ما يصدر من بعض قيادات تيار الإسلام السياسي لابد أن يثير القلق علي مستقبل البلد, فالشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل يرفض قبول حكم القانون وهو رجل قانون ويعلم الناس الآداب والقيم الإسلامية, وهو يهدد ويتوعد إذا لم تمتثل اللجنة العليا للانتخابات وتعلن ترشيحه.
فهل يمكن أن يكون الترشح للرئاسة بالقوة وبالمخالفة للقانون؟ والدكتور محمد مرسي بدأ حملته الانتخابية برئاسة المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين الذي أعلن في أول مؤتمر انتخابي أن الدكتور محمد مرسي بايعه علي السمع والطاعة وأنه يحله من هذه البيعة ولم يعلن الدكتور محمد مرسي تحلله منها, فهل يمكن أن يكون مصرا ملتزما بالسمع والطاعة لشخص مهما تكن مكانته, وحتي لو تحلل من البيعة فكيف يتحلل من التزامه تجاه المرشد العام للجماعة التي ينتمي اليها ويعتمد علي أصوات أعضائها الذين بايعوا علي السمع والطاعة, وهو سيختار مستشاريه ومعاونيه, وربما سفراءه, ومحافظيه, من أعضاء هذه الجماعة..ملتزمون بالسمع والطاعة أيضا للمرشد العام بالإضافة الي رئيس وأعضاء مجلس الشعب ورئيس وأعضاء مجلس الشوري من الاخوان وهكذا يكون المرشد العام هو الحاكم الأوحد لمصر.
قد يفسر لنا اللغز ما أعلنه الدكتور محمد مرسي نفسه في نفس المؤتمر بقوله: ها نحن سنعيد الفتح الأسلامي من جديد, وهذا هو الفتح الأسلامي الثاني لمصر بعد فتح عمرو بن العاص لها. وقوله: إنه سيحكم مصر كما فعل الفاروق عمر بن الخطاب, ثم قول الدكتور صفوت حجازي إن د. محمد مرسي هو الأقدر علي إعادة الخلافة الأسلامية والولايات العربية التي ستكون عاصمتها القدس الشريف!
والشيخ حسن أبو الأشبال ـ أحد قيادات الدعوة السلفية ـ يحرض المواطنين ليلة الهجوم علي وزارة الدفاع عبر قناة فضائية ويدعوهم الي التوجه الي مقر الوزارة ومحاصرتها والقبض علي رئيس وأعضاء المجلس العسكري والحكم بأعدامهم في الميدان. والأستاذ أحمد أبو بركة محامي الأخوان يهدد: (لو لم يعدل المجلس العسكري قانون المحكمة الدستورية سننزل الي الشارع).
هذه أمثلة لأقوال ومواقف تثير القلق بعد ثورة أول أهدافها الحرية, حرية الفكر, وحرية الإنسان في الاختيار, ولا يمكن أن يكون لشخص أو لجماعة سلطة تفوق سلطة الرسول صلي الله عليه وسلم الذي قال له الله لتحديد اختصاصه: لست عليهم بمسيطر فكيف لبشر ـ ليس رسولا ـ أن يسيطر علي جماعة ويريد أن يسيطر علي جميع مؤسسات البلد ويخضع له الجميع بالسمع والطاعة؟.
ويثير القلق ما شاهده الناس في التليفزيون من أحاديث تستخدم آيات القرآن في غير مواضعها ويدعي المتحدثون أن المتظاهرين أمام وزارة الدفاع كانوا واقفين وليس في أيديهم شيء ولا في نيتهم الاعتداء علي وزارة الدفاع ولكن الجنود هم الذين اعتدوا عليهم دون سبب, يا سبحان الله, وكيف ذلك جميع قنوات التليفزيونات في العالم عرضت مشاهد لهؤلاء المتظاهرين وهم يلقون الحجارة علي جنودنا, ويشعلون الحرائق, ويوجهون لهم الاهانات لاستفزازهم بالقول وبالأشارة, وشاهدنا بعضهم فوق سطح مسجد النور وبعضهم يطلق الرصاص من فتحتي المئذنة, فكيف يسمح مسلم لنفسه بأن يدلي بشهادة زور ويدعي أن المتظاهرين كانوا مسالمين وواقفين فقط للتعبير عن رأيهم, وقد شاهدنا من يقطع الأسلاك الشائكة ليفتح طريق الهجوم وسمعنا هدير الغوغاء خلفه الله أكبر وكأن هذه غزوة ضد الأعداء!!
ويثير القلق أن نري من يبرر الجريمة التي حدثت ويقول إن التظاهر يحدث أمام وزارات الدفاع حتي في الدول المتقدمة, وهذا صحيح, ولكن لم يحدث أبدا أن تجمع الغوغاء لاقتحام وزارة دفاع, ولم يحدث أن كان المتظاهرون يحملون الحجارة وزجاجات المولوتوف والعصي والدروع.. ووزارة الدفاع ليست مقرا لممارسة عمل سياسي, وإنما هي مقر إدارة العمليات العسكرية وقيادة الجيوش, فهل كان المقصود التأثير سلبيا علي معنويات القوات المسلحة, أو كسر الأدارة العسكرية المسئولة عن حماية البلاد.
ويثير القلق أن يتباري أعضاء مجلس الشعب من أعضاء الأخوان في إدانة القوات المسلحة لأنها قامت بواجب الدفاع الشرعي عن شرف العسكرية المصرية.
يا عقلاء الأمة اتحدوا حتي لا يتحول القلق الي ما هو أسوأ.