لكيلا ننســــــي
في عام1951 وصل إلي القاهرة عميل مخابرات إسرائيلي بجواز سفر باسم جون دارلنج.. كانت مهمته قيادة مجموعة للتجسس والتخريب مكونة من13شخصا.. وبقي في القاهرة إلي أن أتم الإعداد للتنفيذ.
وفي سنة1954بدأت المجموعة تنفيذ مهمتها.. فقاموا بوضع متفجرات في بعض السفارات الأجنبية ومكاتب البريد.. وفي إحدي محطات السكك الحديدية.. وفي دور السينما.. انفجر بعضها.. وتم اكتشاف بعضها الآخر وإبطال مفعولها قبل أن تنفجر.. وظل الفاعل مجهولا!
وعندما قامت مظاهرات ترفض مشروع الدفاع المشترك الذي قدمته أمريكا لربط مصر باستراتيجيتها الدفاعية.. كان أعضاء هذه المجموعة هم القلة المندسة.. والأصابع الخفية التي استطاعت توجيه المظاهرات إلي المكتب الثقافي الأمريكي والتحريض علي إشعال النيران فيه.. وحقق هذا الحادث هدفه وهو زيادة التوتر في العلاقات بين مصر وأمريكا.
بعد التحقيقات قبضت السلطات المصرية علي11 إسرائيليا بينهم امرأة.. وتمكن اثنان من المجموعة من الفرار خارج البلاد هما جون دارلنج نفسه.. وقد عاد إلي إسرائيل وظهر هناك.. وبول فرانك الذي هرب إلي فيينا.. وقدم أعضاء المجموعة للمحاكمة.. وحكم علي اثنين بالإعدام وعلي الباقي بالسجن.. وانتشرت الفضيحة ولم تتمكن الحكومة الإسرائيلية, من الاستمرار في إنكارها.. وفي القاهرة حكمت المحكمة يوم31يناير1955 علي أفراد المجموعة: الدكتور موسي مرزوق وشموئيل عازار بالإعدام ـ وفيليب ناتانزون وفيكتور ليفي بالسجن المؤبد.. وماسريل نينو( سيدة) وروبرت داسا بالسجن15سنة ـ وماير زعفران وماير ميوهاش بالسجن7 سنوات.. بينما انتحر موسي كرمونة عقب القبض عليه.. وكذلك انتحر ماكس بنت قبل صدور الحكم.. وحاولت مارسيل نينو الانتحار.. فألقت نفسها من نافذة المحكمة وبقيت في المستشفي مدة طويلة إلي أن شفيت وعادت إلي السجن.
وفي سنة1959اعترف فرانك أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية بأن هذه العملية.. نفذت بأوامر من وزير الدفاع اسحاق لافون سنة1954ـ وذلك بعد أن أصدر بن جوريون ـ رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت أمرا بالتحقيق لتحديد المسئول عن كشف العملية.. واستقال وزير الدفاع اسحاق لافون.. والقصة مشهورة باسم فضيحة لافون.
هذه القصة يعلمها جيدا من عاشوا في تلك الفترة.. ويعلمها من يطلع علي الصحف والكتابات الإسرائيلية وغير الإسرائيلية التي تحدثت عنها.. ولكن إسرائيل كالعادة تعتمد علي أن ذاكرة الشعوب العربية ضعيفة. وقد تتمكن من التشكيك فيها, ولكنها مسجلة في الوثائق الرسمية والمحاكمات والتحقيقات الإسرائيلية هذه القصة التي قد لا يعلمها الشباب.
وقد رأينا الجاسوس الإسرائيلي الذي كان يحرض علي التخريب وأحراق المنشآت والسيارات والاعتداء علي أفراد الجيش والبوليس في ميدان التحرير أثناء ثورة25يناير.. وتم القبض عليه وقصته ما زالت في الأذهان والأصوات التي تأتي من إسرائيل تعيد إلي الذاكرة فضيحة لافون.. وقد تكررت ويمكن أن تتكرر كثيرا.. والواجب تحذير الشباب من الوقوع في الخديعة والانسياق وراء الدعوات للتخريب.. لأن من يدعو لتخريب وطنه لا يمكن أن يكون من أبناء هذا الوطن.. أضيف إلي هذه القصة تحريض الحاخام الإسرائيلي شموئيل شموئيل ـ رئيس حركة حماة إسرائيل علي العدوان علي مصر واحتلال سيناء.. وقوله لقد حان وقت العمل في سيناء لأنها لنا نحن.
والحاخام شموئيل من رجال الدين المتطرفين, ولكنه علي أية حال يمثل ـ ويقود ـ تيارا من التيارات الدينية والسياسية في إسرائيل.. وحركة حماة إسرائيل التي يرأسها تقوم بتجميع اليهود من مختلف الدول.. وليس له حديث إلا عن تدمير مصر.
هل نحتاج إلي فتح الملف كله.. أم تكفي قصة فضيحة لافون.. لتكون درسا نتعلم منه.. وليت وسائل الإعلام والمدارس والجامعات تعيد التذكير بهذه القصة.. لكي يكون الشباب حذرا عندما يسوقه البعض إلي التخريب.
والملف فيه الكثير.. أهديه إلي الذين ينكرون نظرية المؤامرة.