حقائق مجهولة عن البهائية
بعد أن أمر الشاه ناصر الدين شاه إيران فى سنة 1850 بقتل (الباب) مؤسس البهائية، وقيام أتباعه بنقل جثمانه سرا إلى الآستانة ثم نقل إلى عكا فى مقبرة ضخمة يحج إليها البهائيون ويقولون بأن الحج لم يعد إلى مكة. وتولى زعامة البهائية (بهاء الله) وهو لقب يعنى حلول الله بنوره فيه. وكانت دعوته توحيد الأديان على ديانة واحدة هى دين موسى، مما يعنى إلغاء الإسلام والمسيحية معا، ووجد فيه البريطانيون عونا لهم ضد الإمبراطورية العثمانية ودعم مشروع إنشاء دولة لليهود فى فلسطين، فساعده الانتداب البريطانى فى فلسطين ومنظمات الصهيونية العالمية على إنشاء محافل فى عدد من دول العالم، كما ساعدوه على أن يبعث برسل عنه لنشر البهائية فى دول مختلفة أوربية وعربية وأمريكية، ويطلق على هؤلاء الرسل (أيادى أمر الله).. وفى تفسير هذا الانتشار قال شيخ الأزهر الراحل الشيخ الخضر حسين: (لولا أن فى الناس طوائف يتعلقون بذيل كل ناعق لما وجدت البهائية مجيبا لندائها).
والبهائيون يبدأون أحاديثهم وكتاباتهم بعبارة (يا إلهى بهاء) ويلاحظ أن تعاليم بهاء الله فى كتابه (الأقدس) نشرت لأول مرة فى أعقاب المؤتمر الصهيونى الأول فى بازل سنة 1898 ونشره المستشرق اليهودى تومانسكى.
وفى السنة نفسها عقد فى أكسفورد ببريطانيا المؤتمر الثالث لتاريخ الأديان وقدمت فيه الباحثة (أثيل روزنبرج) بحثا عن (الديانة) البهائية وتعاليمها الخلقية والاجتماعية. وفى سنة 1908 نشر اليهودى (هيبولت دريفوس) كتابا فى باريس بعنوان (البهائية: تاريخها وقيمها الاجتماعية) ثم أقيم المحفل الرئيسى للبهائية فى عكا باسم (مشرق الأذكار) بتبرعات اليهود، ولعب البهائيون دورا تبشيريا لصالح الصهيونية فى العالم العربى، وتم نشر كتاب (الأقدس) وكتاب (الايقان) للبهاء فى مصر سنة 1935.
وبعد وفاة البهاء تولى زعامة البهائية ابنه عباس فى الفترة بين 1909 و 1912 وسمى نفسه (عبد البهاء). وكان يستقبل زعماء الحركة الصهيونية فى مقره بجبل الكرمل، وللبهائية مجلة تصدر عن (المحفل البهائى العالمى) نشرت فى عددها الخامس سنة 1950 الخبر التالى: (لقد عرّف أيادى أمر الله- أعضاء المجمع البهائى- إلى رئيس الجمهورية الإسرائيلية والسيدة عقيلته فى المركز العالمى- وقد ذكر جناب الرئيس والسيدة عقيلته أنهما سبق لهما زيارة المولى أمر الله العزيز، وتذكرا طوافهما بحقول وبساتين جبل الكرمل فى سنتى 1909 و1911 واجتماعهما بحضرة عبد البهاء.
وقد كافأت الحكومة البريطانية عبد البهاء على خدماته فمنحته لقب فارس فى حفل كبير بمقر الحاكم البريطانى فى حيفا، وعند حصار حيفا أرسل اللورد كرزت تقريرا إلى الخارجية البريطانية يلفت فيه نظرها إلى أهمية الحفاظ على حياة عبد البهاء (المقدسة). كما طلب اللورد بلفور- وزير الخارجية البريطانية- من الجنرال اللنبى وضع إمكانيات القوات البريطانية فى فلسطين فى حماية حضرة البهاء ورفاقه. ورد عبد البهاء الجميل بالهجوم على الدولة العثمانية لأنها لم تعمل على المساواة بين العرب واليهود فى فلسطين.
ومما يلفت النظر أن عبد البهاء زار مصر سنة 1911 كما قام بجولة شملت أمريكا وبعض دول أوربا، ودعا فى هذه الجولة إلى المساواة بين المرأة والرجل، وإلى نزع السلاح، وإلى لغة عالمية واحدة، وتشكيل محكمة دولية، وإلى السلام ونبذ العنف.. وهذه هى الشعارات الظاهرية التى تخفى حقيقة البهائية الباطنية. وفى هذا الوقت تأسست مراكز للبهائية بلغت 80 مركزا.
وحين توفى عبد البهاء فى نوفمبر 1921 أرسل تشرشل- وكان وزير المستعمرات البريطانية فى ذلك الوقت- برقية إلى حاكم فلسطين السيرهربرت صموئيل يطلب فيها إبلاغ آل البهاء والبهائيين عامة تعازى الحكومة البريطانية ومشاركتها لهم الأحزان لفقدان (السير عبد البهاء العظيم)! أى أن عبد البهاء حصل على لقب (سير) أرفع لقب فى بريطانيا.
