مصطفى أمين أستــــاذى من بعيـــد
عاد الأستاذ محمد حسنين هيكل فتح ملف أشرف مروان فى كتابه الأخير «مبارك وزمانه» وأضاف إليه أوراقاً ووقائع جديدة عن وثائق لجان التحقيق فى إسرائيل عن أسباب هزيمتها فى حرب أكتوبر 1973، وما فيها عن « جاسوس مصرى على مستوى عال» أبلغ إسرائيل عن خطط وموعد الحرب لم تعطها القيادات الإسرائيلية الاهتمام الواجب.أهم اللجان التى حققت فى الموضوع هى اللجنة التى رأسها النائب العام الإسرائيلى مناحم مازوز وعدد من أبرز رجال القانون فى إسرائيل وكذلك لجنة التحقيق الخاصة التى شكلها «الكنيست» الاسرائيلى وكشف الأستاذ هيكل بعضاً فى وثائق هذه التحقيقات والتى حصل عليها عن طريق «خيرى بشارة» الذى كان عضوا فى الكنيست وبعض الشخصيات الأخرى مازالت تعيش داخل إسرائيل لم يكشف عنها حفاظا على حياتها وتؤكد هذه الوثائق أن إسرائيل كان لها فى مصر « شخص» على مستوى يسمح له بأن يعرف موعد الهجوم المصرى السورى على اسرائيل يوم 6 أكتوبر 67 مع تفاصيل مهمة تشير إلى هذا الشخص وهذا الشخص - كما هو مسجل فى الوثائق- كان يقدم لإسرائيل أسرار البلد.ومنها موعد قيام حرب اكتوبر وساعة الصفر المقررة لبدء الهجوم ومنها أيضا محاضر لاجتماعات سرية فى موسكو بين الرئيس السادات ورئيس الاتحاد السوفيتى حول مطالب مصر للسلاح.
ويعرض الأستاذ هيكل من الأحداث ما يؤكد أن أشرف مروان كانت له علاقات خاصة جدا مع الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس السابق حسنى مبارك ومع العقيد القذافى ورئيس وزرائه ومع ملوك ورؤساء دول عربية. وكان أشرف مروان ضمن المسئولين عن مشتريات السلاح بعد اعتماد سياسة تنويع مصادره، وكان مع الرئيس السابق مبارك - مشاركا فى عقد صفقة طائرات ميراج لليبيا، وصفقة شراء وتصنيع صواريخ فرنسية فى مصر ونشرت تفاصيل هذه الصفقة فى مجلة شئون الطيران فى العالم
aviation weekly
عدد 14 يوليو 1975.
كيف تم تجنيد هذا الشخص المصرى المهم للعمل مع المخابرات الاسرائيلية فإن هذا «الشخص» ذهب إلى عيادة الدكتور ايمانويل هربرت، وهى نفس العيادة ونفس الطبيب الذى قام بدور حلقة الوصل بين الملك حسين ملك الأردن الراحل وبين الإسرائيليين وهذا الطبيب له تاريخ سرى سابق وقدم الشخص إلى الطبيب ملفا يحتوى على نتائج الفحوص والتحليلات الخاصة به وجد الطبيب معها محضر اجتماع سرى بين الرئيس السادات وبين القادة السوفيت فى مارس 1971 وفيه طلب السادات طائرات متقدمة لردع الطائرات الإسرائيلية والقادة السوفيت مترددون فى تسليم مصر هذا النوع من الطائرات، وأعاد الطبيب إلى الشخص هذه الوثيقة قائلا له إنها لا تخصه فإذا بالشخص يقول للطبيب: إنما هى صميم الموضوع.. وكانت تلك.. هى البداية وبعدها جاء إلى لندن مدير الموساد الجنرال زفى زامير رئيس الموساد المخابرات العامة الاسرائيلية، بنفسه وبدأت العلاقة تجد طريقها بعد اختبارات وتدريبات معتادة.
???
