كــــلام غيـــــر مسئول
فى مؤتمر جماهيرى بحضور د.نادر بكار المتحدث باسم حزب النور الممثل للجماعة السلفية، قال الشيخ سيد العفانى أمين الحزب ببنى سويف:(إن المرتزقة من العلمانيين هنعلمهم الأدب، وهنكتفهم فى عمود لحد ما يبان لهم صاحب)!
قرأت هذا الخبر فى صحيفة «روز اليوسف» اليومية (عدد 25 يناير 2012) فأصابنى الذعر، وأضفت إليه ما حدث قبل ذلك من قيام واحد من جماعة السلفيين فى الصعيد بقطع إذن رجل، وقال إنه بذلك يقيم عليه الحد.. ثم ما أعلنه بعض السلفيين من اعتزامهم إنشاء تنظيم للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يسير أعضاؤه فى الطرقات ويضربون من يسير فى الشارع فى وقت الصلاة ولا يكون فى المسجد، والسيدة التى لا ترتدى الزى الإسلامى بالمواصفات التى تحددها الجماعة السلفية.. وهكذا شعرت - كما شعر غيرى طبعا - بالخوف على مصر من أيام سوداء تعود فيها بلادن? الجميلة من القرن الحادى والعشرين إلى القرن السادس عشر!
قبل ذلك شاهدت على شاشة إحدى الفضائيات الدينية واحد من الدعاة السلفيين يقول بثقة يحسده عليها أكبر علماء الشرع:(إن الديمقراطية دين، فهناك دين الإسلام، والديانة المسيحية، والديانة اليهودية، والديانة الديمقراطية، وهى ديانة الكفار والعياذ بالله، فكل من يعتنق الديمقراطية فهو كافر، وكل من يدعو إلى الديمقراطية فإنه يدعو الناس إلى الكفر).. وكدت أفقد عقلى، كيف يقول مثل هذا الكلام رجل يعيش فى القرن الحادى والعشرين ووسائل المعرفة متاحة للمتعلم والجاهل، وفى إمكانه أن يسأل أهل العلم السياسى عن الديمقراطية، وسيكتشف أن ال?نتخابات التى خاضها الحزب السلفى هى من وسائل ممارسة الديمقراطية، والشورى التى أمر الله المسلمين بها (وأمرهم شورى بينهم) هى التى نطلق عليها اليوم الديمقراطية مع ما يناسب العصر، فأهل الحل والعقد يتم اختيارهم بالانتخاب، ولا يجلسون فى (الديوان) ولكنهم يجلسون فى (البرلمان) والقرار يصدر بناء على رأى الأغلبية، ولكن.. اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون.
الغريب أن الهجوم على الديمقراطية تكرر فى مواقع ومناسبات كثيرة مما يدل على أن ذلك هو موقف السلفيين، وعلى سبيل المثال وقف الشيخ على ونيس أحد المرشحين عن حزب الأصالة السلفى فى القليوبية، وقال: إن الديمقراطية حرام وكفر لأنها تعنى حكم الشعب للشعب بينما الحكم لله وليس لأحد سواه، وإن الخروج على الحاكم حرام ولو كان كافراً، وإن الشعب عندما يكون عاصيا يأتى بحاكم عاص، وقد جربنا فى مصر أصحاب الكؤوس فدعونا نجرب أصحاب الأيدى المتوضئة، ووصول السلفيين للحكم سيكون أسلمة للحياة!
تحية العلم حرام
وأمامى كتاب لأحد علماء الأزهر هو الداعية المعروف د. أحمد محمود كريمة، الكتاب بعنوان (السلفية بين الأصيل والدخيل) يشرح فيه الآراء الفقهية للسلفيين ومنها أن المجالس النيابية والمحلية حرام، والقول بحرية الفكر كفر، وتحية العلم صورة من صور الشرك بالله والتحيات لا تكون إلا لله، ويرون من الواجب شرعاً تقصير ثياب الرجال، وتغطية وجوه النساء، وختان الإناث، وكذلك منع رفع الأيدى فى الدعاء، وتحريم الصلاة فى مساجد فيها أضرحة (متجاهلين أن فى المدينة الحرم النبوى وهو مسجد وفيه قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) ويذكر د.أحمد?كريمة أن فى معتقدات السلفية أن الأرض ثابتة لا تدور، وقد سمعت بنفسى المفتى الأسبق للسعودية فضيلة الشيخ بن باز يقول إن الأرض ثابتة وكل من يقول إنها تدور ينكر قول الله بأن الأرض مبسوطة، وكان ذلك منذ سنوات فى مؤتمر للفقه الإسلامى فى الرياض وكان ذلك فى حضور كبار رجال الدولة، وكبار رجال الفقه والشريعة فى الدول الإسلامية!
ومن عقائد السلفية - كما يقول د. كريمة - تحريم الاحتفال بعيد الميلاد، وبالمولد النبوى الشريف، وبالإسراء والمعراج، والاحتفال بشم النسيم وركوب المرأة سيارة مع عدم وجود محرم معها، والنقاب للمرأة المسلمة فرض، وتعدد الزوجات هو الأصل فى الإسلام، والغناء حرام، ولا يجوز للمرأة أن تلبس البنطلون، ولعلنا نذكر الحكم بالجلد الذى أصدرته المحكمة الرسمية فى السودان على إحدى زعيمات الحركة النسائية لأنها لبست البنطلون.
ومنذ فترة أثار الذعر فى نفوس الناس قيام بعض السلفيين بهدم أضرحة بعض أولياء الله الصالحين، ويذكرنا الأستاذ سيد عبد الفتاح فى مقاله بمخالفات السلفيين لنصوص الكتاب والسُنة كما رصدها باحث إسلامى هو د.محمد محمود حبيب، وقد جمعها فى كتاب بعنوان (كشف الغُمة) ومن ذلك قولهم بعدم مشروعية إخراج زكاة الفطر نقدا، وعدم جواز بدء غير المسلمين بالسلام، وإلزام المرأة بالسير على حافة الطريق، وتحريم الثياب ذات الألوان الزاهية على المرأة، وتحريم مصافحة النساء، وتحريم الخروج على الحاكم.
ماذا يقول العالم عنهم؟
يلخص الكاتب الأمريكى الشهير توماس فريدمان رؤية الغرب للسلفيين بأن تركيزهم الأكبر ليس على النهوض بالاقتصاد، وإنما بالتفريق بين الرجال والنساء فى الأماكن العامة، والتركيز على النقاب واللحية، فكيف لهذا الفكر أن يقود مصر لتستعيد مصادر دخلها فى السياحة، وإقناع المستثمرين للمجئ إلى مصر من شتى أنحاء العالم وتقديم أموالهم فى بيئة يسيطر عليها هذا الفكر، وكيف يمكن إقناع الدول بالاستمرار فى تقديم المساعدات المباشرة أو غير المباشرة إلى مصر.. حين تمكنت القوى الخومينية فى إيران انغلقت على نفسها وتمكنت من البقاء اعتمادا ?لى عائدات البترول الضخمة، ولكن مصر ليس لديها هذه الموارد التى تجعلها تتحمل العزلة التى سيفرضها عليها العالم إذا سارت فى طريق يعادى الحرية والانفتاح والحضارة الحديثة، وتنفصل عن الثقافة العالمية وتعود إلى عصر البداوة، كيف سيكون حال مصر والمصريين إذا حدث ذلك لا قدر الله؟