بعد ذلك تولى زعامة البهائية (شوقى أفندى) حفيد عبد البهاء، فوضع كتابا من عدة مجلدات بعنوان (البديع) وقال فى المجلد الثالث: (على اثر الاحتلال البريطانى للأراضى المقدسة تمكنا من التخلص من المخاطر الجسيمة التى كنا نتعرض لها 65 سنة، وانجلى بدر الميثاق الذى كان مخسوفا بالمحن والبلاء). كما ألف كتابا آخر بعنوان (التوقعات المباركة) قال فيه: (لقد تحقق الود الإلهى لأبناء الخليل ورثة الكليم، واستقرت الدولة الإسرائيلية فى الأراضى المقدسة، وأصبحت العلاقات وطيدة بينها وبين المركز العالمى للجامعة البهائية). وفى عدد سبتمبر 1951 نشرت مجلة (الأخبار الأمرية) لسان حال البهائية حديثا لشوقى أفندى مع الوزير الإسرائيلى لشئون الأديان قال فيه: (إن أراضى الدولة الإسرائيلية فى نظر البهائيين واليهود والمسيحيين والمسلمين أراض مقدسة، وقد كتب حضرة عبد البهاء قبل أكثر من خمسين سنة أنه فى النهاية ستكون فلسطين موطنا لليهود. وهذا التنبؤ نشر فى حينه).
درس شوقى أفندى فى الكلية الأمريكية ببيروت، ثم التحق بجامعة أكسفورد فى بريطانيا، وتزوج سيدة أمريكية سنة 1936 اسمها (مارى ماكسويل) أطلقت على نفسها اسم روحية، وعاش شوقى أفندى 60 سنة ومات فى 24 نوفمبر 1957 فى لندن ودفن فيها ولا يزال قبره هناك إلى اليوم، ولم يخلف ولدا ولا بنتا، فانتقل أمر البهائية إلى أرملته الأمريكية مارى التى أصبحت روحية ماكسويل وأصبحت ترأس مجلسا من تسعة أعضاء تم انتخابهم لإدارة شئون الطائفة.
تقول الدكتورة بنت الشاطئ فى كتابها (قراءة فى وثائق البهائية: أدرك شوقى أفندى قيام إسرائيل التى طال انتظار البهائيين لها، وقد لقبه جده عبد البهاء بلقب آية الله وولى أمر الله، أما اليهود فقد اعتبروه كما يقول المستشرق المعروف جولد تسيهر فى كتابه (العقيدة والشريعة فى الإسلام): (مجد يهوه الذى تجلى بنوره على مقربة من جبل الكرمل وأضاء الكون كله) كما قالوا عن جده عبد?البهاء (المقصود بالإمارة وسائر الألقاب التى وردت فى الاصحاح التاسع من سفر اشعياء، لأنه يولد لنا ولد ونُعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى اسمه عجيبا مشيرا قديرا أبديا رئيس السلام). وقد اعترفت حكومة إسرائيل باستقلال العقيدة البهائية، وأقرت بها لتسجيل عقد الزواج البهائى، كما أقرت ما سبق إليه الانتداب البريطانى من إعفاء جميع الممتلكات البهائية من الضرائب والرسوم وزادت على ذلك بإلغاء جميع الأوقاف الإسلامية فى مروج عكا وجبل الكرمل ومنحها لهذه الطائفة لبناء المقام الأعلى للبهائية وأقرت بصورة رسمية الأيام التسعة المباركة فى شرع البهائية وهى: يوم الفيروز، وبداية السنة البهائية، ويوم مولد النقطة الأولى الباب، وعيد ظهور الباب بدعوته، وعيد ميلاد البهاء، وعيد الرضوان، وعيد الاستقلال. وهذه هى الأعياد التى يحتفل بها البهائيون ولا يعترفون بالأعياد الإسلامية والمسيحية.
ونشرت المجلة الأمرية فى العدد الخامس سنة 1951: (..وقد عبر ممثلو البهائية العالمية عند اجتماعهم بالرئيس بن جوريون عن امتنان الجامعة البهائية للمعاملات الودية من الحكومة الإسرائيلية مع البهائيين، وقدموا كتاب تقدير وامتنان لما تبذله الحكومة الإسرائيلية من عناية وتفهم فى حل قضايا البهائيين بتقدم وإزدهار إسرائيل). وفى العدد الرابع لسنة 1953 نشرت المجلة: (أمر إلى جميع المحافل البهائية فى العالم لتؤسس كل منها فرعا لها فى إسرائيل طبقًا لخطة المحفل الأكبر للسنوات العشر من قيام المملكة الإسرائيلية فى الأراضى المقدسة، وقد أعلنها حضرة عبد?البهاء بالمؤتمر الرابع الذى انعقد فى نيودلهى). وفى العدد العاشر سنة 1953 نشرت المجلة بعنوان (بشارة عظمى): (لقد اعترفت الحكومة الإسرائيلية بفرع المحفل البهائى الإيرانى فى إسرائيل، وقد تم بالفعل تسجيله وأصبحت له شخصية حقوقية، وقد قال الهيكل المبارك- شوقى أفندى- إن لهذا الأمر أهمية كبرى، فلأول مرة فى تاريخ هذه العقيدة.. يسجل فرع لها فى بلد يعترف به رسميًا مع أن أصل المحفل فى مؤسسته المركزية بإيران لم يُعترف به ولم يسجل وليست له شخصية حقوقية).
