منذ شهور أعلنت مجموعة من شباب ثورة25 يناير عن تأسيس ائتلاف لدعم الاقتصاد المصري وتقديم مقترحات تساعد علي زيادة معدلات النمو, سواء بتطوير سوق المال, او دراسة خفض دعم المواد البترولية والغاز للشركات مع عدم التأثير علي الطبقات الأولي بالرعاية.
, وأيضا دراسة زيادة الدخل الشخصي للعاملين وأصحاب المعاشات بطريقة تحقق العدالة.
مثل هذه المبادرة تستحق التشجيع, لأن هؤلاء الشبان بدلا من أن يتفرغوا للمظاهرات والوقفات الاحتجاجية تفرغوا للتفكير ودعوة المواطنين للتفكير في وسائل تحقيق الزيادة في الدخل القومي وفي موارد الدولة قبل المطالبة بزيادة الدخول, مما يعني أن هناك فريقا أدرك أن زيادة الدخول بدون زيادة الدخل القومي هي نوع من استعجال اللحظة التي تعجز فيها الدولة عن الوفاء بالضروريات وتجد أنها مرغمة علي اعلان الافلاس كما حدث لليونان التي تعيش في أزمة طاحنة اضطرت معها الي فصل عدد كبير من العاملين, وخفض المرتبات والأجور, وزيادة الضرائب, والخضوع لشروط الاتحاد الأوروبي التي فرضها عليها مقابل تقديم قروض قد تساعد علي نجاتها من الافلاس او علي الأقل قد تؤجل هذه النهاية المفجعة.
درس اليونان يجب أن يكون حاضرا في أذهان جميع المواطنين في كل الطبقات والمستويات الثقافية, وهي مهمة وسائل الاعلام ورجال الدعوة. يجب أن يكون واضحا لدي الجميع أنه لم يعد ممكنا أن نعتمد علي المساعدات المالية من الولايات المتحدة لأنها هي الأخري تعاني من أزمات مالية وتحاول حكومتها البحث عن مخارج للانقاذ, وحتي دول أوروبا فهي جميعها تواجه أزمات وصعوبات مالية حتي الدول الكبري مثل ايطاليا وفرنسا واسبانيا وغيرها, وفي نفس الوقت فإن مواردنا الذاتية الآن لاتكفي أبدا لتدبير العجز في الموازنة, فضلا عن اضافة أعباء جديدة الي هذه الموازنة بزيادة الأجور والدخول وتلبية طموحات الطبقات التي عانت طويلا من الظلم والتهميش, ويلوح في الأفق أمل في تحقيق الوعود بتنفيذ مشروع مارشال عربي لمساعدة مصر علي تخطي أزمتها, وهذه مازالت مجرد وعود, ولم تصل الي مرحلة التنفيذ, وهذا ما جعل الحكومة تسعي الي الحصول علي قروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي, وهي قروض قد تساعد علي تغطية العجز في الموازنة هذا العام ولن تكون أمامنا فرصة في الأعوام القادمة للحصول علي مزيد من القروض, وكل هذه القروض تلزم مصر بسداد الأقساط والفوائد, فهي قروض وليست من المنح التي لاترد.. وهذه مشكلة مؤجلة فقط وحل مؤقت غير قابل للاستمرار.. واذا فكرنا في الحل الثاني عن طريق المساعدات العربية فهذه المساعدات لم تصل بعد. وهكذا نجد أنفسنا ليس أمام وقفة مع الصديق هذه المرة, ولكن وقفة مع النفس ليسأل كل واحد منا نفسه, ويجيب بنفسه عن هذا السؤال: ما الحل؟ وماذا علي أن أفعل؟.. وما واجبي للتعجيل بهذا الحل؟.
المسألة ليست صعبة الي الحد الذي يراها البعض مستحيلة.. المسألة أن الآخرين لايساعدون من لا يساعد نفسه, ولابد أن نقوم بواجبنا أولا لكي يتطوع الآخرون لمساعدتنا, وببساطة فإن أي مشروع دولي أو عربي لمساعدة مصر بالقروض او بالمساعدات لايعفي أصحاب البلد من وضع مشروع لبلدهم للتنمية, قائم أولا: علي حشد الطاقات المنتجة في البلد للعمل بأقصي طاقة, وثانيا: بأن يشعر كل واحد منا بأن حشد المدخرات هو الذي يجعل التنمية ممكنة, لأن المدخرات عندنا مازالت أقل مما يمكن أن تكون عليه, والوعي بضرورة زيادة المدخرات لمصلحة الفرد ومصلحة المجتمع, أما العامل الثالث الضرروي فهو اعادة تنظيم الدولة وتغيير مفاهيم وأساليب الجهاز الاداري, بأن يتحقق ذلك بالفعل وليس بالكلام والوعود والقرارات التي لا تنفذ.
من الغريب أن تأتي الدعوة الي التكامل الاقتصادي العربي من الولايات المتحدة التي كانت تعمل بكل قوتها لتعطيل تحقيق هذا التكامل والإبقاء عليه في دائرة الشعارات والأحلام, والجديد أن مساعد وزير الخارجية الأمريكية للاقتصاد والتجارة قال منذ أيام في المنتدي الاقتصادي العالمي( دافوس) في الاردن: إن الثورات العربية أكدت نقص الفرص امام الشباب, ولذلك لابد من بنية تحتية للتكامل بين البلاد العربية للتصدي للشعور بالاحباط الذي أدي الي الثورات بينما الولايات المتحدة تواجه مشكلة في تمويل الاصلاحات في العالم العربي بسبب الضغوط والعجز في الميزانية وتزايد معدل البطالة.
ليس أمامنا إلا طريق واحد: العمل.. الانتاج.. العطاء أولا ثم المطالب.. الواجب أولا ثم الحق.. اسأل نفسك, وأسأل نفسي معك: ماذا نعطي لكي نأخذ؟!