الشيعة والسنة واختلافات الفقة والفكر والتاريخ
محتويات الكتاب
 هذا الكتاب محاولة لفهم الشيعة والسنة وما بينها من اتفاق واختلاف ، ولأنى أعتقد أن جهل كل فرقة بحقيقة الاخرى كان من أهم اسباب الجفوة والتباعد ،وقديما قيل (الناس أعداء ما جهلوا ).

 ليس هدفى من هذا الكتاب الدعوة الى تحويل الشيعة الى سنة ، أو تحويل أهل السنة الى شيعة ، أو توحيد الفرقتين فى فرقة واحدة ، فهذه مسألة عملت فيها عوامل السياسة والمصالح والتاريخ عملها، وتعمقت مع الزمن ولم يعد أمامنا سوى التعامل مع الحقيقة وهى ان أهل السنة والشيعة  جمعيا مسلمون ، ويتفقون فى أصول الدين ،ويؤمنون بالله ربا ، وبالأسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، ولايختلفون على شىء من أركان الاسلام الخمسة ، والاختلافات الفقهية بين الفريقين لاتخرج عن الفروع مما يجوز فيه الاختلاف.

والاختلافات الاساسية بين السنة والشيعة تنحصر فى أمرين أساسين :

الاختلاف الاول : قول الشيعة ان الأمامة ركن من أركان الاسلام وضرورة ملازمة له ،وان الأمامة فى كل العصور والى نهاية العالم لابد ان تكون فى أبناء الامام على بن أبى طالب والسيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنهم 0 وان منزلة الأمام كمنزلة الأنبياء فهذه النظرية تتعارض مع عقيدة أهل السنة الذين يرون أن حكم المسلمين ليس فرضا مفروضا فى سلالة بعينها ، وأن منزلة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لا يماثله فيها غيره، وأن حب آل البيت يملأ قلوب جميع المسلمين سنة وشيعة ، وهذا يعنى أن يقصروا الولاية والحكم عليهم أبد الدهر والى يوم الدين 00 والعصر الحاضر مختلف عن عصر الاختلاف على حكم فى صدر الاسلام أو فى عصر الدولة الاموية أو العباسية . نحن الان فى عصر حرية الشعوب فى أختيار حكامها00 عصر الديمقراطية ،وعن طريق صندوق الانتخابات  وحده يتم اختيار الحاكم وله سلطة سياسية وليست دينية ولقد كان الامام مالك عظيما عندما قال: هم رجال ، ونحن رجال، وكلهم  يرد عليها الأ صاحب هذا القبر ، وأشار الى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فليس لأحد من البشر عصمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ،ولآل البيت الحب والمنزلة الرفعية، وهم فى النهاية بشر ، يسرى عليهم ما يسرى على البشر . الاختلاف الثانى : هو زواج المتعة ، وان كان لدى الشيعة أسانيد يرددونها تفيد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أباحه ولم يمنعه ، فأن لدى أهل السنة أسانيد قوية تؤكد تحريم هذا مدى الزواج، وتجعل شرط صحة الزواج أن يكون بنية التابيد ، أى عقد النية على استمراره مدى الحياة ما لم يجد سبب للانفصال 0 فالشيعة يقولون بسريان أحكام الايجار وبرابطة الزواج ان تكون لقاء حاجة . وفيما عدا ذلك فان الأفكار الشاذة والغربية تاتى تنسب الى الشيعة والموجودة فى الكتب القديمة مثل كتاب ( الملل والنحل) للشهر ستانى ، والتى يرددها البعض حتى اليوم، ليست للشيعة الامامية والزيدية ولكنها أفكار فرق ضالة كانت موجودة فى زمن مضى ،ولم يعد لها وجود فى هذا العصر 0  أما فرق الشيعة التى نتحدث عنها فهم أتباع مذهب الامامية الجعفرية الاثنى عشرية ، ومذهب الزيدية ، والاختلاف بينهما وبين أهل السنة ليس جوهريا سواء فى العقيدة أوالفقة ،وسواء فى العبادات أ و المعاملات0 مع ملاحظة أن الشيعة الزيدية لا يشترطون الامامة من أهل البيت ولا يقرون زواج المتعة . ليس هدفى الدعوة الى ألغاء المذاهب ،أو توحيد المذاهب ، ولكن هدفى أن يسود الفهم والتفاهم ، والقبول بين اهل الذاهب الاسلامية ما دام الاتفاق بينهما على أصول الدين كاملا" . ومن قراءة التاريخ نكتشف أن الشيعة فى الاساس لم تنشأ مذهبا دينيا له فقه مستقل ، ولكن النشأة كانت لأسباب سياسية 0 والاختلاف