وفى يوم 12 ابريل 2002 أذاعت الاذاعة البريطانية تقريرا بعنوان «زوج» الابنة الذى أسقط اسرائيل فى «فخه» يقول التقرير إن «العميل المصرى» للمخابرات الاسرائيلية كان « عميلا مزدوجا» ونجح فى تضليل وخداع جهاز المخابرات الاسرائيلية «الموساد» قبل حرب اكتوبر وكان أهم أسباب فشل الجيش الإسرائيلى فى الاستعداد لمواجهة الهجوم المصرى السورى وأن كتابا صدر فى لندن بعنوان « تاريخ اسرائيل» للمؤرخ والقائد العسكرى السابق بالجيش الاسرائيلى أهارون بريجمان ذكر تفاصيل لم يسبق نشرها فى عملية مخابراتية بالغة التعقيد دارت فى الفترة بين عامى 1967 و 1973 و كانت بدايتها فى عام 1969 حين طرق شاب مصرى باب السفارة الإسرائيلية فى لندن وطلب العمل لحساب الموساد ، ولأن الطريقة التى تطوع بها هذا الشاب كانت مباشرة وغريبة لم يستجب له ممثل الموساد فىالسفارة لكن الشاب كان مصراً وترك بياناته وخرج، وعندما فحصوا فى الموساد بيانات هذا الشاب أصيبوا بصدمة شديدة، لأنهم اكتشفوا أنه مسئول كبير فى مصر وتربطه صلة نسب بالرئيس جمال عبد الناصر،وجاء فى الكتاب أن خبراء الموساد جندوه على الفور واعتبروه أهم جواسيس اسرائيل فى مصر، فكان يتقاضى فى كل مقابلة له مع ضابط الموساد المشرف عليه مائة الف جنيه استرلينى ، وللحفاظ على سرية شخصية هذا الجاسوس كان الإسرائيليون يشيرون إليه باسم « الدكتور» أو زوج الابنة وكان الدكتور يقدم معلومات صحيحة مهمة للموساد وساورالمسئولين فى الموساد القلق بعد موت عبد الناصر من أن يفقد «زوج الابنة نفوذه الرسمى لكن الرئيس السادات أسند اليه عدة مناصب مهمة منها وزير دولة سكرتير اعلامى لرئاسة الجمهورية ثم أصبح أقرب معاونى الرئيس السادات وجاء فى الكتاب أن «زوج الابنة» نقل للإسرائيلين نص حوار عام 1970بين عبد الناصر والقادة السوفييت طلب عبد الناصر مقاتلات متطورة قادرة على الوصول إلى قلب اسرائيلين ، ورسالة سرية من انور السادات للزعيم السوفيتى ليونى بريجنيف يطلب فيها شراء صواريخ سكود، ونقل إلى اسرائيل أن مصر لن تشن حربا الا اذا حصلت على طائرات مقاتلة قادرة على الوصول إلى اسرائيل وصواريخ سكود، وثبت بعد ذلك أن ذلك لم يكن صحيحا لأن اسرائيل كانت قد صدقت ان مصر لن تحارب إلا بعد توافر هذه الأسلحة، ويقول الكتاب إن « زوج الابنة» حذر اسرائيل من حرب وشيكة فى عام 1972 ولم تقع، وفى ربيع عام 1973 أبلغ الموساد أن السادات سيشن الحرب يوم 15 مايو فأجرى الجيش الاسرائيلى حالة التعبئة العامة تكلفت 45 مليون دولار ثم سحبت حشودها العسكرية من على خطوط المواجهة يوم 12 أغسطس 1973 أى قبل سبعة أسابيع من قيام الحرب.
وذكر الكتاب أن الملك حسين التقى برئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير فى مقر الموساد فى تل أبيب يوم 25 سبتمبر 1973 وحذرها من أن الحرب وشيكة وتجاهلت القيادة الإسرائيلية هذا التحذير لأنها تلقت تقريرا من زوج الابنة عن مرافقته للسادات إلى السعودية وأن السادات أبلغ الملك فيصل بأن قرار الحرب تأجل وفى يوم 5 أكتوبر التقى « زوج الابنة برئيس الموساد زامير فى لندن وأبلغه أن الحرب ستبدأ فى اليوم التالى الساعة السادسة مساء، فبدأ الجيش الإسرائيلى استعداداته فى العاشرة صباح 6 اكتوبر وقامت الحرب فى الثانية بعد الظهر قبل أن يستكمل الجيش الاسرائيلى استعداداته.. ويقول الكتاب إن هذه كانت الخدعة الكبرى لإسرائيل التى نجح فيها زوج الابنة وللحديث بقية.