هناك وقت للانفعال ووقت للتفكير ووقت للعمل, ولايضمن الوصول إلي الصواب وتحقيق الأهداف سوي الانتقال من مرحلة إلي المرحلة التالية دون الجمع أو الخلط بينهما جميعا.وقد مرت مرحلة الانفعال حيث عبر الشباب بقوة وبوضوح عن مطالبه ووجد تجاوبا واستجابة تجعله مهيأ للانتقال.
من هذه المرحلة إلي المرحلة التالية, أي مرحلة التفكير وهذه المرحلة يلزمها الهدوء والاستماع جيدا إلي مختلف الآراء ومناقشاتها بهدف الوصول إلي مايحقق الهدف ولايتعارض مع المصلحة الوطنية العليا.
وقد توافرت للحوار ضمانات تطمئن إلي ان جدول اعماله يتسع لجميع القضايا الوطنية ابتداء من الاصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية حتي بحث التشريعات والاجراءات الضرورية لتحقيق الاصلاح الشامل, والهدف هو التوصل إلي توافق حول استراتيجية للعمل الوطني في المرحلة المقبلة تشمل تحديد السياسات الاقتصادية والاجتماعية, وخطوات الاصلاح السياسي وكيفية تحقيق الديمقراطية, واطلاق حرية الرأي وحرية الأحزاب, والتنظيمات الشعبية اتحادات الطلاب والنقابات العمالية والمهنية, والجمعيات الاهلية.
ولكي يشارك المجتمع في هذا الحوار ولايكون مقصورا علي مجموعة محدودة العدد, فان الحوار يمكن أن يكون هرميا يجري في القاعدة, وفي القمة في الوقت نفسه, بحيث لاتحرم فئة من المشاركة فيه, مثل ممثلي الشباب الذين قادوا الدعوة إلي التغيير وقدموا نموذجا راقيا للاحتجاج الاجتماعي, ولإعلان الرأي, وممارسة الحق في التعبير بشجاعة ونبل والتزام اخلاقي وسلوكي ولم يحدث ان خرج واحد منهم علي القانون أو النظام أو الآداب, ولم تسجل حادثة أو مخالفة واحدة يمكن ان تؤخذ عليهم طوال مدة احتجاجهم التي استمرت أياما وليالي مما يؤهلهم للاشتراك في حوار عالي المستوي يتفق علي النضج والكفاءة والجدية التي اثبتوا انهم جديرون بالثقة ومؤهلون للإسهام في مسيرة الاصلاح القادمة, ولابد ان يكون لممثليهم مكان إلي جانب قادة الأحزاب الرسمية وتحت التأسيس, ومع ممثلي النخبة المصرية والقادة الثقافيين والفنانين وأساتذة الجامعات وممثلي نقابات العمال والنقابات المهنية وممثلي الجمعيات الزراعية واتحادات الطلاب.. إلخ.
ليس شرطا ان يكون كل هؤلاء علي مائدة حوار واحدة, ولكن من الممكن ان يكونوا مجموعات وفي وقت محدود تكون كل هذه المجموعات قد انهت مناقشاتها وتقدم اقتراحاتهم إلي نائب الرئيس. الفكرة ان تمارس الديمقراطية ممارسة عملية وهذا الحوار هو الفرصة لإثارة اهتمام كل مصري وكل مصرية بمستقبل بلده ونتعرف علي اتجاهات الرأي العام بوضوح وصدق, ويشعر كل واحد انه مسئول, وانه إذا كان من حقه ان يعلن عن الغضب, وان يعلي صوته بالاحتجاج, وان يطالب بالتغيير, فان من واجبه ان يكون إيجابيا, وينشغل بالتفكير فيما يمكن عمله علي أرض الواقع وفي حدود الممكن عمليا, لأن الغضب وحده لايبني المستقبل, والاحتجاج وحده لايحقق الهدف, ولكن التفكير الواقعي والعملي, والتصور الواضح للمستقبل ولما يمكن عمله اليوم ومايمكن عمله غدا وما يمكن بعد غد, هو مايفتح الطريق لتحقيق الأهداف.
الفكرة ان يتقدم ممثلو المجتمع المصري جميعا للمشاركة في هذا الحوار لكي يثبت الجميع انهم علي مستوي المسئولية, واهلا للمشاركة في تحديد صورة المستقبل, وأهم من ذلك ان يثبتوا ان حبهم وطنهم واستعدادهم للتضحية من اجله ليسا مقصورين علي الاحتجاج فقط, ولاعلي إعلان رفض بعض ماهو قائم, ولكن هذا الحب والاستعداد يتجليان أيضا في التقدم خطوة إلي الامام, أي مرحلة التفكير فيما يجب عمله, ووضع برنامج زمني لتنفيذ كل خطوة ومتابعة تنفيذها.. وبذلك يكون هذا الشباب العظيم قد فتح الباب لتدخل مصر منه إلي القرن الحادي والعشرين.