أفكـــــــار «القاعدة» وصلـــــت عندنـــــا!

سبق أن حذرنا الباحثون والمفكرون من خطورة تهدد كيان المجتمع اذا لم ننتبه إلى أن شبكة «القاعدة» تخطط للعمل فى جميع الدول الاسلامية وفى مصر بصفة خاصة، وأن أفكار قياداتها واستراتيجيتها تجد من يساعدها بحسن نية أو بسوء قصد بعد أن أصبحت « القاعدة» لا تعتمد على شخص واحد واختفاء أسامة بن لادن لن يعنى نهايتها، وماحدث هو أن هذا التنظيم تحول إلى «حالة عامة» تنتهى إلى تيارات مختلفة حتى ولو لم ترتبط بها تنظيميا.. فالقاعدة على حد تعبير باحث أمريكى هى « أيديولوجيا أكثر منها منظمة».. ايديولوجيا ترفض الافكار والحضارة الحديثة ولكنها تستخدم الأدوات الحديثة.. وليس من الصعب أن تكتشف أن
ما يقوله «بعض» المنتمين إلى جماعات اسلامية فى مصر هو ما يقوله زعماء وأعضاء «القاعدة» فى أفغانستان والعراق و.. و..
الباحثون فى أفكارالجماعات الاسلامية يرون أن المشكلة ليست فى تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن بقدر ما هى فى الأفكار التى كان يؤمن بها أسامة بن لادن تربى عليها آخرون وانتقلت إلى البلاد الاسلامية على أنها هى الأفكار الحقيقية للاسلام وكل ما يخالفها باطل وكفر. وهناك من يرى أن أسامة بن لادن ليس منفصلاً عن الواقع فى المنطقة. إنما هو تعبير عن «تيار» موجود فى المجتمعات وفى الثقافة السائدة فى العالم العربى فأصحاب الفكر الإسلامى المتشدد موجودون فى كل بلد إسلامى وهم فى مصر طبعا والتطرف فى أفكارهم ومواقفهم باسم الاسلام يجعلهم أقرب إلى « الطليعة الثورية» التى تصورها لينين، فهم يرون أن لهم «رسالة» هى تغيير المجتمع تغييرا كاملا شاملا واعادة تربية الناس على مبادئ وعادات وأفكار ومعتقدات مختلفة عما تربوا عليه، لأن التربية فى هذا المجتمع منحرفة عن المفهوم الصحيح للاسلام فى عقيدتهم.. وبذلك فهم يكررون تجربة ماوتسى تونج وهتلر سواء ادركوا ذلك أو لم يدركوه.. وقد أصبح للتطرف الاسلامى أذرع فى كل مكان.
***
وإذا نظرنا الى بعض الجماعات والتجمعات الإسلامية سنجد أنها مثل تنظيم القاعدة مكونة من القاعدة الصلبة ممثلة فى القيادات والدعاة الكبار الظاهرين فى الساحة وهم خطباء كل منصة ومحاورين ومتحدثين فى كل قناة من القنوات الفضائية التى ظهرت أخيرا، وهم أكثر نشاطا من غيرهم، تجدهم فى كل مكان وبعدهم يوجد مئات أو آلاف من الأتباع الذين تعرضوا لتربية وتوجيه دينى من نوع خاص هو أقرب الى عملية غسيل المخ تجعلهم ينطقون بعبارات واحدة يكررونها بفهم أو بغير فهم ويتحركون بالتعليمات دون تفكير أو مناقشة فهم من أهل الطاعة وهم المجاهدون ضد الآخرين وهؤلاء الآخرون كفار ضالون فالكفار منهم يستحقون العقاب والضالون منهم يستحقون الارشاد والهداية وهؤلاء لهم طريقة معينة فى التفكير ورؤية خاصة للعالم وماهو عليه الآن ومايجب أن يكون عليه بعد انتشار وانتصار الإسلام بالمفهوم الذى يؤمنون به وهو مفهوم مركب من كل لون من الوان الفكر المتطرف القديم والمعاصر وهم يؤمنون بأنهم الفرقة الناجية وغيرهم فى النار وكل ما حولهم هو ساحة للصراع بين الحق والباطل وهم على حق وغيرهم على الباطل، وينظرون باحتقار إلى المخالفين لهم وإن لم يظهروا ذلك وإن ادعوا بأنهم يحترمون الجميع.. وأهم ما يميزهم هو «الالتزام» بتنفيذ الأوامر والتعليمات.. الالتزام والطاعة هما السبب فى السلوك الجماعى الذى يتسم بالغوغائية والفوضوية والذى أطلق عليه الدكتور أحمد عكاشة سلوك القطيع وهذه ظاهرة معروفة فى علم النفس الاجتماعى، فلو أن شخصا عابر سبيل صادف مظاهرة أو مجتمعا ووقف معهم فليس بعيدا أن يجد نفسه بعد فترة ينضم إليهم بحماسة ويهتف معهم ويسير وراءهم دون تفكير.. هذه هى «غريزة القطيع» التى يتحدث عنها علماء النفس الاجتماعى.
والخلاصة.. انظروا إلى التفجيرات فى سيناء والاعتداء على أكمنة الشرطة وانظروا إلى المدافع المضادة للدبابات والصواريخ المهربة عبر حدودنا مع ليبيا وانظروا إلى الحرائق والاعتداءات على مرافق الدولة التى تخدم الناس.. وأخيرا انظروا إلى محاولة اقتحام حرم وزارة الدفاع وهى الوزارة المنوط بها حماية البلاد وحماية الشعب هل تجدون شكا فى أن فكر القاعدة وصل إلى بلدنا وربما ايضا وصلت جماعات او افراد يقومون بما تقوم به القاعدة من تخريب.
ماذا ننتظر لحماية البلد وحماية عقول الشباب ونحن نرى الممارسات الدينية تتحول من الوسطية والاعتدال الى التشدد والتطرف والغوغائية ونرى العقل يغيب عن بعض هذه الجماعات ويحكمها الانفعال، ونرى تكفير الفن والآدب ومطاردة المبدعين؟. ماذا ننتظر ونحن نرى بعض المعلمين المتشددين يعلمون التلاميذ التشدد والكراهية ونرى محاولات إعادة المرأة إلى عصر الحريم والتمييز بسبب الجنس والدين؟. ماذا ننتظر؟

 


جميع الحقوق محفوظة للمؤلف