في أحاديثي مع الشيخ الشعراوي سألته عن رأيه في الذين يثيرون الفتنة بين المسلمين والأقباط قال إن رسالة الله للبشرية واحدة, ويحذرنا الله من أن يتفرق المؤمنون برسالاته بسبب اختلاف دياناتهم, لأن الإيمان بالله يجمع ولا يفرق.
وقال: إن الأديان من مصدر واحد, ولها رسالة واحدة, والله يدلنا علي الوحدة في الأديان في أكثر من آية, فيقول سبحانه وتعالي للمسلمين: شرع لكم من الدين, ما وصي به نوحا, والذي أوحينا إليك, وما وصينا به إبراهيم, وموسي, وعيسي, أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ولذلك لا يصح أن يكون بين المؤمنين بالله معارك, فمهما اختلفت دياناتهم أمامهم معركة واحدة مع الالحاد, ولا يصح أن يعطوا للملحدين حجة عليهم, وفي الأديان نقاط اتفاق يجب أن نتمسك بها ونلتقي عليها, وبينها نقاط اختلاف نعرفها والله يحكم بيننا يوم القيامة فيما نحن مختلفون فيه, الله هو الذي يحكم بيننا وليس البشر... ونعمل بالمبدأ الإلهي: لكم دينكم ولي دين وقال: كيف يشعر أصحاب الديانات بالعداوة والله سبحانه وتعالي يقول في سورة البقرة آية(26): إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا, فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
واستشهد بأبيات من قصيدة شعر طويلة نظمها في سنة3491 يقول فيها:
إخواننا الأقباط فيما بيننا
ود قديم ثابت لم ينفصم
وقد وجدت القصيدة في ديوان الشيخ الشعراوي الذي نشرته هيئة الكتاب أخيرا, وقال لي في حديث آخر إنه في صباه كان يحضر مولد السيدة العذراء, وكان أهم احتفال يجمع الآباء والأبناء في قريته دقادوس في الاسبوع الثالث من أغسطس كل عام, ويقال إن العائلة المقدسة مرت من هذه القرية وأقيمت كنيسة العذراء فيها لهذا السبب, وكان أهل القرية ــ مسلمين وأقباطا ــ يحتفلون بهذا المولد الكبير, وكذلك في مولد القديسة دميانة وينطقونها في القرية جميانة وقال: طبيعة قريتنا مثل طبيعة كل المصريين تعرف مقام السيد المسيح والسيدة مريم التي قال الله في ذكرها: يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين. وهذه المكانة العالية تلزمنا, كما يأمرنا الرسول صلي الله عليه وسلم بأن نحافظ علي كنائسهم, وبيوتهم, وأموالهم, وندافع عنهم, كما ندافع عن أنفسنا, لأن المساواة بيننا وبينهم هي شريعة الإسلام, كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم لهم ما لنا وعليهم ما علينا أي لا تفرقة, أما الذين يثيرون الخلافات والنعرات الطائفية, فهؤلاء لم يصل الإيمان إلي قلوبهم, ولا يعملون بما أمر الله لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين, ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم, وتقسطوا إليهم, إن الله يحب المقسطين.
وقوله تعالي:... من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات, وأولئك من الصالحين, وما يفعلوا من خير, فلن يكفروه والله عليم بالمتقين آل عمران311 ــ511.
ومعروف أن الشيخ الشعراوي سافر إلي لندن لإجراء جراحة في أحد مستشفياتها, وهناك خلع الزي الأزهري, ولبس البدلة والكرافتة, وحين نشرت صورته بهذا الزي قال ليس للمسلمين زي خاص بهم يختلف عن أزياء سائر الناس, والسلف الصالح كانوا يلبسون ملابس تأتيهم من الشام, ومن اليمن ومن الهند في قوافل التجارة, ولم يرد في أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم النص علي زي معين للمسلمين, ومن الطبيعي أن تختلف ملابس المسلم في أوروبا عن ملابس مسلمي الصين أوباكستان, وفي لندن كان الجراح الذي أجري له العملية يهوديا, والذي تابع علاجه بعدها طبيب مسيحي من أصل مصري, وأشرف علي العلاج طبيب مسلم رافقه من مصر, وكان الأطباء الثلاثة يجتمعون حول الشيخ, وكأن الله سبحانه وتعالي أراد أن يجعل من ذلك درسا وعظة لنا, وحين سئل عن شعوره قال إنه وجد أن الثلاثة أقرب الناس إلي الله, هكذا كان الشيخ الشعراوي.. فأين هو من دعاة التعصب والكراهية وتشوية سماحة الأديان؟.