كان حول من الأحق بالحكم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، الأمام على وبعده الأمام الحسين ثم أهل البيت ، أو الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان ، مع ملاحظة أن الامام عليا أعطى البيعة للثلاثة وكان لهم ناصحا ومعينا 0 وهذا يتكرر فى التاريخ كثيران أن الأتباع أكثر تعصبا من صاحب القضية نفسة 0ومع ذلك فان الامر كله انتهى مع الزمن ، فلم يعد الامام على كرم الله وجهه موجودا لكى نرد اليه حقه فى الخلافة حتى وان كان التنبى صلى الله عليه وسلم قد نص على حقه فيها0ولم يعد أمامنا الا نترك الامر لله يحكم فيما كانوا فيه يختلفون 0 كذلك فأن أهل السنة اليوم ليسوا أتباع أبى بكر وعمر وعثمان أو معاوية ولم يبايعوا أحد منهم 0 نحن أمام شعوب مختلفة ، ولم تعد قضايا القرون الماضية هى قضايا اليوم ، ولا ينبغى أن يقف التاريخ الاسلامى عند واقعة واحدة لايتجاوزها . هذا ما يدعو الى الحوار بين أهل السنة والشيعة ليس بقصد التوحيد ، ولكن بقصد التفاهم والتعايش ، لان الجميع يستظلون بظلة واحدة هى الأسلام ، ويكفى السلام ما يتعرض له من حملات التشويه والعدوان مما يفرض على عقلاء الأمة السعى الى التقارب على الاقل ، ان يكن التوحد ممكنا . ولقد حاولت ان أعرض بحياد وموضوعية نظرية الشيعة ، بقدر ما أتيح لى من مراجع ، ولا أدعى أن عملى هذا بلغ الكمال ، وربما أعود فى طبعة قادمة الى مراجعة ما كتبت بالأضافة أو التعديل فى ضوء ما يتاح لى من مصادر ومراجع جديدة، وفى ضوء لقاءاتى وحواراتى المستمرة مع الأصدقاء فى كل المذاهب . وسيلاحظ القارىء بعض التكرار فى مواضع رأيت أن التكرار فيها ضرورى حتى لا يختلل سياق الموضوع ولا أضطر الى أحالة القارىء الى صفحات سابقة. وأرجو أن يكون التكرار فى الحدود اللازمة وألا يضيق به القارىء. وقد يلاحظ القارىء ايضا أن هناك اختلافات داخل مذهب الشيعة الامامية ايضا ، وأرى أن ذلك دليل على أن الفكر داخل هذا المذهب ليس فكرا واحدا"، وأن فيه اجتهادات مختلفة وتعددية ، وفيه أيضا مراجعتة من بعض علمائه تتضمن تراجعا عن بعض الافكار التقليدية القديمة ، وهذا ما يمكن اعتباره تجديدا فى المذهب الشيعى يقربه أكثر من مذاهب لأهل السنة0كما سيلاحظ القارىء أنى دعوت الى حوار أهل السنة والشيعة ، لأننا فى عصر الحوار ، وهناك حوار بين الأديان يجرى فى أنحاء مختلفة من العالم ، فكيف لايكون هناك حوار بين أبناء الدين الواحد ، ومع افتراض ان بعض الاختلافات لايمكن تجاوزها أو القضاء عليها فهذا أيضا لا يمنع الحوار 0 والاختلافات بين أتباع الدين الواحد ليست مقصورة على المسلمين وحدهم ، ونحن نشهد الخلافات بين اتباع الكاثوليك والبروتستانت والارثوذكس وهم جميعا أتباع دين واحد ، وبينهم حوار ويضمهم كيان واحد هو مجلس الكنائس العالمى ومجلس كنائس الشرق الاوسط 0الحوار وليس الجفاء ، هذه هى الرسالة التى أردت أن تصل الى المسلمين من خلال هذا الكتاب . وأدعو الله تعالى ان يساعدنا على تصفية القلوب والضمائر ، والعمل بما يرضاه وليس بما يرضينا ، والسعى الى التقريب وليس التباعد ، تنفيذالأمره تعالى :( وأن هذه أمتكم أمة واحدة") سورة المؤمنون الآية 25 0

وبالله التوفيق
 المقدمة

قصة الشيعة

ماذا فى فقة الشيعة

لمصلحة من نهدم الجسور؟

خلافات أهل السنة والشيعة

الامامة والتقية والمتعة

المتطرفون أساءوا الى الشيعة

أفكار أساءت الى الشيعة

غلاة الشيعة

الاجتهاد عند الشيعة

الشيعة كما يرأهم اهل السنة

أئمة السنة يدافعون عن الشيعة

أهل السنة كما يراهم أهل الشيعة

تجديد المذهب الشيعى

نظام الحكم عند الشيعة

الاقتصاد الاسلامى بين أهل السنة والشيعة

التقريب ممكن أو مستحيل ؟

خلاف فقهى أم صراع سياسى

الخاتمة 

 
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف