترض فى شاغله أن يكون حارسا للقانون وللعدالة. ويقول بوب هربرت: لو كانت أمريكا كما كانت تعرف نفسها ويعرفها العالم لما كان لمثل جونزاليس الاقتراب من هذا المنصب المرتبط بالشرف والنزاهة، ولكن فى ظل وجود الإدارة الحالية فإنه يبدو هو الرجل المناسب لهذا المنصب مادام قد اخترع أسبابا قانونية تبرر الاعتقال دون محاكمة ودون إبداء أسباب ولمدد غير محددة، وبرر تعذيب السجناء فى العراق، وكان هو وأمثاله الذين جعلوا الحرب على الإرهاب مخزية وفاشلة، وأدى تطبيق أحكامه إلى ممارسات مروعة وشنيعة عادت بالولايات المتحدة إلى القرون الوسطى!
ويعلق بوب هربرت بعد ذلك فيقول: ولكن هذه هى إدارة بوش التى تكافئ عدم الكفاءة وتكرم الفشل كما حدث عندما منح الرئيس بوش أعلى ميدالية لكل من جورج تينت مدير المخابرات المسئول عن التقارير الملفقة عن أسلحة العراق، وتومى فرانكس المسئول عن فشل القوات الأمريكية فى تحقيق الأمن فى العراق، وبول بريمر الحاكم الأمريكى للعراق الذى فشل فى حكم العراق بما يجعل بقاء الاحتلال الأمريكى أكثر أمنا، ولقد تعلم جونزاليس من رئيسه وأتقن الخداع حتى أنه قال فى جلسة الاستماع فى الكونجرس قبل تعيينه إنه ضد التعذيب.
يقول بوب هربرت: إذا كانت الإدارة الأمريكية ترى أن التعذيب يتنافى مع القانون ومع القيم الأمريكية والمعايير الدولية فلماذا إذن قمنا-نحن الأمريكيين-بتعذيب وتشويه السجناء وإهانتهم جنسيا، بل وقتلهم أيضا، وكيف نصدق أننا توقفنا عن ذلك.. أين الدليل؟
مشكلة الولايات المتحدة-كما يقول الكاتب الأمريكى-أن إدارة الرئيس بوش تعمل على أساس أنها تستطيع أن تقول ما تشاء وتفعل ما تشاء، وهذا ما أدى إلى ما نحن فيه، حيث تغيرت طبيعة أمريكا، وأدى إلى فقدان جوهر الديمقراطية الأمريكية، وأدى إلى شن حرب مرعبة فى العراق رغم نصائح معظم دول العالم، كما أدى إلى السماح بالتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، كل ذلك جاء نتيجة سياسة هى مزيج من القوة، والغرور، وعدم الكفاءة فى إدارة الرئيس بوش، ورغم تصريحات الرئيس بوش الأخيرة عن احترام حقوق السجناء، فإن الإدارة الأمريكية تضع الآن مخططا سريا لاعتقال المشتبه فيهم مدى الحياة دون توجيه أية تهمة إليهم، بل ودون الإعلان عن اعتقالهم! وهكذا أصبح الحديث عن الالتزام بالقانون نكتة، وقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن من بين المعتقلين مئات الأشخاص فى سجون عسكرية أو فى معتقلات تابعة للمخابرات (سى. آى. أيه) وبذلك لن تكون هناك أدلة كافية تسمح بعرض أمرهم على القضاء، ووفقا للمخطط الجديد فسوف يكون هناك المزيد من المعتقلين لا يعلم أحد من هم، وما ذنبهم، وإلى متى يستمر سجنهم، وسيكون الأمر كله فى دائرة ثلاثة فقط. البرتو جونزاليس صاحب نظرية حق أمريكا فى اعتقال وتعذيب من تشتبه فيهم دون إبداء الأسباب، ودونالد رامسفيلد صاحب نظرية اليد الحديدية لأمريكا التى تضرب دون أن تعمل حسابا لشىء، وبورتر جوس المدير الجديد للمخابرات الأمريكية الذى قرر تكوين فرق اغتيالات خارج أمريكا!
يقول بوب هربرت كان الأمريكيون يعتبرون بلادهم الحارس للعدالة والنزاهة ولكن يصعب الآن تصديق ذلك، وليس أمام الباحثين عن العدل إلا أن يلجأوا إلى مكان آخر!
هذا ما يقوله كاتب أمريكى عن صورة أمريكا فى المرآة.. فماذا يقول العرب؟!