علي مدي‏12‏ عاما ظل الدكتور أحمد زويل يدعو ويكرر الدعوة ويلح ويقابل كل مسئول كبير أو صغير لإقناع الجميع بالمشروع القومي الذي يحلم به ويمثل حلم مصر والمصريين للخروج من عنق الزجاجة الحضارية‏.

ولم يوفق بسبب العراقيل والمراوغات والبيروقراطية وأعداء النجاح, وأخيرا شاء الله أن يتغير الحال وتفتح له الأبواب وتتدفق التبرعات من الشعب بطوائفه المختلفة.

مشروع مدينة زويل العلمية التي تعمل وفقا للأساليب والمعايير العالمية المتقدمة هو جسر للمستقبل, وهو حلم كبير حين يتحقق سيكون نقطة تحول تاريخية في المسار الحضاري لمصر.. فهي مدينة لا تهدف إلي الربح, علي مساحة300 فدان, تتمتع بالاستقلال عن الحكومة, ولها مجلس أمناء من كبار العلماء من الولايات المتحدة وبريطانيا والصين والكويت, وعدد كبير من المصريين الذين قدموا في مجالات العلم إنجازات محل تقدير عالمي, والمدينة قائمة علي منح الفرص لأصحاب المواهب الحقيقية فقط وليس لأصحاب الأموال أو أصحاب النفوذ. وتم تكوين الهيكل الأكاديمي, والهيكل الإداري, وأصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة بيانا رسميا أعلن فيه أن هذا هو المشروع القومي لمصر يمثل طفرة علمية لنقل مصر إلي آفاق المستقبل, ويعمل علي بناء كوادر علمية مؤهلة للابتكار وتطوير الصناعات وإنتاج التكنولوجيا الحديثة, والعمل علي إلحاق مصر بالدول المتقدمة علميا واقتصاديا. وقدم العالم المصري العظيم المقيم في أمريكا الدكتور محمد العريان ثلاثين مليون دولار للمشروع, وتبرع رجل صناعة الدواء الكبير الدكتور حسن عباس حلمي بخمسة وعشرين مليون جنيه, وتبرع مواطنون بسطاء بما يقدرون عليه, وتبرعت تلميذة صغيرة بعشرة جنيهات, والبنوك تتلقي التبرعات ليكون المشروع نموذجا للعمل الجماعي والجهود الشعبية, ربما يذكرنا بمشروع القرش الذي كان الزعيم الوطني أحمد حسين يقوده ويدعو كل مصري للتبرع ولو بقرش واحد من أجل إنشاء مصنع يكون رمزا لقدرة المصريين علي التجمع حول هدف واحد هو إقامة الصناعة الوطنية المصرية والقضاء علي الفكرة المدسوسة التي تدعي أن مصر بلد زراعي فقط وإثبات أن مصر يمكن أن تكون بلدا زراعيا وصناعيا أيضا, واليوم يدعو أحمد زويل إلي أن تكون مصر بلدا علميا يصدر المعرفة والتكنولوجيا ولا يكتفي بتصدير الأرز والقطن والغاز الطبيعي وغيره من المواد الأولية ومصر أولي بها لإقامة نهضتها.. يقول أحمد زويل لقد أنفقنا ثلاثة مليارات جنيه في إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي, وأنفقنا مليارات في إنشاء منتجعات في الساحل الشمالي, ولم نفكر في إنشاء جامعة بالمستوي العالمي, ومدينة بها مراكز متميزة للبحوث العلمية, ولذلك فإن بدء تشغيل هذه المدينة هو تصحيح لخطأ تاريخي تسبب في الجمود الذي أصاب مصر وجعلها تتراجع عن المكانة التي تستحقها, وجعل جامعاتها في آخر قائمة الجامعات التي تضم جامعات دول صغيرة وفقيرة.. والغريب أن أحدا لم يدرك دعوة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان منذ سنوات عن ضرورة وجود إرادة سياسية لدي القيادة العليا للبلاد لتحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي, وهذا ما حققه أيضا مهاتير محمد في ماليزيا.. فكيف رضي القائمون علي أمور البلاد لسنوات طويلة ورضيت ضمائرهم بأن تظل مصر محلك سر.

وكانت إجابة العالم المصري العالمي مجدي يعقوب بأن العلم لا يتقدم إلا في مناخ الحرية.. حرية التفكير والإبداع والبحث, ولا يتقدم إلا بتخصيص الأموال الكافية لأن البحث العلمي مكلف, ويكفي أن ننظر إلي ما تخصصه الدول المتقدمة ـ وحتي ماليزيا والهند وكوريا ـ للبحث العلمي من أموال, ويضاف إلي ذلك ما كانت تعانيه مصر من الجهل وانعدام الشعور بالمسئولية.

إن أحمد زويل تؤرقه المقارنة بين الحالة التي وصلت إليها مصر وما وصلت إليه دول أخري أقل منها, والمصريون الآن في اختبار بعد أن بدأ المشروع القومي الكبير خطوته الأولي علي الأرض, وهو مشروع يتوقف عليه التقدم المصري, والعالم ينظر إلينا ويتساءل: متي يقدم المصريون والعرب أبحاثا لها قيمة علي المستوي العلمي العالمي, ومتي يصدرون مخترعات ومنتجات عالية القيمة, ومتي يشاركون في تصدير المعرفة, ومتي تكون لديهم شركة مثل سامسونج.

ولقد تحدثنا كثيرا وأريقت أحبار وبحت أصوات في الحديث عن أهمية التعليم كمعيار للإصلاح وللتقدم ولتحديث المجتمع, وعن ضرورة إعداد خريجين صالحين لسوق العمل وقادرين علي التفكير العلمي في مواجهة سيطرة الخرافة والجمود علي العقول, ومشروع زويل يمكن أن يحقق ذلك, ويمكن أن يعيد الحياة إلي مراكز البحوث القائمة التي لا تحقق عائدا حقيقيا, ولا ذكر لها في المراجع والمجلات والمجالات العلمية العالمية.

مشروع زويل إذن انطلاقة نحو العالمية, وليت كل مصري يساعده بقدر ما يستطيع, وليت الأحزاب والجمعيات والائتلافات تتجمع حول المشروع كهدف للثورة.