وفى نوفمبر 1957 نشرت المجلة مقالاً لأرملة شوقى أفندى الأمريكية- روحية ماكسويل- قالت فيه: (إن مستقبلنا ودولة إسرائيل كحلقات السلاسل متصل بعضها ببعض). وفى أغسطس 1964 قام رئيس إسرائيل بالزيارة التقليدية للمركز البهائى ونشرت مجلتهم الخبر فقالت: (زار حضرة رئيس الجمهورية الإسرائيلية تصحبه عقيلته ورئيس بلدية حيفا وعقيلته وجمع كبير من المسئولين الإسرائيليين المركز العام البهائى بصورة رسمية. وقدم حضرة الرئيس دعواته وتحياته لجميع البهائيين فى العالم. وبعد استلامه هدية الذات المباركة أرسل رسالة يعبر فيها عن عواطف الصداقة والتقدير التى يكنّها للجامعة البهائية).
مما يثير الدهشة أنه تم الاعتراف فى مارس 1948 بالبهائية كمنظمة من منظمات اليونسكو وحركة تدعو إلى السلام، وسنة 1948 هى سنة إعلان قيام دولة إسرائيل. ولم يتنبه العرب إلى العلاقة بين البهائية وإسرائيل إلا فى سنة 1975 حين عقد مؤتمر عربى لمقاطعة إسرائيل فقرر المؤتمر حظر نشاط البهائيين فى البلاد العربية. وجاء فى أسباب الحظر أن الصهيونية تتستر وراءها وأن فروعها فى أنحاء العالم ترسل أموالاً لدعم إسرائيل ونشاطها العسكرى.
وبعد ذلك أصبح نبى البهائية منذ عام 1950 هو اليهودى الأمريكى ميسون Misson. ودخلت البهائية مصر وتزامن دخولها مع الاحتلال البريطانى وبدأت فى تكوين تنظيمات سرية تمارس نشاطها فى البيوت ولم تكتشف إلا فى بداية الستينات. وفى فترة من الفترات كانت تمارس نشاطها علنا وكان مقر المحفل الرئيسى فى العباسية. وقد استطاع الدكتور عبد المنعم النمر العالم الإسلامى المعروف أن يحصل على بعض كتب وتعاليم البهائية من هذا المحفل بعد أن صدر قرار بقانون بحظر نشاط البهائية فى مصر وتسليم مقرها الرئيسى فى العباسية إلى جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وأقيم حفل التسليم بحضور الإمام الراحل الشيخ محمود شلتوت وعدد من علماء الأزهر كان من بينهم الدكتور النمر. وكانت الكتب التى حصل عليها بعضها مطبوع فى مصر وبعضها مطبوع فى الخارج. وقد اعتمد عليها فى إعداد كتابه (البابية والبهائية: تاريخ ووثائق) الذى صدر فى سنة 1989.
ويشير الدكتور النمر فى كتابه إلى أن حكومة إيران حين أصدرت قرارًا باعتبار هذه الطائفة غير قانونية لتآمرها على نظام الدولة وبدأت هدم معابدهم فى يوم 23 مايو 1955 ومصادرة أموالهم تبين أنهم سحبوا أموالهم من المصارف قبل صدور القرار، وأن المعبد مؤمن عليه فى إحدى الشركات البريطانية بمبلغ مائة مليون ريال إيرانى، وأن الخلايا البهائية فى أمريكا تحركت مع الصهيونية العالمية لإثارة العالم على إيران باسم حقوق الإنسان. وبعد طرد الشاه سنة 1975 حاربت ثورة الخمينى هذه الطائفة، فثأرت محافل البهائية مع الصهيونية العالمية ضد إيران وحكامها، وصدر بيان إدانة من الحكومة الأمريكية ومن منظمات حقوق الإنسان فى أمريكا.
بعد ذلك اجتمعت لجنة حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة فى مارس 1984 وأعربت عن عميق قلقها للانتهاكات المنكرة لحقوق الإنسان التى تمارسها إيران ضد البهائيين. وفى 24 مارس 1984 صدر قرار من المجلس الاقتصادى والاجتماعى التابع للأمم المتحدة بتعيين ممثل خاص لتقصى الحقائق عن وضع حقوق الإنسان فى إيران بالنسبة للبهائيين..
حقائق أغرب من الخيال.. الاستعمار.. الصهيونية.. الحكومة الأمريكية.. منظمات حقوق الإنسان.. الأمم المتحدة.. اليونسكو.. ما معنى كل ذلك؟
وليس ذلك كل شىء.. ما خفى كان أعظم!