المشاركة السياسية للمرأة
يبذل المجلس القومى للمرأة جهودا كبيرة جدا منذ نشأته من أجل تكوين رأى عام مدرك لأهمية المشاركة السياسية للمرأة سواء فى الأحزاب أو فى الانتخابات.
ولهذا المجلس الفضل فى إقناع شريحة كبيرة من قادة الرأى بضرورة وضع وتنفيذ خطة للتدخل الإيجابى لمشاركة المرأة فى الحياة السياسية تتضمن التأهيل.
كما تتضمن دعوة الأحزاب لتشجيع المرأة وإعطائها الفرصة للإنخراط فى العمل السياسى ومنذ أيام صدر التقرير الأول للمجلس القومى لحقوق الإنسان مؤيدا هذا التوجه وداعيا إلى التعجيل بتنفيذ خطة (التدخل الإيجابى).
وهذا (التدخل الإيجابى) يشمل المطالبة بإصدار تشريع بإضافة مقاعد للمرأة فى مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية لفترة مؤقتة، تكتسب المرأة خلالها الخبرة السياسية وثقة الموطنين بقدرتها على تحمل مسئولية العمل التشريعى والرقابى بكفاءة، وبذلك تنمو فى المجتمع ثقافة جديدة مؤيدة لمساواة المرأة للرجل فى الحقوق والواجبات طبقا لأحكام الدستور، ويستقر فى المجتمع الاتجاه إلى أعطاء الأصوات للكفاءة بصرف النظر عن أن تكون الكفاءة لرجل أو لإمرأة.
وهذا المطلب الذى تبناه المجلس القومى لحقوق الإنسان يقابله خشية البعض من أن يكون هذا (التدخل الإيجابى) بقانون لتخصيص مقاعد للمرأة غير دستورى يتعارض مع مبدأ المساواة، وهناك وهم شائع بأن المحكمة الدستورية سبق أن حكمت بذلك.
والحقيقة أن المحكمة الدستورية لم تصدر حكما بعدم دستورية مقاعد للمرأة، ولم يكن هذا الأمر معروضا عليها، ولكن الحكومة فى مرحلة واجهت حكمين بعدم دستورية قانون الانتخابات وترتب على الحكمين حل مجلس الشعب مرتين، وكان الحكم بعدم الدستورية قائما على تعارض القانونين مع مبدأ المساواة لأنهما لم يعطيا للمستقلين فرصة مساوية لمرشحى الأحزاب، ومن باب التحوط وخشية الوقوع فى حكم ثالث بعدم الدستورية طلبت الحكومة إلغاء مقاعد المرأة التى كانت مقررة فى قانون الانتخابات.
وإضافة مقاعد للمرأة فى الدوائر الانتخابية لا يتعارض مع مبدأ المساواة بل على العكس، هى وسيلة تشريعية لتحقيق المساواة. وإذا كان الدستور قد قرر نسبة 50% من مقاعد المجالس النيابية المنتخبة للفلاحين والعمال وكانت الحكمة من ذلك إعطاء هذه الفئة المظلومة فرصة للحصول على حقها المتساوى مع غيرها. فى المشاركة فى السلطة التشريعية، ولو لم يتضمن الدستور هذا النص لما كان من الممكن أن يدخل المجالس النيابية هذه الأعداد من العمال والفلاحين وتكون لهم أصوات تؤكد دورهم فى تحمل المسئولية وفى اتخاذ القرار السياسى وفى التوجيه والرقابة والتشريع.
وهذا المنطق ذاته ينطبق على وضع المرأة، فهى الآن مظلومة، وتعانى من خلل فى التمثيل، كما تعانى من الحرمان وعدم المساواة بسبب الثقافة السائدة وهى ثقافة تتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، وقد أدت إلى أن أصبح تمثيل المرأة فى مجلس الشعب المصرى أقل من 2.5% بينما فى تونس تمثل المرأة 25% من مقاعد مجلس النواب، ومن بين الدول العربية التى فيها مجالس نيابية تحتل مصر المركز الأخير فى مشاركة المرأة .
وعلاج هذه الظاهرة السلبية التى لا تتفق مع ما وصل إليه المجتمع المصرى من تقدم يحتاج إلى مجهود المرأة ذاتها، لأن القوانين وحدها لا تغنى عن ضرورة قيام المرأة بمجهود كبير لتأكيد قدرتها وكفاءتها، بأن تنزل إلى ميدان العمل السياسى، وتشارك الجماهير فى حل مشاكلها وتبنى قضايا المرأة فقط، بل توسع دائرة اهتمامها ونشاطها ليشمل المجتمع كله، هذا الخروج من الدائرة الطائفية الضيقة هو الذى يعطى للمرأة القبول من الرجال والنساء معا. وظهور كوادر سياسية نسائية مؤهلة لتحمل أعباء العمل السياسى ، وخدمة الناس هو الباب الوحيد لاكتساب الشرعية لدخول المرأة فى المجالس النيابية.
وبعد ذلك يأتى دور الإعلام والمسجد وأجهزة الثقافة والتربية والتعليم، ولابد أن نعترف بقصورها جميعا.